الطبقة العاملة المغربية لم تحقق استقلالها الاديولوجي والسياسي والتنظيمي بل بقيت موزعة الولاءات وعاجزة على الاضطلاع بالمهام التاريخية المطروحة عليها … ان تكوين حزب الاستقلال ونهاية الحرب العالمية الثانية من جهة وتغير سياسة حزب الاستقلال اتجاه النقابات من جهة ثانية كلها عوامل ستؤثر على تطور وعي الطبقة العاملة وعلى مسار الحركة الوطنية كذلك ، وهكذا فان دخول الطبقة العالمة معترك النضال الوطني سيحول حزب الاستقلال من حزب إصلاحي للأطر الى حزب جماهيري، اد ارتفع عدد المنخرطين في الحزب من سنة 1947 الى سنة 1952 من 3000 الى مائة الف عضو حسب "لاكوتير".. حيث ان المرحلة الأولى من معركة التحرير الوطني تميزت بعد فشل الثورات القروية المسلحة ضد الاحتلال بانتشار الدعوة الوطنية عن جماهيرية البرجوازية الصغيرة في المدن التقليدية وانتقلت الحركة الوطنية كما وكيفا إلى تطور جديد اثر الحرب العالمية الثانية ، بعد أن انخرطت فيهاافواج الكادحين المكدسين في الضواحي الفقيرة والمسماة بمدن القصدير فقد كان للنمو السريع في قطاع الصناعة الاستعماري نتيجة ايجابية هي نشوء طبقة عاملة ما فتئت ان تسربت اليها تنظيمات الحركة الوطنية على حد قول " المهدي بن بركة" والظاهرة التي يجب ان نلفت النظر اليها هنا هي ان البعض كان في اغلب الاحيان ينظر الى هده الانخراطات الجديدة في صفوف الحركة الوطنية مجرد نظرة عددية ولم يكن يعتبر تلك الجماهير سوى وسيلة جبارة للضغط على المستعمرين بينما كانت هده الجماهير تشكل بحكم تركبيبها التحالف بين العمال والفلاحين المطرودين من الارض والنازحين الى مدن القصدير وبقي قسم في القيادة الوطنية غير واع للمعنى العميق لهدا التحول الكيفي ولما كان ينبغي ان ينتج عن تحول في الاهداف وأساليب النضال ومن هنا ندرك الاسباب العميقة لكثير من التطورات في الحركة الوطنية …وفي ظل هده التطورات سيتم تكتيف الدعاية والنشاط الوطني في صفوف الطبقة العاملة من التركيز على تحسين الاوضاع الى النضال من اجل الاستقلال بالإضافة الى ترسيخ الفكر والاديولوجية ومن تم الوعي الوطني في صفوف الطبقة العاملة و على امتداد هده المرحلة كانت الطبقة العاملة تحت الهيمنة الاديولوجية السياسية والتنظيمية للبرجوازية المتوسطة من خلال انخراطها في صفوف حزب الاستقلال او تحت تاثير نفود البرجوازية الصغيرة بانضمامها وتعاطفها مع المقاومة وجيش التحرير…. وعلى هدا النحو لم تبلغ " الطبقة العاملة " خلال فترة الحماية مرحلة الوعي الطبقي ولم تصبح الطبقة لداتها بل تحررت من الوعي الفلاحي "8″ ، لتسقط تحت هيمنة الطبقة العاملة الفرنسية ونقاباتها في البداية ولم تتجاوز تبعيتها لهده الاخيرة الا لتنخرط بحماس في النضال الوطني بقيادة البرجوازية المتوسطة والصغيرة وانوعي " الطبقة العاملة " الوطني قد احبط مخططات الاستعمار وادى الى تبخر كل الاوهام التي كانت الاقامة تغديها حول امكانية استعمال " الطبقة العاملة " للضغط على الحركة الوطنية البرجوازية … ان مرحلة المطالبة بالاستقلال وتأسيس المقاومة وجيش التحرير من فترة اواخر الاربعينات وأوائل الخمسينات كانت تتميز بارتباط الحركة الوطنية بحركة الجماهيرية في المدن والقرى في عملية المقاومة من اجل الاستقلال ودلك على الرغم من ان الصراع كان حاضرا داخل الحركة الوطنية حيث برزت الحركة العمالية كقوة لها اهميتها في النضال الوطني والصراع الاجتماعي ومعنى هدا ان الحركة الوطنية لم تعد حبيسة المدن والقرى والقاعدة الحزبية وحدها ، بل اعتنت بمساهمة المقاومة وجيش التحرير " امفي عدد 22 ابريل 1979.. غير ان الحركة الوطنية في هده المرحلة اكتست طابعا عنيفا بعد انخراط " الطبقة العاملة " الحديثة التكوين في الصراع 1945-1950، وأصبحت حركة جازفة عندما ارتبط نضال الجماهير الحضرية بنضال الجماهير القروية 1950-1955 " البير عياش" المغرب حصيلة الاستعمار ص 297 وبكلمة موجزة يمكننا القول ان الحركة الوطنية كانت تحتوي على حركتين متوازيتين وبقدر ادراك الجماهير الكادحة لاديولوجيتها الخاصة بها كطبقة ثورية ن استطاعت الحركة الوطنية ان تكسب من هدا الدم الجديد طفرة قوية وجديدة …، ان الاعلان عن الاستقلال لم يصاحبه تحسين الاوضاع المعيشية للطبقة العالمة بل على عكس من دلك ، حيث ان تعويض بعض الرأسماليين الاجانب بأرباب عمل مغاربة ادى الى المزيد من تدور الاوضاع للطبقة العاملة ، والى تصعيد وثيرة استغلالها باسم شعارات كاذبة وتم التراجع على بعض المكتسبات التي كانت قد انتزعتها بنضالاتها وان ما يخشاه النظام هو ان تصبح الطبقة العاملة وهي مجندة في الاتحاد المغربي للشغل الاداة الصالحة لتحقيق التحرر الاقتصادي والثورة الاجتماعية وهو لدلك يبدل قصارى الجهد بفصل النشاط النقابي العمالي عن حركة التحرر الوطني " الاختيار الثوري" المهدي بن بركة.. ان التطور لم ينته الى انفجار الهيكل الاستعماري وحده ، لكنه ادى في نفس الوقت الى حدوث ذات الشيء داخل القوات التي كانت متحالفة اثناء مقاومتها للوجود المباشر اللاستعمار والتي هي الحركة الوطنية ، ان استناد هدا التحالف الى عدة طبقات كان يصاحبه في نفس الوقت وجود عدة ايديولوجيات وبالتالي عدة تصورات لمدلول الاستقلال ومضمونه ، وكيفية تعزيزه وبنائه ، والفئات الشعبية التي يتعين ان تستفيد من نتائج استعادة البلاد استقلالها … وفي الاخير نسجل " الطبقة العالمة لم تستطع افراز مثقفين عضويين وتحقيق استقلالها الاديولوجي والسياسي والتنظيمي بل بقيت موزعة الولاءات وعاجزة على الاضطلاع بالمهام التاريخية المطروحة عليها …