القتل والنحر والذبح ، أسماء لعملية واحدة محرمة في الشرع الإسلامي الحنيف ، هي التصفية الجسدية في أقبح صورها ، انتشرت في ربوع المغرب فكأننا في سوريا أو بورما أو في فيلم للرعب... ففي يوم 14 أكتوبر لقي أب حتفه على يد ابنه ، حيث أن الإبن البالغ عمره 26 سنة، طعن والده وعمره 62 سنة، عدة طعنات بآلة حادة، بمدينة خنيفرة بحي النجد، ولفظ أنفاسه الأخيرة بالمستشفى الإقليمي للمدينة.
وأقدم شاب على قتل خاله بسكين كبير طعنه به مساء يوم العيد الجمعة 26 أكتوبر 2012، بحي ويسلان الشعبي بمكناس .
ويوم الوقوف بعرفات قبل نحر الأضحية، قام شخص قيل بأنه خطيب الضحية، بنحر شابة من رقبتها بسكين كبير الحجم، بمدينة سطات، وهي ابنة 26 سنة ، وقد أصابها بضربات قاتلة في نخاعها الشوكي في رقبتها وظهرها، ومكثت 4 أيام داخل العناية المركزة، حتى لقيت ربها، وكيفت القضية بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، بعدما سجلت القضية كمحاولة قتل قبل وفاتها.
وقد ادعى القاتل بأنه صرف على الضحية وعائلتها ملايين السنتيمات، وتم رفض زواجه منها، فطالب باسترداد نقوده وهداياه، وكان يتوعدها وعائلتها بالانتقام دوما، وكانت قد سجلت بلاغا لدى الشرطة بهذا التهديد، فما كان من أبيها إلا أن يرافقها لعملها كل يوم. وفي صبيحة ذلك اليوم الغالي عند المسلمين و الأعظم درجة بعد يوم ليلة القدر، أصيب الوالد بوعكة صحية لم تسعفه في مرافقة فلذة كبده، وكان القاتل يترصدها صباحا بسكين كبيرة، ورغم محاولة أحد العجزة التدخل والتوسل، أمام استنجاد الفتاة، إلا أن تهديد المجرم له، لم يمكنه إلا من التألم لتألمها، وما إن أتم تعذيبه لها، حتى اتصل المسن بالجيران للإبلاغ عن الجريمة الشنيعة.
الغريب في ما طالعناه عن هذا الخبر في بعض الجرائد المغربية اليومية الواسعة الانتشار، أن الصحفي كاتب سيناريو الجريمة، أسهب في الأوصاف الرقيقة والطيبة، فكأنه جعل القاتل ضحية، وعنون فقرات مقالته، بالحديث عن الحب والحرقة والانتقام و الحكرة وطلب الأموال الضائعة، ولم يذكر شيئا عن الشرع والتحريم والشناعة والمرض النفسي ،الذي يدفع غالبا لهاته الجرائم الغريبة عن مجتمعنا المسلم. فقد يحس القارئ العادي بعدالة مطلب القاتل المجرم، ما يجعله عند البعض قدوة ومنهاجا يتبع. وهو ما تسير عليه بعض القنوات التلفزية في شرعنة الفساد والزنا والمثلية والإجرام بتصوير أبطاله مظلومين و تمجيدهم .
وليلة عيد الأضحى دائما قام أستاذ للإنجليزية في عقده الخامس نتيجة شرب الخمر والفساد، بضرب خليلة له، فغابت عن الوعي دون رجعة. الجريمة كانت بجنان الشعيبي بقلعة السراغنة.
ولا زال فيديو ذبح شاب بآسفي من طرف شخصين و أمهما، يلاقي التنديد و يواجه بالغضب والتأسف لهذا الفعل الشنيع من طرف متتبعي الصحف والمواقع الإلكترونية و مواقع التواصل الاجتماعي.
ففي صباح يوم العيد، ذبح المسمى قيد حياته عادل السعدوني ببرودة دم، و سبق إصرار وترصد من طرف شقيقين، مع تشجيع الأم لابنيها على الذبح، حسب تصريح والدة الضحية فاطنة السعدوني التي طالبت باعتقال أم الجاني.
وكان السبب في الجريمة خلافا بسيطا انطلق من دراع السانية، لينتهي بحي الكورس بأبشع جريمة يوم الأضحى كما يظهر من تفاصيلها.
ويوم الخميس فاتح نونبر، قام شخص من مدينة غفساي ،من مواليد 1990 بقتل سائق حافلة من فاس من حي باب الفتوح، وعمره 28 سنة .
ثلاث طعنات قاتلة على مستوى الجانب الأيسر والفخذ، أودت بحياة ذلك البريء نتيجة جدال بسيط، و حررت في حق الجاني مذكرة بحث وطنية.
أما يوم السبت الماضي 03 نونبر 2012 فعرف سقوط قاصر مزداد عام 1999ضحية العربدة والإجرام ، حيث ذبح من الوريد للوريد. و الجريمة وقعت بدوار أولاد ركيدة، التابع لجماعة أولاد عبد الله، بإقليم الفقيه بنصالح. والجاني عمره 37 سنة، من ضواحي مكناس، وهو من العمال المطرودين من إسبانيا، كان يعمل مع ضحيته في إحدى الضيعات الفلاحية.
وعرف يوم الإثنين 05 نونبر 2012 بأزمور، طعنة قاتلة بسكين، أودت بحياة شاب في الثامنة عشر من عمره، و الجاني عمره 14 سنة فقط، ووقعت الجريمة بدرب الذهب على الساعة الثامنة مساء.
ونختم بجريمة اليوم الأربعاء 07 نونبر 2012 حيث لقي شاب عشريني مصرعه بحي القصبة بمراكش، بعدما طعنه صديقه البالغ من العمر 25 سنة، ثلاث طعنات بسكين ، في بطنه، أسقطته لافظا لأنفاسه، حوالي الساعة الثالثة صباحا بحي عرصة لمعاش.
فنلاحظ توالي القتل والذبح في سيناريو يومي في مختلف المدن المغربية، ومسلسل فضيع من الإجرام أغلب أبطاله شباب و شابات، والوسيلة المستعملة غالبا هي السكين الكبير.
ومع غياب الأمن و غياب بنيات استقبال المدمنين على المخدرات، و غياب برامج إعادة الإدماج، والتساهل مع حاملي السلاح، الذي يسمى أبيضا، بينما لونه هو الأحمر القاني ، لون الدم الغالي النفيس. و مع كثرة انتشار السيوف و السواطير و السكاكين الكبيرة والصغيرة، دون مراقبة. أصبحت هاته السكاكين و الجنويات والسواطير والسيوف في المغرب الحبيب، تظاهي في نتائجها الوخيمة خطر المسدسات في أمريكا. وقد تفوقها غدرا وخيانة و فتكا. لأنها سهلة الإخفاء وسهلة الاستعمال، ولا تحتاج لرصاص أو كاتم صوت. كما أنها تفرغ الدم من جسد الضحية في دقائق معدودة، لا تترك مجالا لإسعاف الضحايا.
إننا ندعو من هذا المكان لصياغة قوانين صارمة، لحيازة الأسلحة البيضاء و اقتنائها وبيعها وترويجها ، تماما كما قنن لحمل الأسلحة السوداء الأخرى.
وزير العدل و الحريات مصطفى الرميد، قال خلال جوابه عن سؤال بمجلس النواب أول أمس الإثنين 05 نونبر 2012، إن الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص عرفت انخفاضا خلال سنة 2011، حيث بلغت 79470 متابعة، بينما المعدل السنوي هو 88 ألف متابعة خلال العشر سنوات الماضية. بينما ارتفعت جرائم المخدرات عامي 2010 و 2011 لتسجل 31 ألف متابعة عوض 27 ألف متابعة وهو المعدل السنوي.
فهل ستعرف أرقام سنة 2012 ارتفاعا مهولا عند وزير العدل والحريات، أم أن نوعية الجرائم و طريقتها ووسائلها هي التي تغيرت و عرفت تطورا دراماتيكيا، و أن الإعلام الإلكتروني خاصة ساهم في فضحها و نشر أرقامها المهولة،مع سهولة الولوج للمعلومة و تعاون رجال الأمن في منح الصحفيين المعلومة كاملة في وقت حدوثها.
ليست المقاربة العقابية وحدها كفيلة بمحاربة ظاهرة الإجرام في رأي الرميد ، بل تجب مراعاة أسبابها الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية كالفقر و الجهل والأمية والتهميش والبطالة و غيرها. فنجاح السياسة في محاصرة الظاهرة الإجرامية يستدعي في نظره النجاح في تقليص الأسباب الأخرى المؤدية إلى الانحراف والإجرام.
إن جرائم القتل والنحر والذبح إلى جانب جرائم الانتحار وقتل النفس وإحراقها، التي تواترت لأبعد الحدود هاته السنة، قبل وإبان وبعد عيد الأضحى نتيجة الإفلاس الاقتصادي، والمرض النفسي، والفشل الاجتماعي، تستدعي تدخلا عاجلا لحكومة عبد الإله بنكيران ووزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية، ووزارة الصحة وكل الوزارات المسؤولة، لتدارس هاته الإشكالات الإنسانية والأمنية الصعبة و الآنية. فقد أصبح المواطن المغربي غير آمن في سربه أو عياله ، فهل سيصبح لزاما على المغاربة حمل سكاكين وسيوف لحماية أنفسهم و الدفاع عن أبنائهم يوما ما .
ما رأي الداعين لوقف أحكام الإعدام كلية بالمغرب، أليس ما يحصل لأبنائنا إعدام بالجملة دون محاكمات، دون جرم مرتكب، و دون أبسط شروط الإنسانية المتوفر في حكم الإعدام قصاصا على القاتل المصر المترصد.
ألا يحق تطبيق الشرع الإسلامي في هاته الجرائم و القصاص للنفس بالنفس حتى يرعوي المجرمون، الذين يعدمون الناس ذبحا لأتفه الأسباب.
يطبق الإعدام في حالات كثيرة حسب القانون الجنائي المغربي الذي يمكن تعديله خاصة ما خص الأمن العام و قانون الإرهاب، لكن الفصول 393 التي تشير للقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، و الفصل 396 الذي يحكم بالإعدام في جريمة قتل أحد الأصول عمدا، وغيرهما قد نحتاج فعليا إلى الصرامة في تطبيقها ...
فكم من مجرم يقضي شهورا خلف القضبان ليقتل مجددا فور خروجه، متباهيا بأن لا أحد يقدر عليه.
لماذا لا تقوم قائمة لجمعيات حقوق الإنسان لتحليل ودراسة هاته الظواهر الإجرامية المتراكمة والمتصاعدة، أم إنهم يومنون ببعض كتاب الغرب الديمقراطي ، ويكفرون بالآخر. إن الدول التي تحترم نفسها توفر الدعم النفسي، والاجتماعي لمدمني المخدرات، وللمرضى نفسيا، وتوفر العلاجات وأماكن العلاج مجانا. وتؤسس جمعيات الاستماع والدعم النفسي و استقبال الإستشارات وتقديم النصائح.
كما تعوض المعطلين و المفلسين ، وتضمن حقوقا وافرة، وفي نفس الوقت تنشئ مراكز للأمن و الترصد، وتواكب التغيرات السوسيواقتصادية والسوسيولوجية، وتدرس الحالات الباثولوجية ، بإحصاءات وتقارير و توصيات آنية و رصينة، تتبع بإجراءات هامة وصارمة ومدروسة لتدراك مكامن الخلل ومعالجته قبل استفحال نتائجه، ما نفتقده في المغرب المتخلف . فلم نشاهد وتيرة للذبح بالسكاكين قد حصلت بهذه الوفرة في زمن قصير، في دولة غربية ديمقراطية، تعتمد مقاربات واقعية، وتحرص على سلامة وأمن أبنائها، وتوفر لهم الغذاء الجسدي والروحي والنفسي.
قال تعالى" وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص، ومن تصدق به فهو كفارة له ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الظالمون".المائدة 45.