على خلاف البلدان المتقدمة التي تخصص جزءا هائلا من مواردها من اجل حماية آثارها التاريخية و رصيدها الحضاري الذي يحفظ ذاكرتها و عراقتها الفكرية و الروحية ، و ضدا على بنود الاتفاقية الدولية لعام 1972 الصادرة عن اليونسكو لحماية الاثار العتيقة التي تعد موروثا انسانيا ، نجد ان الذي يحدث بمندوبية الاوقاف و الشؤون الاسلامية بمدينة شفشاون أمرا يندى له الجبين في بلد تتجه فيه السياسة الرشيدة لعاهل البلاد أمير المومنين و حامي حمى الملة و الدين جلالة الملك محمد السادس نصره الله الى الصيانة و المحافظة على الموروث التاريخي و حماية الخصوصية المغربية خاصة حماية كل ما يتعلق بمؤسسات الدينية التي تنشر الاعتدال و عقيدة الامة الوسطية و قيمها الروحية السمحة المتمثلة في الفقه المالكي و عقيدة الاشعري و التصوف السني للإمام الجنيد السالك . فقد عمد مندوب الاوقاف بمدينة شفشاون السيد (م .م ) في بادرة غير مسبوقة الى قطع كل مخصصات الاحباس الموجهة للإنفاق على مسجد الشرفات خصوصا على طلبة العلم فيه بهدف محاربة دور التعليم العتيق و الاشعاع العلمي و الروحي الذي ما فتئ المسجد التاريخي المذكور يحافظ على مسيرته منذ ان تأسس زمن الفتح الاسلامي على يد بانيه القائد العسكري طارق بن زياد حوالي سنة 80 هجرية . و السؤال الذي يطرحه حماة التعليم العتيق و الاثار الحضارية و التاريخية بجهة طنجةتطوان هو ما اذا كانت هناك بواعث معينة تحمل المندوب المذكور على العمل بخلفية عدائية لطمس اشعاع احدى المؤسسات العلمية و الاثار الروحية التي هي مفخرة في تاريخ المغرب يزيد عمرها على 13 قرنا حافظ عليها المغاربة لأجيال و قرون عديدة ، و أوقفوا عليها من الاحباس ما يكفل استمرارها و بقائها الى قيام الساعة .. فمتى اذن ستتدخل وزارة الاوقاف من اجل حماية الآثار العلمية و المعالم التاريخية التي تقع تحت نفوذها بمنطقة جهة طنجةتطوان و انقاذها من تسيب الجهات التي لا تقدر قيمة المكتسبات التاريخية للأمة و لا تحسن تدبير موروثها الروحي و الحضاري و الحفاظ عليه ؟