سجل المغرب، اليوم الجمعة 26 يناير بأديس أبابا، دخوله إلى مجلس السلم والأمن، وهو هيئة محورية تابعة للاتحاد الإفريقي تتولى تعزيز الأمن والاستقرار بالقارة. ويتعلق الأمر بانتخاب تاريخي جاء ليكرس دور المملكة كقوة للسلم بالقارة وخارجها في العالم. وحصل المغرب، الذي سيشغل هذا المقعد أيضا لمدة سنتين قابلة للتجديد (2018-2020)، على 39 صوتا، حيث أن ثلثي الأصوات التي يتعين الحصول عليها لشغل هذا المقعد هي 36 صوتا. ووفقا للآلية التي أنشأها البروتوكول المتعلق بمجلس السلم والأمن، فإن الهيئة التنفيذية للاتحاد الإفريقي تتكون من 15 دولة عضو، وهي عشرة بلدان منتخبة لولاية واحدة مدتها سنتين، وخمسة يتم انتخابها لولاية مدتها ثلاث سنوات، من أجل ضمان استمرارية أنشطة مجلس السلم والأمن. ويبقى مجلس الأمن والسلم أرضية أساسية للدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي لتعزيز سياستها الخارجية فى مجال السلم والأمن. ومن بين أهداف مجلس السلم والأمن، التي حددها بوضوح القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، "تعزيز السلم والأمن والاستقرار بالقارة" حسب مبادئ "الحل السلمي للنزاعات بين الدول الأعضاء في الاتحاد بالوسائل المناسبة التي يمكن أن يقررها مؤتمر الاتحاد". إن القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، الذي تمت المصادقة عليه في مؤتمر قمة سرت الثانية في 11 يوليوز 2000، شكل نقطة تحول في تاريخ هذه المنظمة الإفريقية التي أعطت الأولوية للتنمية والأمن، وخاصة من خلال إنشاء مجلس للسلم والأمن. وقد وضع البروتوكول المتعلق بإحداث اللجنة، الذي تمت المصادقة عليه في يوليوز 2002 في دوربان بجنوب إفريقيا، الركائز الأساسية لهندسة السلم والأمن الإفريقي. ودخل هذا البروتوكول حيز التنفيذ في 26 دجنبر 2003 بعد مصادقة 27 عضو، وتم إنشاء مجلس السلم والأمن رسميا في 25 ماي 2004. ويأتي انتخاب المغرب بهذه الهيئة الاستراتيجية، أيضا، للاستجابة للمطالب التي أعربت عنها غالبية البلدان الإفريقية ومراكز البحوث الاستراتيجية والأمنية. وأكد مسؤولون أفارقة مشاركون في القمة الثلاثين للاتحاد الإفريقي أن للمغرب دور مهم في تعزيز السلم والاستقرار بإفريقيا، وذلك بالنظر إلى الخبرة الواسعة التي اكتسبتها المملكة في المجالات المتعلقة بتنمية وازدهار الشعوب. وقال وزير الشؤون الخارجية النيجري، جوفري أونياما، على هامش انعقاد الدور العادية ال32 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، إن المغرب لم يدخر جهدا من أجل استتباب السلم والأمن في القارة. في نفس الإطار، قال وزير الشؤون الخارجية التنزاني، أوغستين ماهيغا، إن المغرب يضطلع بدور مهم داخل مجلس السلم والأمن، مضيفا أن انتخاب المغرب عضوا في هذا المجلس سيتيح للمملكة فرصة أفضل لتعزيز إسهامها القيم في مجال السلم والأمن في القارة ، مذكرا بالدور المهم الذي اضطلع به المغرب في قضايا حفظ السلام في إفريقيا منذ إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا). من جهته، أكد معهد الدراسات الأمنية (مقره في بريتوريا بجنوب إفريقيا) القناعة نفسها التي يذكيها ويعززها العمل الدؤوب الذي يقوم به المغرب لصالح السلام والاستقرار والأمن، مشيرا، في تقرير صدر مؤخرا، إلى أن المغرب طور "قوة ناعمة" عززت مكانته كصوت للسلام والاعتدال وكقوة قادرة على الإسهام في عمليات حفظ السلام في إفريقيا. وسجل المعهد، في تقريره، أن المغرب "أبان مسبقا عن التزامه لصالح الأمن في إفريقيا عن طريق مشاركته الفعلية والفعالة في مهام حفظ السلام، ما أكسبه الاحترام عبر القارة"، مبرزا الانعكاس الإيجابي لعودة المغرب لحظيرة الاتحاد الإفريقي. وذكر المعهد، في هذا السياق، بأن المغرب، ومنذ استقلاله، شارك في العديد من مهمات حفظ السلام بإفريقيا، مضيفا أنه يتوفر حاليا على قوات للقبعات الزرق منتشرة بكل من جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية.