يشكل تخليد الذكرى ال19 لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه الميامين، مناسبة فريدة، للتوقف عند مختلف الأعمال والمبادرات التي قادها جلالة الملك خلال هذه الفترة من أجل ضمان الحقوق الكفيلة بتوفير حياة كريمة لكافة فئات المجتمع. ووعيا من جلالة الملك بالطابع متعدد الأبعاد والشمولي للتنمية الاجتماعية، حرص جلالته طيلة هذه السنوات، بحزم وعزم على تعزيز والنهوض بأوراش ومشاريع مكافحة الفساد والفقر والإقصاء، ودمقرطة الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية. وتعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إحدى أهم المبادرات الرئيسية التي أطلقها جلالة الملك، في 18 ماي 2005 والتي تروم توسيع مجال الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، والنهوض بالأنشطة المدرة للدخل، ولفرص الشغل، وكذا تحسين ظروف عيش الأشخاص في وضعية هشاشة، أو ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد مكنت هذه المبادرة، التي تسمح للفئات المستهدفة بالتغلب على نير الهشاشة، والحفاظ على كرامتها وتجنب الوقوع في الانحراف والعزلة والعوز، خلال الفترة ما بين 2005-2017 من إنجاز أكثر من 44 ألف مشروع وعمل لفائدة 10,5 مليون مستفيد مباشر وغير مباشر. وقد تم في هذا الصدد خلق زهاء 9 آلاف و400 نشاط مدر للدخل باستثمار إجمالي يزيد على 42,8 مليار درهم، من ضمنها مبلغ 27 مليار درهم كمساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ووضعت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي جذبت اهتمام عددا مهما من الدول الإفريقية، بفضل عبقريتها، الشباب الذي يعتبر الثروة الحقيقة للأمة، في قلب سياساتها، مساهمة بذلك في إنجاز 360 مركزا للتكوين المهني، و730 فضاء للتكوين، و6 آلاف و200 نشاط مدر للدخل وقرابة 6 آلاف و600 نشاط مرتبط ببنيات التنشيط السوسيو ثقافي، مثل الفضاءات الرياضية للقرب، ودور الشباب والمراكز الثقافية. كما مكنت هذه المبادرة التي حظيت بإشادة على المستوى الدولي، أيضا الأشخاص في وضعية هشاشة من الولوج إلى خدمات ذات جودة، وكذا الاستفادة من الدعم لفائدة مشاريعهم مدرة للدخل، فضلا عن النهوض بظروف عيش الأشخاص القاطنين بالدواوير والمناطق الجبلية أو المعزولة، والحد من الفوارق في الولوج إلى البنيات التحتية الأساسية، والتجهيزات، وخدمات القرب ( الطرق، الصحة ، التعليم، الكهرباء، الماء الشروب) وإدماج ساكنة هذه المناطق في الدينامية التي تقودها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ويعد تطوير قطاع الصحة، ودمقرطة الولوج إلى الخدمات الصحية، في إطار سياسة القرب، أحد الأوراش التي يوليها جلالة الملك عناية خاصة. ولطالما حرص جلالته على العمل على رفع هذا التحدي الرئيسي، من خلال مبادرات للقرب، وزيارات ميدانية ومبادرات تسعى لضمان ولوج عادل للعلاج الطبي لكافة المواطنين، لاسيما للأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، والنساء والأطفال. وساهمت جهود جلالة الملك الثابتة، في التدعيم المستمر للخريطة الصحية للمملكة، وتعزيز نظام الحماية الاجتماعية وتوسيع نظام التغطية الصحية، لاسيما بإطلاق نظام المساعدة الطبية (راميد). وتنضاف إلى مختلف هذه الأوراش، كافة الأعمال المتعددة التي تنجزها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تحت قيادة جلالة الملك، والرامية إلى إدماج ورفاهية الساكنة الأكثر هشاشة (النساء، الأطفال، الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الأشخاص المسنين)، وكذا الإدماج الاجتماعي والمهني للشباب، والنهوض بالأنشطة المدرة للدخل، وتعزيز العرض الصحي، ودعم الجمعيات التي تتشارك نفس الأهداف والقيم مع المؤسسة. وهكذا، فقد طورت مؤسسة محمد الخامس للتضامن منذ تأسيسها سنة 1999، مبادرات إنسانية، سواء على المستوى الوطني، (عملية الدعم الغذائي "رمضان"، عملية موجة البرد، حملات طبية، عملية مرحبا لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج)، أو على المستوى الدولي (مساعدات إنسانية لفائدة المدنيين ضحايا الكوارث الطبيعية أو الصراعات). كما أطلقت برامج اجتماعية موجهة لتحسين الحياة اليومية للفئات المستهدفة (أطفال، أشخاص ذوي احتياجات خاصة، نساء في وضعية هشاشة، مسنين)، ووقاية الشباب من الإنحراف، وتعزيز رفاهيتهم، وإدماجهم السوسيو مهني (تكوين، أنشطة ترفيهية وثقافية ورياضية). وهكذا، تكرس مبادرات صاحب الجلالة الملك محمد السادس المختلفة والرامية إلى تثمين والحفاظ على الرأسمال البشري من أجل تنمية شاملة ومندمجة ومستدامة، العمل الاجتماعي لجلالته، باعتباره بصمة للقيم الإنسانية وقيم التضامن.