يواصل المعهد الملكي للثقافة الامازيغية تنظيم سلسلة أنشطته الثقافية والاعلامية، والتي تمتد من يوم 16 إلى 20 أكتوبر الجاري. تحت شعار "الأمازيغية الآن". وذلك تخليدا للذكرى الحادية عشر للخطاب الملكي بأجدير. وفي هذا الاطار ينظم المعهد اليوم الجمعة 19 أكتوبر 2012، بالمكتبة الوطنية للمملكة، ندوة تحت عنوان أي سياسات حكومية بعد ترسيم الامازيغية، والتي ستعرف مشاركة كل من وزير التربية الوطنية ووزير الاتصال ووزير الثقافة وثلة من المهتمين والمختصين في الشأن الامازيغي.
وسيتواصل برنامج المعهد يوم غد السبت بتنظيم حفل تسليم جوائز الثقافة الامازيغية في مختلف فروع الثقافة والفن وكذا الاعلام والبحث... تليه سهرة فنية بمشاركة مجموعة من الفنانين من الاطلس وسوس والريف بالاضافة إلى الفنان عبد لعزيز الستاتي.
وكان المعهد بدأ نشاطه بتنظيم أيام مفتوحة في وجه العموم وطلبة ماستر الدراسات الامازيغية، وهي الايام التي ستمتد إلى غاية يوم السبت 20 اكتوبر 2012.
كما ان المعهد نظم ندوة صحفية أول أمس الاربعاء وذلك بحضور ثلة من رجال الصحافة المكتوبة والالكترونية والسمعية البصرية، قدم خلالها احمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. والحسين مجاهد، امين المعهد، بعض انجازات المعهد وتحديات المرحلة بعد ترسيم الامازيغية والمصادقة على المخطط التشريعي لحكومة بنكيران، كما أجابا على اسئلة الصحافة بخصوص الوضع الجديد للامازيغية بعد دستور 2011 وكذا علاقة المعهد بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي نص على إحداثه الدستور الجديد.
اللقاء كان مناسبة لتقييم تجربة المعهد في مجالات اشتغاله وخاصة في مجال معيرة اللغة الامازيغية وتقعيدها وتهيئتها وإنجاز الحوامل الديداكتيكية وكل ما يتعلق ببيداغوجة تدريس الامازيغية، وفي هذا الصدد أكد بوكوس ان تجربة تدريس الامازيغية كانت ناجحة بكل المقاييس وأن الفشل الذي عرفته وخاصة في مرحلة 2007-2011، التي وصفها بما يشبه "السنة البيضاء"، يرجع بالأساس إلى حكومة عباس الفاسي ووزارة التربية الوطنية بالخصوص التي لم تكن تتوفر على إرادة سياسية لتنفيذ برنامج الشراكة بين المعهد والوزارة، حيث جمدت اعمال اللجنة المشتركة منذ ذاك الحين.
وقال العميد بهذا الخصوص ان "نسبة المدارس التي تدرس اللغة الامازيغية من المستوى الاول إلى الثالث ابتدائي لا تتجاوز 2 بالمائة، كما ان 15 بالمائة فقط من الاساتذة في التعليم الابتدائي يدرسون الامازيغية، ومن أضل 5200 استاذ نجد فقط 300 استاذ متخصص في الامازيغية، كما ان التخصص في الدراسات الامازيغية على مستوى الجامعات يعرف اختلالات بفعل عدم توفر الاساتذة."
وقال أحمد بوكوس في عرضه أن ترسيم اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية يعد حدثا تاريخيا يفتح آفاقا غير مسبوقة لصالح صحوة اللغة والثقافة الأمازيغيتين والنهوض بهما ومأسستهما في تكامل مع اللغة العربية.
وأوضح بوكوس. أن الدستور الجديد للمملكة "رسم معالم سياسة ثقافية ولغوية أساسها الاعتراف بتنوع اللغات الوطنية والنهوض بها والانفتاح على اللغات الأجنبية. في نطاق وحدة وتماسك المجموعة الوطنية". معتبرا أن ترسيم اللغة الأمازيغية يعد "حدثا بارزا ذا أبعاد تاريخية بالنسبة لتراثنا الوطني عامة والأمازيغي خاصة".
وأبرز أن "هذا الحدث يعد بالفعل ثمرة تتويج سيرورة تطور سياسي" ساهمت فيه المؤسسات الوطنية والمنظمات السياسية إلى جانب المجتمع المدني والطبقة السياسية والنخبة المثقفة. مضيفا أنه يستمد مشروعيته على الخصوص من كل من خطاب العرش لسنة 2001 وخطاب أجدير (2001) وخطاب تاسع مارس 2011".
واعتبر بوكوس أنه انطلاقا من إقرار اللغة الأمازيغية لغة رسمية. فقد بات من الواجب على مؤسسات الدولة اتخاذ الإجراءات الضرورية لتمكين الأمازيغية من الاستفادة الفعلية من وضعها كلغة رسمية. مضيفا في هذا السياق أنه يتعين على السلطة التنفيذية اتخاذ التدابير الضرورية لتقديم اقتراحات للبرلمان بشأن القوانين التنظيمية الملائمة. خاصة القانون المتعلق بمأسسة الأمازيغية والقانون المتعلق بإنشاء المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. الذي يتولى تصور وتقنين السياسة الثقافية واللغوية بالبلاد.
وأشار إلى أن المعهد سيعمل. في إطار المجلس المذكور. على ترسيخ المكاسب المحققة منذ 2002 . بحيث سيفتح أوراشا جديدة للتفكير والعمل من أجل الإسهام في تأهيل الأمازيغية لتمكينها من القيام بجميع وظائفها في إطار السياق السياسي والجديد وتشجيع التعابير الثقافية والأمازيغية المختلفة.
وقال إن "المعهد يرى أنه من المتعين أن يكون إعمال الوضع الجيد للأمازيغية حافزا للدفع بسيرورة إدماجها في التعليم وفي الإعلام وفي مختلف مناحي ومجالات الحياة العامة". خاصة العدل والصحة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والحكامة الترابية.
وأشار إلى أن المعهد تمكن من تحقيق عدة مكاسب لفائدة اللغة الأمازيغية. منها تهيئة اللغة وتقعيد الكتابة بحرف تيفناغ والبحث في بيداغوجيا الأمازغية وديداكتيكها والدراسات والأبحاث حول التعابير الثقافية والفنية وإدماج الأمازيغية في منظومة التكنولوجيات الحديثة للإعلام.
وأضاف أن هذه المكاسب تشمل أيضا مجالات التعليم والثقافة والشراكة المؤسسية والشراكة مع المجتمع المدني وربط الثقافة بحقوق الانسان والتنمية المستدامة. معتبرا أن هذه المكاسب تتطلب "المزيد من الترسيخ والتعميق والتفعيل".
وخلص بوكوس إلى القول إن ترسيم الأمازيغية سيسهم في تعميق المسلسل الديمقراطي في المغرب. الذي بات بإمكانه. حسب رأيه. أن "يفتخر بين الأمم بكونه نموذجا للتدبير العادل للتنوع الثقافي واللغوي في المنطقة".