كان أبو المساكين جعفر بن أبي طالب (ض) يسير على ناقة له فاستوقفه سائل وطلب إليه أن يعطيه من ماله، فنزل جعفر من على الناقة وأعطاها للسائل بما عليها، وكان عليها أربعة آلاف درهم، وسيف من سيوف علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. فقيل له: لقد أسرفت في بذل المال. فقال جعفر رضي الله عنه : إن الله قد عودني أن يجود علي، وعودته أن أجود على عباده، فأخاف أن أقطع أنا فيقطع هو عني. وجاء رجل إلى أبي حازم رضي الله عنه فقال له : ما شكر العينين ؟ فقال : إن رأيت بهما خيرا أعلنته وإن رأيت بهما شرا سترته. قال الرجل: وما شكر الأذنين ؟ فقال أبو حازم : إن سمعت بهما خيرا وعيته، وإن سمعت بهما شرا أخفيته. قال الرجل: فما شكر اليدين ؟ فقال أبو حازم : أن لا تأخذ بهما ما ليس لهما، وأن لا تمنع حقا لله هو فيهما. وجاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه فقال: إني مسرف على نفسي فأعرض عليّ ما يكون لها زاجرا ومنقذا.فقال إبراهيم: إذا استطعت أن تفعل خمسة أشياء فإن معصية الله لا تضرك ! قال الرجل: وما هي يرحمك الله ؟! فقال إبراهيم: لا تأكل من رزق الله، ولا تسكن مكانا من بلاده، واعصه في مكان لا يراك فيه، وإذا جاءك ملك الموت فقل له : أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله صالحا. وإذا جاءتك زبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النار فلا تذهب معهم ! فقال الرجل: وكيف أستطيع ذلك يا ابن أدهم ؟! فقال إبراهيم: فكيف يا هذا تطلب النجاة ممن بيده الرزق، وله المشرق والمغرب، وله الأمر كله، ويعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور ؟! فبكى الرجل بكاء شديدا وتاب إلى الله توبة نصوحا، وصار من الصادقين. وقال التوزي: رأيت رجلا وامرأة بمكان خال في ليلة مظلمة.. قال الرجل للمرأة : أما من سبيل إليك ؟ فقالت المرأة : انظر، هل يرانا أحد ؟ قال الرجل : ما ترانا إلا الكواكب. فقالت المرأة : فأين مكوكبها ؟ فانصرف الرجل مشدوها مذهولا باكيا يصيح، فأين مكوكبها..فأين مكوكبها.. فأين مكوكبها ؟ وبعد، فإن تذكر (مكوكب) الكواكب، الله جل جلاله، خالق السموات والأرض، الذي يعلم السر وأخفى، إن تذكره – جلت قدرته – هو الذي يمنع الحاكم من أن يظلم، والغني من أن يبخل، والعالم من أن يمتنع عن تعليم غيره، والمرأة من أن تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، والغضبان من أن يفلت لشيطان نفسه العنان… أجل إن تذكر عظمة الله وجلاله وسلطانه وقدرته، هو العاصم لمن أراد أن يثبت في ميدان الطاعة طاعة الله عز وجل، وهو الملاذ لمن أراد أن يفر من دل المعصية وظلامها وجحيمها. والله الموفق 24/01/2010