بلغت قيمة المساعدات الأجنبية لجمعيات المجتمع المدني خلال الفترة الممتدة من يناير 2012 إلى نهابة شهر أكتوبر الماضي، ما يزيد على 175 مليون سنتيم، تسلمتها بكيفية فعلية 354 جمعية أغلبها ينشط على المستوى المحلي والجهوي، وذلك حسب وثيقة للأمانة العامة للحكومة. جاء ذلك بالرغم من الجدل الذي كان قد أثاره لحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، حول التمويل الأجنبي للجمعيات.كما أن الكشف الذي قامت به الأمانة العامة للحكومة عن حجم التمويل وتطوره، لم تواكبه أي مبادرة، إلى حد الآن، في اتجاه نشر لائحة الجمعيات المستفيدة، والجهات المانحة، وأوجه صرف تلك الأموال، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وترسيخ الشفافية أمام الرأي العام.
الجمعيات الأكثر استفادة هي التي تنشط على المستوى المحلي والجهوي، ويبلغ عددها 276 جمعية، 145 جمعية لها امتداد محلي، و121 لها امتداد جهوي، تنشط في البيانات التحتية في العالم القروي، وفي أنشطة الرعاية الاجتماعية، وأنشطة صحية، وحماية الحيوانات والبيئة. لكن هناك 88 جمعية تنشط على المستوى الوطني، خاصة التي تعمل في مجال المرأة وحماية النساء من العنف، وفي مجال حقوق الإنسان، فضلا عن العمل الثقافي والتعلمي.
واعتبر الحسن العمراني، رئيس مركز للدراسات والأبحاث في التنمية الاجتماعية، أن "رقم 175 مليون درهم لا يعبر عن حقيقة الدعم الأجنبي الذي يدخل إلى المغرب"، وأكد أن "ما هو معلن عنه هو فقط المصرح به لدى الأمانة العامة للحكومة"، مشيرا إلى أن جمعيات المجتمع "لا تتقيد بالفصل 32 مكرر من الظهير المؤسس للجمعيات، والذي يوجب التصريح بالمساعدات التي تتلقاها الجمعيات من خارج المغرب.
وإن كانت الجمعيات لا تصرح كلها، فإن السنوات الأخيرة عرفت ارتفاعا في عدد الجمعيات التي تصرح بتلقيها مساعدات أجنبية لدى الأمانة العامة للحكومة، بحيث ارتفع من 80 جمعية سنة، 2006 إلى 279 جمعية سنة 2010، ثم 352 جمعية سنة 2011، و354 جمعية سنة 2012.
وبينما تلقت 354 جمعية 175 مليون درهم، وصلت المساعدات الأجنبية المصرح بها طيلة الفترة ما بين 2006 إلى نهاية أكتوبر من سنة 2012، ما يزيد على 802 مليون درهم أي أزيد من 80 مليار سنتيم. كما أن حجم المساعدات ارتفع من 74 مليون درهم سنة 2006 إلى 145 مليون درهم سنة 2011، ثم إلى 175 مليون درهم سنة 2012.
وتكش فهذه الأرقام أن عدد الجمعيات التي تتلقى أموالا أجنبية في ارتفاع مضطرد، كما أن عدد الذين يصرحون بتلك المساعدات في تزايد كذلك، إلا أن الحسن العمراني ينبه إلى أن قيمة المساعدات الأجنبية أكبر من ذلك، بالنظر إلى حجم التمويل الدولي الموجه للمجتمع المدني في البلدان النامية، والتي باتت ملزمة بتتبع مسار الدعم، وكذا تحقيقها للأهداف التي توجه إليها، وهي تنموية بالأساس. ويقول العمراني إن المؤسسات والتنظيمات والمنظمات الدولية التي توجه دعما ماليا للجمعيات في المغرب، وتفعل ذلك في إطار سياسة يعتبر المغرب شريكا فيها، مثل أهداف الألفية للتنمية التي ترعاها الأممالمتحدة.