اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الجمعة، بموقف القضاء في الجزائر من "شرعية" إضراب الأطباء المقيمين. وكتبت صحيفة (ليبيرتي) أن قرار القضاء ب"عدم شرعية" إضراب الأطباء المقيمين ليس مفاجئا، بما أنه يتماشى مع جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم الجزائرية، التي غالبا ما يتم اللجوء إليها بشكل استعجالي لتفصل في مدى قانونية الإضرابات التي تشنها النقابات وغيرها من الكيانات المهنية. وذكرت بأن نقابة مستخدمي الملاحة الجوية التجارية بشركة الخطوط الجوية الجارية، الذين أدى توقفهم عن العمل إلى شلل في المطارات، توصلت بكم مماثل، مضيفة بأنه لم يسبق، طيلة الأشهر القليلة الماضية، ولا حتى في السنوات الأخيرة، أن قضت العدالة بحكم في صالح المحتجين في نزاع من هذا القبيل. واعتبرت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "تنازلات ضرورية" أن هذه القرارات، التي غالبا ما تجبر على تعليق الإضرابات، لا تحل في شيء المشاكل المطروحة، كما أنها لا تمكن من ذلك، إذ كما هو معروف، في أغلب الحالات، فإن إيجاد حل للمشاكل يتم عبر التفاوض. من جهتها، لاحظت صحيفة (الشروق) أن السلطات الجزائرية، وأمام تعدد البؤر المطلبية، تستعمل بشكل إرادي أسهل الحلول والمتمثل في اللجوء إلى العدالة للفصل بعدم قانونية الإضرابات. وأضافت أنه من خلال تحميل العدالة مسؤولية خنق الإضرابات النقابية، يحول النظام المشاكل المهنية إلى قضايا تخص المحاكم، ليعفي نفسه بذلك، ولو إلى حين، من تدبير النزاعات الاجتماعية. وأوضحت الصحيفة أنه عندما يتعلق الأمر بتضرر القطاعات الحيوية، مثل قطاع الصحة، بفعل نزاعات اجتماعية واضطرابات مستدامة، فإنه يتعين على الجهاز التنفيذي أن يبادر إلى التحرك، عوض التأخر، على اعتبار أن اللجوء إلى القمع لا يؤدي سوى إلى المزيد من تسميم الأوضاع أكثر مما يحسنها. من جانبها، كتبت صحيفة (الحياة) أن القطاع التابع للدولة، من مقاولات ومصالح، ظل نسبيا بعيدا عن أزمات اجتماعية خطيرة، لأن الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهي النقابة المهيمنة في القطاع الاقتصادي العمومي، انخرطت في مهمة للوساطة مقابل استفادتها من وضع شريك اجتماعي يحظى بالأفضلية لدى الدولة. وسجلت أن الحكم، وبمحافظته على مصداقية نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، يحول دون تطور العمل النقابي المستقل المنتشر بقوة في الوظيفة العمومية، مبرزة أنه بتبخيسه للمبادرات والمطالب الواردة من النقابات المستقلة، فهو يسعى إلى زرع اليأس وسط منخرطيها حول عدم جدوى هذه النقابات، وهي طريقة أخرى للتصدي لانتعاشها. أما صحيفة (الوطن) فأكدت أن النظام الجزائري يواجه مشكل الديمقراطية، بمعناها الواسع، فهو من طبيعة سياسية أخرى تتعارض مع ثقافة الحريات، الجماعية والفردية، موضحة أنه ضمن استراتيجية الاضطهاد التي ينهجها، فهو يلجأ إلى كافة الوسائل المؤسساتية، بما فيها العدالة، التي تم استغلالها في قمع حريات المواطنين، في البداية ضد المعارضة السياسية، ثم ضد حرية الصحافة، وأكثر فأكثر ضد العمل النقابي. وذكرت الصحيفة، في هذا الصدد، أن الأطباء المقيمين عازمون على مواصلة إضرابهم، الذي يخوضونه منذ نونبر الماضي، بالرغم من قرار المحكمة الإدارية ببئر مراد الرايس، التي قضت ب"عدم قانونية" هذه الحركة الاحتجاجية، حيث اعتبر الدكتور بوسعد نهليل، عضو التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين الجزائريين، في تصريح للصحيفة، أن "قرار المحكمة الإدارية، مع لعب وزارة الصحة على الحبال، جاء ليصب الزيت على النار"، مؤكدا أن القرار كان منتظرا.