أكد جلالة الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة لعيد العرش أن تحصين الوحدة الترابية للمملكة، يظل أسبقية الأسبقيات وأن المغرب المتمسك بهذه الوحدة حريص على مد يده إلى الأشقاء في الجزائر ويظل وفيا لنهجه في حسن الجوار مع الجزائر. وتشهد قضية وحدتنا الترابية تطورات إيجابية تتجسد في الدعم الدولي المتواصل للمبادرة المغربية للتفاوض حول إحداث نظام الحكم الذاتي في الصحراء لتمكين سكانها من تدبير شؤونهم بأنفسهم، بشكل ديمقراطي، من خلال هيئات تنفيذية وقضائية وتشريعية، في إطار وحدة المغرب الترابية وسيادته الوطنية، غير القابلة للمساومة أو التفاوض. وتجلى الدعم الأممي للمبادرة المغربية في قرار مجلس الأمن 1754 الصادر في 30 أبريل 2007 الذي وصف الجهود التي يبذلها المغرب، لتجاوز المأزق القائم لحل النزاع المفتعل بالجدية وذات المصداقية، ثم في قرار مجلس الأمن رقم 1813 الصادر في 30 أبريل الماضي الذي دعا الأطراف المعنية بالملف إلى التحلي بالواقعية في نهج المفاوضات، علماً أن المبعوث الشخصي للأمين العام السيد بيتر فالسوم اعتبر أن استقلال الصحراء غير واقعي، داعيا ذلك إلى أن ترتكز المفاوضات على خيار الحكم الذاتي. وأعلنت دول مؤثرة في صنع القرار الدولي، من قبيل الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي. وجاء هذا الدعم الدولي المتنامي، بعد أربع جولات من مفاوضات مانهاست، أثبت فيها انفصاليو البوليساريو والواقفون وراءهم، تعنتهم وتماديهم في معاكسة توجه المنتظم الدولي إلى إيجاد الحل السياسي والواقعي والنهائي للنزاع المفتعل ومن ذلك اشتراطهم استبعاد السيد فالسوم لمشاركتهم في المفاوضات المرتقبة، فضلاً عن تمسكهم بالمقاربات التي دفنتها وتجاوزتها الأممالمتحدة، لعدم جدواها في إيجاد الحل المرتقب للنزاع المفتعل. وفي الوقت الذي يتمسك المغرب بوحدته الترابية، فإنه يعززها بمجهود تنموي كبير لصالح الأقاليم الجنوبية، تجسد في العديد من الإنجازات في القطاعات الاجتماعية وفي مخطط العمل لسنوات 2008-2004 الذي أشرفت عليه وكالة تنمية الجنوب وشمل السكن الاقتصادي وقرى الصيد والصيد الساحلي ودعم الجماعات المحلية والتأهيل الحضري للمدن ودعم الأنشطة المدرة للدخل. وانطلاقا من تمسكه بوحدته الترابية، يواصل المغرب نهج اليد الممدودة إلى الأشقاء في الجزائر. وأكد جلالة الملك مواصلة اتخاذ المبادرات الصادقة والتجاوب مع كل الإرادات الحسنة، من أجل تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية وإقامة شراكة بناءة مع هذا البلد الجار الشقيق، وفاء لروابط حسن الجوار بين الشعبين الشقيقين والتجاوب مع طموحات الأجيال الصاعدة، لتسخير طاقات الشعبين لرفع التحديات الحقيقية للتنمية والتكامل. وفي السياق نفسه أكد جلالة الملك أنه لا يوجد أي مبرر لاستمرار إغلاق الحدود بين البلدين، كإجراء أحادي يعيشه الشعبان الجاران الشقيقان كعقاب جماعي يتنافى مع أواصر أخوتهما التاريخية ومستقبلهما المشترك ومع مستلزمات الاندماج المغاربي. وبذلك يجدد المغرب دعوته إلى فضاء مغاربي مفتوح وإلى أن تبادر الجزائر الشقيقة إلى إعمال فضيلة حسن الجوار وفتح الحدود البرية مع المغرب لتيسير تنقل الأشخاص والممتلكات وفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين قوامها التطبيع الكامل والتوجه الصادق لبناء المغرب العربي. إن إبقاء الحدود مغلقة بين المغرب والجزائر يسفه كل المقولات حول بناء المغرب العربي الذي لا يمكنه أن يستقيم إلا بعلاقات طبيعية بين الجزائر والمغرب قائمة على حسن الجوار وعلى احترام الوحدة الترابية والسيادة الوطنية لكل دولة عضو في الاتحاد المغاربي.