كشفت احصائيات جديدة ان المغرب يتصدر البلدان المغاربية في عدد المساجد وحجم الميزانية المخصصة لتسييرها وتدبيرها، وكذا الأوقاف والاملاك التابع لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية التي تشرف على هذا القطاع.. وبلغ عدد المساجد في المغرب، حسب ذات الاحصائيات، 44000 مسجد بميزانية تقدر ب1.4 مليار دولار و70.000 وقف تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية.. هذه الارقام المهولة تجعل المغرب يتصدر قائمة البلدان المغاربية في هذا المجال، مع ما يستتبع ذلك من مصاريف العناية والتسيير وأداء رواتب ومستحقات جيش من الأئمة والمؤذنين والقيمين على هذه المساجد.. وإذا كانت هذه المعطيات تدل على ان المغاربة متشبثون بدينهم وأن المحسنين لا يتورعون في التبرع بأموالهم وعقاراتهم إرضاء لله وطمعا في الجنة، فإن ذلك يطرح إشكالا كبيرا في فهم الدين وما يدعو إليه ويحض عليه من أفعال خير وتطوع يمكن ان تدخل في ما نسميه اليوم بثقافة المواطنة.. كيف لبلد يعاني الفقر والهشاشة في كل مناحي الحياة، ان ينفق محسنوه أموالهم في بناء المساجد وتواصل فيه الدولة بناء المساجد والجوامع الفخمة، رغم ان الاسلام يدعوا إلى الوسطية في كل شيء وعدم الاسراف وتبذير الاموال خاصة عندما يكون الانسان في حاجة إليها، وهو ما ينطبق على المغرب الذي تعرف مستشفياته ومدارسه اكتظاظا ونقصا في التجهيزات علاوة على قلة عددها وغيابها في العديد من المناطق بالمملكة.. لماذا إذن الاكثار من المساجد، والحال ان الله تعالى يقول في محكم كتابه العزيز "ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله"، ثم ان الصلاة تجوز في اي مكان شرط ان يكون طاهرا ونحن نعلم ان ارض الله واسعة كما يقال، ثم ان كل هذه المساجد التي يتم الانفاق عليها وتبذير الاموال عليها تكون في الغالب الاعم خالية ولا يؤمها المصلون إلا في الأعياد الدينية وخلال شهر رمضان وخاصة من طرف اولئك الذين يسمون لدى المغاربة ب"عبادين رمضان"، وهؤلاء لا يمكن الاعتماد عليهم في شيء لانهم لا يظهرون مايخفون وهم بذلك نوع من المنافقين الذين لا يهمهم الاكثار في المساجد ولا يكترثون بقلة المستشفيات والمدارس.. وعلاقة بالموضوع، احتل المغرب صدارة البلدان التي تعنى بمساجد فرنسا، وقد بلغت المخصصات السنوية لبنائها أو صيانتها 6 مليون أورو، متفوقة على مخصصات المملكة العربية السعودية والجزائر. وفي تحقيق منجز على صفحات مجلة Le Dimanche، فإن مجموع ما خصصه المغاربة للعناية بالمساجد في الجمهورية الفرنسية يكاد يكون ضعف مخصصات السعودية التي تقدر ب3,8 مليون أورو فيما تبلغ مخصصات الجزائر 2 مليونا أورو. وإذ يعد الإسلام ثاني دين في فرنسا بواقع يقدر بنحو 6 ملايين مسلم، فإن بناء المساجد والسهر على تدبيرها يتحمله المسلمون، أما التمويل فغالبا ما يتم عبر الزكاة. وتبلغ نسبة المساجد الممولة عبر الزكاة نحو 80 في المائة من مجموع 2400 مسجدا في البلاد، لكن 64 في المائة من هذه المساجد تظل صغيرة المساحة بما لا يتعدى 150 مترا مربعا..