توشيح عبد اللطيف حموشي بوسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى    تراجع جديد في أسعار الغازوال في محطات الوقود بالمغرب    حادث جديد لإطلاق النار يسفر عن مقتل شخص في أندرلخت البلجيكية    نادي الوداد يكتسح شباب المحمدية    توقيف شخصين متورطين في اختطاف سيدة مسنة وتعريضها للاحتجاز    اختفاء شاب في عرض البحر خلال تسجيله لتحدي خطير على تيك توك    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية مرتقبة على المرتفعات التي تتجاوز 1800 متر بعدد من مناطق المملكة    الحسيمة تحتضن النسخة العاشرة من أمسية التوجيه المدرسي    حكاية سيناريو يوسف النصيري البطولي اليوم مع مورينيو … !    الحسيمة.. أحداث لا رياضية في ملعب ميمون العرصي    المضيق تسدل الستار على الدورة الخامسة لسباق 10 كم    "مشروع قانون المسطرة الجنائية ورهانات حقوق الانسان " موضوع ندوة وطنية بالقصر الكبير    رئيس "الأنتربول" يؤكد ثقته في قدرة المغرب على تنظيم نسخة استثنائية لكأس العالم 2030    حملة تضليلية تستهدف الملك محمد السادس    المغرب يطالب بمواجهة الإرهاب والانفصال.. وهذه رؤيته لتحقيق الاستقرار في إفريقيا    في إشارة لوزير العدل.. ابن كيران: هناك من يحرض النيابة العامة والرئاسة الأمريكية ضدي!    العرائش تتألق في البطولة الوطنية المدرسية لكرة السلة بزاكورة وتتوج بلقبين    تعبئة 133 مليون درهم لحماية مدينة تطوان من الفيضانات    منتخب السيدات يواجه غانا وهايتي    نتنياهو يتعهد بتنزيل "رؤية ترامب"    تصريحات بركة حول دعم الأضاحي تثير مطالب بتتبع عمليات الاستيراد    سلا تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    "نفس الله".. رواية جديدة للكاتب والحقوقي عبد السلام بوطيب    لماذا لا تتحدثون عن شعرية النقد الأدبي؟    تعدد الأنظار إلى العالم    إسرائيل تتسلم شحنة قنابل ثقيلة بعد موافقة ترامب    المغرب أفضل وجهة سياحية في العالم لعام 2025    لطيفة العرفاوي تغني لتونس    تقرير: المغرب يحصل على تصنيف أحمر في مؤشر إنتاج الحبوب    المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يبرم اتفاقا بشأن الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة الغاز "الوحدة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    حريق يلتهم 400 محل تجاري بسيدي يوسف بن علي مراكش    رشيدة داتي وزيرة الثقافة الفرنسية تزور العيون والداخلة والرباط    أكادير.. افتتاح الدورة الثانية للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    بين الاحتفال بشعيرة الأضحية وإلغائها بسبب الجفاف.. "برلمان.كوم" يرصد آراء مواطنين مغاربة (فيديو)    التصويت في الاتحاد الإفريقي.. من كان مع المغرب ومن وقف ضده: مواقف متوقعة وأخرى شكلت مفاجأة في مسار التنافس    ميارة: قانون الإضراب يساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص الشغل وفق تعاقد اجتماعي واضح    مسؤولون وخبراء يجمعون على أن المغرب يسير في اتجاه عصرنة وسائل النقل المستدام    افتتاح الخزانة السينمائية المغربية في الرباط: خطوة هامة نحو حفظ التراث السينمائي الوطني    نتنياهو يرفض إدخال معدات إلى غزة    إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع    فتح باب المشاركة في مهرجان الشعر    ريو دي جانيرو تستضيف قمة دول "بريكس" شهر يوليوز القادم    غوفرين مستاء من حرق العلم الإسرائيلية في المغرب ويدعو السلطات للتدخل    رفْعُ الشِّعار لا يُخفِّض الأسْعار!    بنعلي تؤكد التزام المغرب بنظام تنموي قوي للأمم المتحدة    الصين: 400 مليون رحلة عبر القطارات خلال موسم ذروة السفر لعيد الربيع    في أول زيارة له للشرق الأوسط.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يصل إلى إسرائيل    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسألة فتح الحدود بين المغرب والجزائر: اليد المغربية الممدودة والنظرة الجزائرية الضيقة
نشر في تليكسبريس يوم 23 - 10 - 2012

يسجل المراقبون، المتابعون للشأن المغاربي، الموقف المغربي المتميز حول مسألة إعادة فتح الحدود مع الجزائر، حيث ما فتئت الرباط تدعو إلى فتح الحدود وتطبيع العلاقات لما فيه خير البلدين الجارين والشعبين الشقيقين. وسواء على المستوى الشعبي أو المستوى الرسمي ، فإن المغرب ظل دائما يناشد الأشقاء بالجزائر إلى الاستجابة لدعوته المفتوحة ؛ ولا يكاد يمر تجمع حزبي أو نقابي أو جمعوي أو تظاهرة من التظاهرات في المملكة المغربية دون التذكير بمطلب فتح الحدود وتطبيع العلاقات.

أكثر من هذا، فإن عددا من الدول الصديقة والشقيقة، إضافة إلى منظمات وهيآت تنتمي إلى المجتمع المدني في مختلف بلدان العالم ، ألحت، أكثر من مرة، على ضرورة فتح الحدود المغربية الجزائرية، لكن الجزائر ظلت ترفض كل المساعي المغربية والعربية والدولية للتطبيع، وكل المبادرات التي تقدمت بها العديد من الدول ، وكذا مطالب مختلف القوى الحية في العالم. لا حظ العالم ،باستغراب، هذا الإصرار الجزائري على رفض اليد المغربية الممدودة من أجل تجاوز المشاكل والعراقيل التي تحول دون قيام الاتحاد المغاربي بالدور المنوط به من أجل بناء قوة مغاربية يكون لها وجودها وتأثيرها، ليس فقط على المستوى المغاربي ، بل في محيطها العربي والإفريقي والأوربي ، ثم العالمي.

الخطب الملكية ، بدورها ،لا تخلو من هذه الدعوة المغربية الصادقة. وإذا أخذنا السنوات الأخيرة . كنموذج، نجد أن الرغبة المغربية تحتل مكانة بارزة في مختلف الخطب التي يوجهها جلالة الملك محمد السادس لشعبه. ففي خطاب المسيرة الخضراء سنة2008، يشير الملك إلى »التمادي في رفض كل مساعي التطبيع المغربية ، أو تلك المبذولة من بلدان شقيقة وصديقة ، وقوى فاعلة في المجتمع الدولي.
..«وهو ما يعتبر»توجها معاكسا لمنطق التاريخ والجغرافيا الذي يتنافى مع إغلاق الحدود بين بلدين جارين وشقيقين «هما المغرب والجزائر. الجزائر هنا اختارت السير ضد التيار، بل تقف في وجه منطق التاريخ والجغرافيا: التاريخ المشترك الذي كتبه الشعبان المغربي والجزائري على مر الحقب والسنين ، وانصهرا معا خلال فترة مقاومة الاستعمار الفرنسي ، وعبّرا عن إرادتهما في المضي قدماً لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة" ، والجغرافيا التي تجمع البلدين في تضاريس واحدة موحدة تحتضن شعبين أبيّين يعيشان على إيقاع نفس العادات والتقاليد ، ويتطلعان لنفس المستقبل، ويجمعهما مصير واحد مشترك.

حين يعبِّر المغرب عن تشبثه بفتح الحدود وتطبيع العلاقات ، فذلك »وفاء لأواصر الأخوة وحسن الجوار ، وتمسكا بحقوق الإنسان في حرية التنقل والتبادل ، وكذا استجابة لحتمية الاندماج المغاربي«.

التصور الملكي لا يقف عند حدود الالتزام بروابط الأخوة وحسن الجوار، بل يتجاوزه إلى التشبث بحق الإنسان ، عموما، والمواطن المغربي والجزائري خصوصا، في حرية التنقل وحرية التبادل ، وإلى الإيمان (المغربي) بضرورة الاندماج على الصعيد المغاربي. ويقوم هذا التصور الملكي أيضا على وفاء المغرب لهويته الحضارية في الانفتاح، رصيده في ذلك كما قال جلالة الملك »المصداقية التي يحظى بها النموذج المغربي في محيطه الإقليمي والدولي.« إذن ، نحن أمام نموذجين مختلفين : نموذج مغربي متطور ، منفتح، يؤمن بحقوق الإنسان وحتمية الاندماج... ونموذج جزائري منغلق، وأسير نظرة ضيقة سواء لحقوق الإنسان أو ضرورة الاندماج.

في خطاب العرش لسنة2008، أكد المغرب مرة أخرى عن إرادته في نهج اليد الممدودة ، مرَكِّزاً على »إصلاح ذات البين وترسيخ الثقة بالحوار والمصالحة الشاملة..« وذلك من أجل إقامة شراكة بَنَّاءة تتجاوب مع »طموحات الأجيال الصاعدة لتسخير طاقات الشعبين الشقيقين ، المغربي والجزائري، لرفع التحديات الحقيقية للتنمية والتكامل ، بدل هدرها في متاهات نزاع موروث عن عهد متجاوز...«

المغرب لا يريد، من وراء نهج اليد الممدودة نحو الجزائر، سوى البناء والتنمية والتكامل، وتجاوز مخلفات الماضي التي ما زالت تتحكم ، مع الأسف، في عقلية حكام الجزائر، بل إن المغرب يذهب إلى حد اعتبار أنه مهما كان الاختلاف في وجهات النظر في هذا النزاع الذي مرت عليه عقود عديدة فإنه »لا يبرر استمرار إغلاق الحدود كإجراء أُحادي ، يعيشه الشعبان الجاران الشقيقان ، كعقاب جماعي يتنافى مع أواصر أخوتهما التاريخية ، ومستقبلهما المشترك ، ومع مستلزمات الاندماج المغاربي«. يتضح من هذه الرؤية الملكية المتبصرة ، أن حكام الجزائر ليس من حقهم فرض إغلاق الحدود ضد منطق التاريخ والجغرافيا، ومعاقبة شعبين جارين وشقيقين في نفس الوقت. إن الأمر ، في نظر الرباط،لا يتعلق بمصالح آنية، أو ظرفية طارئة، بل إنه اختيار استراتيجي يرمي إلى »تحقيق تطلعات شعوبه الخمسة للتنمية والتكامل ، والاستجابة لمتطلبات الشراكة الجهوية، وعصر التكتلات الدولية..« كما قال جلالة الملك في خطاب العرش سنة2009.

هذه النظرة الاستراتيجية هي التي تجعل المغرب يجدد في كل مرة رغبته في هذا السبيل، ملتزما بإعطاء»دينامية جديدة« تنفتح على تسوية كل المشاكل العالقة في أفق التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين«على أن تشمل فتح الحدود البرية بعيدا عن كل جمود أو انغلاق، مُنافٍ لأواصر حسن الجوار، وللاندماج المغاربي، وانتظارات المجتمع الدولي ، والفضاء الجهوي«كما عبّر عن ذلك العاهل المغربي في خطاب العرش لسنة2011.

من هنا تتضح الرؤية المغربية الواعية لمسألة فتح الحدود؛ وهي رؤية تقوم على اختيار استراتيجي من أجل التكامل والتنمية وتلبية تطلعات الشعوب المغاربية الخمسة في إطار الشراكة الجهوية وعصر التكتلات الدولية. هل يستجيب الحكام الجزائريون لليد المغربية الممدودة ، ولمنطق التاريخ والجغرافيا ،أم يظلون حبيسي نظرتهم الضيقة في زاويتهم المغلقة والمظلمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.