يعول الاقتصاد الروسي،الذي مر منذ العام 2015 بانكماش حاد ،على تظاهرة كأس العالم التي تحتضنها البلاد على مدى شهر لحفز النمو وخلق دينامية قوية تشكل قوة دفع للسنوات المقبلة. وتوقع المسؤولون الروس أن يكون لكأس العالم تأثير إجمالي على الاقتصاد الروسي يبلغ نحو 31 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة. وبحسب نائب رئيس الوزراء أركادي دفوركوفيتش الذي كان يتحدث للصحافيين في في وقت سابق ، فإن الاستعدادات لكأس العالم ساهمت بنحو 14 مليار دولار (حوالي نقطة مئوية واحدة) في الناتج المحلي الإجمالي لروسيا خلال السنوات الخمس الماضية. وقال"واحد في المئة بالتأكيد أمر جيد للغاية ومساهمة بالغة الأهمية في التنمية. يمكنني القول إنه بدون نهائيات كأس العالم لن يكون هناك نمو اقتصادي في الوقت الحالي“. وعرف الاقتصاد الروسي خلال السنوات الماضية انكماشا وتراجعا حادا، فالعملة الوطنية الروبل انخفضت ب 55 في المائة في مقابل الأورو وب 58 في المائة في مقابل الدولار منذ العام 2004. كما أظهر الاقتصاد أسوأ أداء بين البلدان المتقدمة والنامية في عام 2015، مع انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5ر3 في المائة بالمقارنة مع عام 2014. وفي العام الماضي، خرجت البلاد من الركود ،الذي غاصت فيه سنتي 2015 و2016 بسبب انخفاض أسعار النفط، والذي تفاقم بسبب العقوبات الغربية ضد موسكو. لكن رغم ذلك فقد سجلت نموا أقل بكثير من التوقعات ،إذ لم يتجاوز 5ر1 في المائة في حين أن صندوق النقد الدولي توقع نموا من 8ر1 في المائة والحكومة أكثر من 2 في المائة. وبحسب توقعات العام الجاري استنادا للمكاسب الاقتصادية لتنظيم المونديال والارتفاع الهام المسجل في أسعار النفط ،عصب الاقتصاد والصادرات الروسية ،فمن المتوقع أن يرتفع الناتج الداخلي الإجمالي الى ما فوق 2 في المائة، وإن كان سيبقى بعيدا عن معدل7 في المائة المسجل في ما بين 2000 و2008 . وتعتمد روسيا بشكل كبير على صادرات المحروقات ،التي تمثل إيراداتها 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي و50 في المائة من ميزانية الدولة. ويضيف نائب رئيس الوزراء أركادي دفوركوفيتش ”أنه لولا الإنفاق المرتبط ببطولة كأس العالم لكرة القدم هذا الصيف لن يكون هناك نمو اقتصادي في البلاد“. كما عرض تقريرا حول التأثير الاقتصادي للبطولة ،أشار الى أن الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قد تصل إلى ما بين 62ر1 تريليون روبل (26 مليار دولار) و29ر1 تريليون روبل (8ر30 مليار دولار) على مدى 10 سنوات من عام 2013 حتى عام 2023. وعلى المستوى المحلي ساهم الإنفاق على تنظيم المونديال في دفع عجلة التنمية بالمدن والأقاليم ،التي ستحتضن المباريات ،من خلال التجهيزات الأساسية الجديدة في النقل والسياحة والاستقبال علاوة على التجهيزات الرياضية ،وهو ما من شأنه خلق دينامية نمو في تلك المناطق للسنوات المقبلة ،هذا إضافة الى الآثار الجانبية المتأخرة من تلك الاستثمارات الحكومية. وبحسب وسائل الإعلام الروسية ،فقد خلق المونديال 220 ألف وظيفة جديدة مرتبطة بالخصوص بالتجهيزات والمشاريع المنجزة لاستقبال هذا الحدث ،وهي التجهيزات التي تروم أيضا تحويل تلك المدن والبلدات الى مراكز جذب اقتصادي وسياحي هائل للسنوات المقبلة. ونقلت عن المسؤولين الروس قولهم إن ”كل المباني والتشييدات الجديدة سيتم توظيفها في برامج تنموية وتطويرية لاحقا تفيد تلك المنطقة ولا أحد يستطيع أن يوبخنا بأننا نخلق شيئا لن تكون هناك حاجة إليه“. وأفاد تحليل أصدره معهد غايدار الروسي في يناير الماضي أن كأس العالم قد تضيف ما يصل الى 2ر0 في المئة لنمو الناتج المحلي الاجمالي السنوي في الربعين الثاني والثالث من 2018. ومن جانبه ،قال تقرير مماثل للبنك المركزي الروسي إن الإنفاق على الاستعدادات للبطولة ساعد بالفعل في دعم الاقتصاد الذي عاد للنمو العام 2017. وأضاف ”في ما يتعلق بالفصلين الثاني والثالث من عام 2018 سيكون هناك تأثير إيجابي قصير الأجل على الاقتصاد الروسي يتمثل في نمو الوظائف وزيادة الطلب على المنتجات والخدمات الاستهلاكية“. لكن البنك المركزي حذر أيضا من أن البطولة قد تؤدي إلى زيادة في أسعار المستهلكين. وهو المعطى الذي حذرت منه وسائل الإعلام المحلية ،التي اعتبرت أن مونديال روسيا سيكون له أثر عكسي على أسعار المستهلكين ،فالفنادق والمطاعم رفعت من الآن أسعارها وستتبعها ككرة ثلج المواد الغذائية وباقي المواد الاستهلاكية والتجهيزات ،ما قد يوثر بشكل بالغ على البلد بعد المونديال على غرار ما وقع في الصين بعد الألعاب الأولمبية للعام 2008.