يشارف عام 2018 على النهاية مخلفًا وراءه حوادث ومآسي عايشها الجزائريون طيلة ال 12 عشرًا الماضية، أبّرزها فاجعة تحطم الطائرة العسكرية، وآخرها مأساة "رجل البئر"، لكن المثير للجدل منها هو فضيحة الكوكايين وسجن الجنرالات وأزمة البرلمان . الأربعاء الأسود.. فاجعة بوفاريك لم يكن يوم الأربعاء 11 أبريل، تاريخًا عاديًا في يوميات الجزائريين الذين إستيقظوا على وقع أسوأ كارثة جوية من نوعها في تاريخ البلاد، عقب مصرع 257 شخصًا (جنود ومدنيين)، في تحطم طائرة نقل عسكرية من طراز “إليوشين”، لحظات من إقلاعها بمحيط القاعدة الجوية في بوفاريك. نكست الجزائر يومها راياتها الوطنية حدادًا على ضحايا الفاجعة، فيما خيمت أجواء الحزن والألم على ربوعها واتفقت الصحف على عنونة صدر صفحاتها الأولى ب” الفاجعة”، فاتحة ملف “تقادم” الأسطول الجوي، لتُصبح هذه المأساة موضوع النقاش الرئيسي بالبلاد، في إنتظار الكشف عن نتائج التحقيق. صيف الكوكايين .. فضيحة ال 701 فضيحة مدوية جعلت صيف الجزائريين الأكثر إثارة وحرارة.. إنها قصة حجز 701 كيلوغرام من الكوكايين يوم 29 ماي 2018، في حاوية لحوم للمستورد كمال شيخي المعروف باسم “البوشي”، وهو من كبار المستوردين في البلاد. الواقعة أحدثت صدمة بين أوساط الجزائريين، وأثارت تساؤلات محيرة بشأن الجهة التي تقف وراء العملية غير المسبوقة، لتتوالى بعدها أخبار تساقط الرؤوس الكبيرة (قضاة، أبناء شخصيات سياسية وأمنية نافذة)، فيما لا تزال التحقيقات جارية لحد الآن. الهامل.. إقالة الجنرال المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، تحدث عن تجاوزات وخروق شابت عملية التحقيق الابتدائي في قضية الكوكايين، بعد ورود إسم سائقه ضمن قائمة المشتبه فيهم، فكانت المفاجأة الاعلان عن خبر إقالته، عقب 8 سنوات قضاها على رأس جهاز الشرطة بقرار من رئاسة الجمهورية. تصريحات زادت وضع البلاد غموضًا، وطرحت تساؤلات بشأن وجود صراع بين أجنحة النظام، في إطار ترتيبات خاصة برئاسيات 2019. تسارع الأحداث إستمر بشكل رهيب، حيث أُنهيت مهام مدير أمن العاصمة الجزائر نور الدين براشدي، وقائد سلاح الدرك الوطني اللواء مناد نوبة وتم إجراء تغيرات لكبار القادة وجنرالات الجيش، ربطها مراقبون بتداعيات “شحنة الكوكايين”. العسكر والساسة.. جدلية الانتقال من أبرز الأحداث التي ميزت العام الجاري، جدل حاد حول دعوة الجيش لإحداث الانتقال الديمقراطي قبل انتخابات الرئاسة. مطالب رفعتها حركة حمس ورفضها القايد صالح جملة وتفصيلًا بالقول إن :"الجيش يعرف حدود ونطاق مهامه الدستورية، والذي لا يُمكن بأي حال من الأحوال إقحامه في المتاهات الحزبية والسياسية والزج به في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل". “إنقلاب” البرلمان سيظل شهر أكتوبر 2018 راسخًا في الأذهان، ومعه صور النواب وهم يغلقون بوابة البرلمان الجزائري بالسلاسل، لتنحية رئيسه السعيد بوحجة، في أعقاب أزمة تنظيمية غير مسبوقة طالت المؤسسة التشريعية. القصة بدأت يوم 26 شتنبر 2018، عندما قامت كتل برلمانية مناهضة لرئيس البرلمان المخلوع بتحركات لسحب الثقة من السعيد بوحجة، أعقبها قرار رفع الغطاء السياسي الحزبي عنه (حزب جبهة التحرير الوطني)، وتجميد هياكل الحزب، وإعلان عن حالة الشغور المنصب، وانتهت بانتخاب معاذ بوشارب رئيسًا جديدًا يوم 24 أكتوبر. لحد الساعة لم يُقدم السعيد بوحجة، استقالته من منصبه وظل متمسكا بأنه تعرض ل“مؤامرة حزبية للنيل منه بواسطة خرق القانون”، وهو ما جعل مراقبين يتوقعون أن مساعي “الانقلاب” على السعيد بوحجة تندرج ضمن مخطط لحل البرلمان وله علاقة بتأجيل الرئاسيات. سجن الجنرالات 14 أكتوبر 2018، في هذا التاريخ أمر قاضي التحقيق العسكري بولاية البليدة إيداع خمسة جنرالات وعقيد في الحبس المؤقت في قضايا فساد، بعد أسابيع من تنحيتهم في إطار حملة تغييرات مست قيادة الجيش. وأثار قرار التوقيف جملة من التساؤلات إذ لم يسبق أن شهدت الجزائر متابعة جماعية لضباط من الصف الأول في القيادة العسكرية مثلما حدث مع هؤلاء. وفي 5 نونبر غادر الجنرالات المعنيين سجن البليدة العسكري وهم: القائد السابق للدرك الوطني اللواء مناد نوبة، والقائد السابق للمنطقة العسكرية الأولى اللواء حبيب شنتوف، والقائد السابق للمنطقة الثانية اللواء سعيد باي، ومدير المالية بوزارة الدفاع اللواء بوجمعة بودواور، والقائد السابق للمنطقة الرابعة اللواء عبد الرزاق الشريف. ولد عباس ..الرحيل في 14 نونبر 2018، أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية أن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، قدم استقالته من منصبه لدواعي صحية. قرار تنحي جمال ولد عباس من الأمانة العامة للحزب العتيد، أحدث زلزالًا على مواقع التواصل الإجتماعي، بسبب تصريحاته الغربية التي أطلقها عن “تاريخه الجهادي” إبان الثورة التحريرية ودراسته مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وغيرها من الخرجات المثيرة للجدل. تنحية ولد عباس، تبعها قرار يقضي بحل حزب جبهة التحرير الوطني بصفة نهائية وتعين قيادة جديدة، أوكلت مهمة تسييرها للمنسق العام، رئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، الذي تحول في ظرف وجيز إلى “رجل ثقة” صناع القرار بعدما كان منبوذا في السابق. عياش .. النهاية الحزينة ل”رجل البئر” شغلت حادثة الشاب الثلاثيي عياش محجوب أو ” رجل البئر” الشارع الجزائري، وتحولت قصته إلى مأساة حقيقة بعد فشل محاولات إنقاضه حيًا، ليكون أبرز حدث مأساوي يودع به الجزائريون عام 2018. وبعد 9 أيام من عملية بحث أخرجت السكان إلى الشارع للاحتجاج، انتشلت مصالح الحماية المدينة بولاية المسيلة جثته، ليصبح عياش شخصية السنة من دون منازع، بعدما سلطت وسائل الإعلام المحلية والعالمية ومواقع التواصل الاجتماعي أضواءها على قرية “أم الشمل” التي لم يكُن أحد يسمع بها من قبل، غير القاطنين فيها.