كتب : يوسف بلحسن الكوارث لا تأتي مفردة، والأخبار المبكية عادة ما تتناسل مثل الفقعات فوق بركة مائية، عشية ممطرة،ولكن بعض الأخبار تحمل في طياتها بكاء سخريا.. "طيب بلا فلسلفة وادخل في الموضوع كووووود.." لنحكي أولا قصة الفقيه الذي بعدما صلى الفجر بأناس الأبهة ،انتظر طويلا بباب المسجد عل أحدهم يحمله في إحدى السيارات الفارهة لمنزله . ولكن الجميع انصرف لشأنه بعدما ودع الفقيه المنتظر بباب الجامع توقف المطر ليسير إلى بيته قدما قدما..إلى أن توقف بجنبه سكير وعرض عليه حمله بسيارته إلى سكناه ولإكمال حسناته اشترى له كيلو لحم ،ثم طلب السكير من الفقيه أن يدعو له بالصلاح فقال له الفقيه: الله يخليك على حالتك… أو قصة ذاك اليهودي الذي جاء عند مسلم وطلب منه أن يدله على شرائع الإسلام ليسلم فما كان من المسلم إلا صعب له الأمر، بكثرة الفرائض والسنن والمستحبات ونصح اليهودي بأن يظل على دينه أفضل له ….صديق المسلم الذي كان يستمع للحديث بتمعن تساءل باستغراب لماذا صعبت على الرجل دخوله الاسلام فرد عليه:إنه يهودي اتركه يدخل جهنم . وبالعودة الى موضوعنا : ما الذي دها ذاك الصلعوك الساخر البريطاني صاحب النكتة الطريفة لاعتناق ديانتنا؟ وكيف تحرر من كل تلك الحمولة الزاخرة بثقل الفكاهة الجنسيةCHISTES VERDES ،ليصطف إلى جانبنا محملا نفسه مسؤولية ربط لسانه والكف عن التهكم الساقط وعدم التفوه بالألفاظ الساقطة؟وهل السخرية الناجحة إلا لفظا ساقطا ونكاية بالخصم بكل ما أوتي المرء من سفاهة –(حتى يبرد على قلبه) وقد يقول قائل أن تراثنا الشفهي والكتابي مملوء بمثل ذلك ولعل لنا في مقامة الهمداني"الدينارية" وما دار فيها من سباب وشتم بين الصاحبين من أجل دينار فقير، أبرز دليل على أن ثقافتنا العربية حبلى باللفظ الساقط…ولكن علينا أن نميز بين الثقافة والفكر/الدين، لأن الذي وقع" لمستر بين" البريطاني هو أنه انتقل -حسب مواقع الفايس- إلى ديانتنا لا إلى ثقافتنا..يعني أنه وكما عايشنا مع غيره من النصارى الذين اعتنقوا ديانتنا-مثل مغنية الراب الفرنسية ديامس DIAMS- فقد أصبحوا مثالا لأخلاق لا نحملها نحن الذين ترعرعنا في هذا الدين، وتحولوا بعد تلك اللمسة السحرية لكلمتي الشهادة إلى رجال ونساء صادقين قولا وفعلا يطبقون "الدين الجديد" تطبيقا حرفيا ويعطون نموذجا نعجز نحن عن تقليده.وعليه فإن المدعو "مستر بين" وادا ما ثبت بالفعل انسلاخه عن دين أجداده وانضمامه لكوكبة الفتح.يكون قد خطا خطوتين إلى الأمام لصالحه، وخطوة إلى الوراء لعشاق فن الفكاهة، ويكون العالم قد فقد نقطة مهمة في"مقابلة مصيرية" بين دعاة الحداثة والتحرر من الانغلاقات والمكبوتات الفكرية والخرافية المرتبطة بالدين وبين المؤيدين للفكر الظلامي –مثلي- بكل حمولاته وتشعباته وأساطيره…وسنرى في الأيام القادمة كيف ستنتهي هذه الرواية.