يعرف مفترق الطرق الكائن بين شارع الجيش الملكي و سانية الرمل أو ما يعرف ب"الرتاحة" ، و بالضبط قرب مركز تعلم اللغة الإنجليزية ازدحاما لا مثيل له كل ليلة خصوصا بعد خروج التلاميذ من هذا المركز. المنظر بصورة شاملة يوحي بانطباع مريح لساكنة تعيش رخاء جيدا. منبعث من روائح الفتيان و الفتيات العطرة، و مظاهر الترف على أغلبهم ممن يوصلهم الآباء في السيارات الفخمة لغاية المعهد، و كذلك بمنظر العديد ممن يمتطون الدراجات النارية، لكي" يبانوا" كما نقول بالعامية على بعضهم البعض، ناهيك عن اللباس الجميل، و تسريحات الشعر، و اقتناء العديد من المأكولات الجاهزة… و هذا كله يتطلب بطبيعة الحال ميزانية محترمة. كل ما سبق ذكره و غيره مما يصوره سيناريو التحضر هذا جيد، لكن المقلق في الأمر أن العديد من هؤلاء الشباب لا يسلمون من ترويج بعض الآفات بينهم و الدليل ارتكان بعضهم في زوايا خلف هذا المركز، و تبادل الشتم و الكلمات النابية بين أغلبهم بسبب أو بغيره لدرجة وصول الأمر لاشتباكات بالأيدي و حتى بالأسلحة البيضاء، فيتدخل المارة كطرف فض هذه النزاعات في أغلب الأحيان ، و هذا ما يستوجب توفير الأمن اللازم في هذه المنطقة كي لا تكون بؤرة للفساد الخامد، و الذي يتخمر في صمت ليدمر العقول الذاهبة للتحصيل و العلم. صورة التحضر التي غابت من وسط المدينة كما عهدناها وانتقلت لساحة الجلاء توحي للعديد منا بالارتياح و الاطمئنان . لأن في هذا الاختلاط- في حدود الآداب العامة و المتعارف عليها بطبيعة الحال – منفعة لهذا الجيل كي يفتح آفاقه الفكرية و يتبادل الآراء و ينتفع ببعضه البعض، و يصقل مواهبه، و يطور نفسه. مادمنا في زمن غاب منه التلاحم و التآزر حتى داخل البيت الواحد، من جراء غزو العولمة و انهماك الآباء في أعباء الحياة المادية، حتى أصبحت عقول الأبناء فقيرة معرفيا و تواصليا. و إن تواجد مجال لهذا فيجب على الأقل مراقبته و التصدي لمن يريد تسريب الفساد إليه لتحصينه و تحصين حياة و فكر أبنائنا منه. هي دعوة صريحة لتكثيف الجهود من طرف الساهرين على أمننا لحماية هذا الجيل مما يكمن أن يحدق به من خطر. و لعلها المناسبة لتوظيف المثل القائل:"الحضا غلب القضا"…