لن أتكلم عن علامات الوجه أو خطوطه وحركاته. لكنني سأحاول قدر المستطاع الاقتراب من هذا الوجه في تحايلاته، بمعنى عندما أرسل عبر الميسنجر صورة للجسد بلا وجه. ماذا أعني!؟... إن المسألة تضعني أنا المرسل في حيرة: جسد بلا وجه، أو لنتقدم قليلا في المقاربة، بلا رأس. لأسأل الآن: لماذا طالبت سالومي برأس يوحنا، لأنها كانت تحبه، وتريد الانتقام منه، إنها تريد أن تفصل رأسه عن جسده، لتجعله أضحية، لتداوي الجرح، لتتطهر من الحب، وتدوس عليه بحذائها. إن قطع رأس يوحنا، معناه قطع كبرياء يوحنا: تركيع الكبرياء، وتحقيق النصر، ولكن هل تحررت سالومي من ذلك الحب الدفين. في قصة النبي يوسف، ثمة انتقال من الوجه- الرأس إلى الأصابع،فزوليخا قتلها جمال النبي يوسف، وأحبته، ورغبت في أن تعاشره، لكنه امتنع. كان بوده أن يبادلها الحب، لكنه امتنع، وأصبحت هي أضحوكة، وسيرتها على كل لسان. لماذا امتنع النبي يوسف عن ذلك!؟... هل هو الخوف؟..، لا، ليس الخوف، إنه الكبرياء، لكن زوليخا استدعت النساء لمجلسها، وجلب خدمها التفاح والسكاكين، وعندما دخل النبي يوسف انبهرن بجماله، وقطعنن أصبعهن، فالجمال مخيف، مغوي، ممتع، إنه الكبرياء. إن عملية القطع هي ذاتها: قطع الأصابع، قطع الرأس، وقطع الوجه في الصورة. فأن تفصل وجهك عن جسدك، معناه أنك تمظهر كبرياءما، لاخوفا من أحد. والكبرياء سمو، وفصل الوجه عن الجسد معناه أن لا أظهر أهم عضو في الوجه: العيون، والعيون تفضح: ففيهما يتمظهر الحزن، والفرح، والكبرياء. عندما نغطي عيون المجرم، نخفي حكاية جرمه، لانفضحه، ونقع في حيرة. الوجه مرآة الروح، والعيون خيوطها.