انتقدت رئيسة الحكومة البريطانية الجمعة رفض الاتحاد الأوروبي خطتها حول بريكست، معتبرة أن ذلك "غير مقبول" ملمحة الى احتمال الانسحاب من المفاوضات. وفي بيان متلفز من مقر الحكومة في داوننغ ستريت قالت ماي إن المباحثات وصلت إلى "طريق مسدود" قبل ستة أشهر من موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأسابيع فقط من الموعد الأقصى لإبرام اتفاق ينظم عملية الخروج، محملة بروكسل المسؤولية. وتابعت ماي "طوال هذه العملية، تعاملت مع الاتحاد الأوروبي بكل احترام. لكن المملكة المتحدة تتوقع معاملة بالمثل. والتوصل الى علاقات جيدة بنهاية هذه العملية يتوقف على ذلك". وتأتي تصريحات ماي إثر عودتها من قمة للاتحاد الأوروبي الخميس في سالزبورغ رفض خلالها القادة الأوروبيون مقترحاتها بشأن مستقبل العلاقات الاقتصادية البريطانية والحدود الإيرلندية. واعتبرت الصحافة البريطانية الجمعة ان رئيسة الوزراء تعرضت "للاذلال" من قبل القادة الأوروبيين قبل أيام من اجتماع لحزب المحافظين الحاكم حيث يقود المشككون بالاتحاد الأوروبي حملة من أجل دفع ماي للتشدد في مفاوضات بريكست. وقالت ماي "ليس مقبولا أن يتم ببساطة رفض مقترح الطرف الآخر من دون شرح مفصل ومقترحات مقابلة. نحتاج الآن لأن نسمع من الاتحاد الأوروبي ما هي المسائل الحقيقية وما هي البدائل التي يقترحونها حتى نتمكن من مناقشتها". وأضافت رئيسة الوزراء البريطانية "بالانتظار، علينا أن نواصل العمل من أجل إعداد أنفسنا (لاحتمال) عدم التوصل إلى اتفاق". وسجل الجنيه الاسترليني الجمعة بعد تصريحات ماي مزيدا من التراجع أمام الدولار واليورو. واعتبر الخبير الاقتصادي كريغ إيرلام تراجع الجنيه مؤشرا إلى "زيادة أرجحية" عدم التوصل إلى اتفاق. وكان من المفترض ان تشكل قمة سالزبورغ نقطة انطلاق في المفاوضات، لكن القادة الأوروبيين رفضوا خطة ماي وطالبوها بإعداد اقتراح بديل لطرحه في القمة المقبلة للتكتل أواسط أكتوبر المقبل. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اعتبر الخميس في سالزبورغ أن الاقتراحات البريطانية حول بريكست في الشق الاقتصادي "ليست مقبولة بوضعها الحالي" لانها لا تحترم السوق الموحدة. كذلك اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن اقتراح ماي لن ينجح. ولتعزيز الضغوط على رئيسة الوزراء البريطانية ربطا عقد قمة خاصة أواسط نوفمبر لإبرام الاتفاق بتحقيق تقدم الشهر المقبل. وكانت ماي أصرت في مؤتمر صحافي عقدته قبيل مغادرتها سالزبورغ على أن خطتها هي "الاقتراح الوحيد المطروح على الطاولة". والجمعة قالت ماي إن اقتراح الاتحاد الأوروبي بقاء بريطانيا في المنطقة الاقتصادية الأوروبية أي عمليا السوق الأوروبية المشتركة مع حرمانها من أي حق في تعديل الأنظمة سيشكل "استهزاء" بنتيجة الاستفتاء الذي أجري في 2016 للخروج من الاتحاد الأوروبي. وقالت ماي إن ربط التكتل طرحه إبرام اتفاقية تجارة حرة بإبقاء إيرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الأوروبي "أمر لا يمكن لأي رئيس حكومة بريطانية أن يقبله". وتعترض لندن على خطة "شبكة الأمان" التي يطالب بها التكتل وتقوم على إبقاء إيرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي وفق القواعد الأوروبية طالما المفاوضات مستمرة حول اتفاق تجاري. وتابعت ماي "إذا اعتقد الاتحاد الأوروبي أنني سأقبل بذلك فهم يرتكبون خطأ جوهريا".وأعلنت انها ستقدم مقترحات بديلة حول الحدود الإيرلندية. وكان الاتحاد الأوروبي أبدى سابقا معارضته لاقتراح ماي، إلا أن اللهجة المتشددة في قمة سالزبورغ فاجأت العديد من المراقبين، في حين تحدث بعض الصحف عن تعرض ماي ل"كمين". والجمعة قال رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار "قد تكون أشيعت أجواء بأن ماي ستقدم اقتراحا أكثر إيجابية من الطرح الذي تقدم، لكنني لا أعتقد أن أحدا في الاتحاد الأوروبي أو في إيرلندا يتحمل المسؤولية". وأقر فارادكار بصعوبة المفاوضات بين بريطانياوإيرلندا لكنه أكد إصراره على إبرام اتفاق. وأقر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الجمعة بصعوبة مفاوضات بريكست، لكنه قال إن الطرفين يحققان تقاربا. وقال يونكر لصحيفة "داي برس" النمسوية "علينا أن نكون حذرين، مثل حيواني قنفذ متحاب ين عليهما الحذر عندما يحتضنان بعضهما لئلا يتسببا لبعضهما بخدوش".