وفي الليلة الثانية تواضع الكل ، ليفتح المجال أمام الطرب، وقل الكلام بشكل لافت وحده العود، عاد ليفرض ذاته ككيان مستقل لا يحتاج الى تقديم…تمعنا وعشنا ساعات النشوة وطربنا حتى الثمالة من مزيج شراب مصري ايراني مغربي …عاد العود الى عرشه وسكت الشهرزاد وخيرا فعل. وعلى عادة الأعراس الكبرى وحتى لا يقال اننا نسينا "أم الدنيا" كان البدء في الليلة الثانية من نصيب أبناء الاهرامات، امتطى داك الفتى المسمى محمد أبو ذكري ومجموعة الحجاز مقدمة العرض وتسلطن رغم حداثة سنه وبدا لي من سقف الطابق الثاني (حيث هربت من وشوشات و همسات رجل لفتاة وحديث شيوخ خراج السرب…)نمودجا مصغرا "للشامة نصير" وكيف لا وهو الذي افتخر بانتمائه لمدرسة هذا العراقي النادر مثيله… وصلات رائعة و وربط لفن راقي بقضايا أمة :قطعة 25 يناير ،تذكر بأن العود له كذلك يد ووصلة في ربيعنا العربي ،وتقول أن أصحاب الذوق المرهف هم كذلك أصحاب ثورة ونفس اليد التي تحمل حجر الثورة تحمل "نوطة" أشد وقعا من وقع المهند… وعلى عادة التطاونيين وبتصفيق حار ودعنا أهل القاهرة لنستقبل فرسان ايران…في معبد الموسيقى تغيب خلافات السياسة ولا يحضر الا الوجه المشرق لايران الموسيقة، ايران الجمال الروحي…وقع "مجموعة طرب ايران"كان كبيرا وخطابها الروحي كان عميقا بشكل ملفت، لغة العود الايراني"وأعوانه"من الالات المصاحبة فعلت فعلتها في الحاضرين فلم يتوقفوا عن التصفيق ..لم يتكلم أحد منهم -على عادة الاخرين -لم نسمع ولو كلمة واحدة بالفارسية أو العربية.. فقط عود وطرب وثمالة… كان اختيار المجموعة للحضور لمهرجاننا هذه السنة في محله وأكثر ..برافو …وبتواضع العمالقة نزل أعضاء الفرقة الايراينة ليمنحوا نصير شمة وردة عرفان وشكر…ايران /العراق توحدا في مملكة العود، وتطاون شاهدة… وختام الليلة الثانية مسك :صعد المغربي السوسي بلباس الصحراء ضمن مجموعته" محمد الأبيض"، عالج نصوصا تراثية سوسية بهندام العود وفتح الأفق عاليا في مزيج الاصوات واستطاع أن يفرض وجوده رغم تأخر العرض، ربط الحاضرين الى كراسيهم ,أطربنا جميعا وكان في الموعد بالفعل (عكس مغربيينا الاخر ليلية البارحة).أكد ان الموسيقى الواصلة بين الثرات المحلي والعالمية تصل الى القلوب أكثر من اي إنسلاخ…الأبيض فعلها في تطاون ونقش له اسما بيننا،لنستمع له أكثر ولندعوه لمرات اخرى…وهذا كان ختام الليلة الثانية، الليلة التي عاد فيها السلطان ليتربع على عرشه. …في انتظار اكتمال البدر ، ليلتنا هاته ،وصعود إمبراطور العود ، ذاك الذي يسمى هنا وهناك :مارسيل…فإلى الموعد.