وانت تتجول في شوارع مرتيل ليلا ينتابك احساس بغربة الانتماء الى مدينة انت ايها الحالم يوما بموطن تعيش فيه يشبهك وتشبهه.الاضواء الكثيفة تتلألأ بشكل صارخ من اعمدة فارعة كالنجوم في سماء ذات ليلة مقمرة،السيارات تجوب الشوارع متزاحمة تحدث اصواتا صاخبة كانها في استعراض لاينقطع طوال الليل ،محلات تجارية تبيع كل شيئ من الطماطم المعلبة الى السجائر المهربة الى جانبها تختبئ اكشاك تعرض القشدة والشكولاطا في الواجهة وتبيع في الخفاء الحشيش والاقراص المهلوسة،وجوه شاحبة تتكلم لغة غريبة عن لغة التراب التي تسير عليه تخرج كالفئران ذابلة الاعين والوجنتين من جحور تقدم لزبنائها الشيشا والمعجون،على قارعة الطريق تصطف بنات في عمر الزهور تعرضن افخادهن العارية الموشومة بثقب اعقاب السجائر ينتظرن زبونا قد ياتي اولا ياتي ،مقاهي تظل مشرعة ابوابها حتى الفجر لزبائن متسمرين حول موائد القمار تحرسهم اعين الامن التي لا تنام الا وقد عادت ادراجها مثقلة بغنائم الليل المرتيلي الذي لا ينتهي الا على خروج اطفال قاصرين يتزحلقون على عجلات حديدية يجوبون الشوارع بسرعة فائقة ربما قد يكون انا اوانت طريدتهم المفضلة .من بعيد عندما يخيم الصمت تسمع صرير الحبال تجر الى الاعلى دلاء الاسمنت والاجر حيث شيدت وراء بحيرة الديزة مدينة تسائل ضمير التاريخ المحلي ،تاريخ مدينة كنا نحلم ان تظل عصية عن الاندثار مثل برجها الازلي،مدينة كنا نظن الى وقت قريب ان اغراسها التي كانت تثمر غلالا تكفينا ونصدر فائضها الى جيراننا ،وان مرفئها الذي كان يستقبل السفن البحرية والتجارية لن يتحول الى مجرى للغائط الذي ينتهي مدفونا في البحر.وتلك الازقة المثقلة جدرانها بملوحة رياح الشرقي كانها تبكي توقف قرع اجراس الكنيسة وصوت طلبة مسيد مسجد الواد تنادي ايها الحالمون مدينتكم سرقت منكم واصبحت تحكمها الاشباح.