تضمن برنامج "زاوية كبرى"، الذي بثته القناة الثانية أمس الخميس، وثائقي خاص عن الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها قيادة الانفصاليين في حق المحتجزين بمخيمات العار بتندوف، ومختلف مظاهر التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له. ويتضمن البرنامج، الذي تم تصويره في العديد من المناطق، ك"أسّا" و"طانطان" وّالرباط" و"العيون" و"مدريد" و"نواكشوط" و"لاس بالماس"..، شهادات صادمة لمجموعة من المعتقلين السابقين وكذا نساء تعرضن للاغتصاب على يد قيادات بارزة في جبهة الانفصال وعلى رأسهم إبراهيم غالي، المتابع أمام المحاكم الاسبانية بتهم ثقيلة أصبح على إثرها معرضا للاعتقال بمجرد أن تطأ قدماه اسبانيا.
وأعاد الشريط الوثائقي، الذي امتد لساعة ونصف، معاناة المحتجزين السابقين في سجون العار بتندوف إلى الواجهة، ومن بين هؤلاء، السجين السابق محمد مولود الشويعر، الذي قدم جردا لأشكال وأنواع التعذيب الذي مورس عليه، وكيف كان يلجأ إلى شرب بوله لما يشتد عطشه، وكيف كان الجلادون يمنحونهم كأس ماء في اليوم لا يكفي لسد عطشهم.
وأكد الشويعر، الذي غالبا ما يغادر إلى الصحاري ضواحي اسا للخروج من روتين الحياة داخل المدينة ليسترجع الذكريات برفقة سجين آخر كان يرافقه خلال سنوات الاحتجاز، كيف كانت عُشبة تعالج آلامهم في مخيمات العار.
أما السجين الآخر المدعو محمد الكبش، فقد أكد أنه أصيب بالتهاب الكبد الفيروسي من شدة الكي والتعذيب الذي تعرض له طيلة 12 سنة، وقد حاول العلاج منه بعد عودته إلى المغرب، إلا أن المعاناة ما تزال تلازمه، وأن ظهره ما زال يحمل أثارا شاهدة عن تلك الفترة البئيسة.
وبالرغم من أن الشريط الوثائقي، الذي تضمنته حلقة "الزاوية الكبرى"، لم يطرق إلا لبعض الحالات، فإن سجل جلادي البوليساريو حافل بالانتهاكات التي ارتكبها زعيم الانفصاليين حاليا إبراهيم غالي، الذي كان يطفئ سيجارته في أفواه ضحاياه.
وجاءت شهادة صادمة، لما كان يقوم به المجرم غالي، على لسان محفوظ بوعمود السالك، الذي اعتقل 30 سنة دون محاكمة، ولاقى مختلف أشكال التعذيب في سجون العار من كي وتعنيف بأعقاب السجائر، وأحيانا تذويب أجساد السجناء وهم أحياء أمام أعينهم لتخويفهم وإرهابهم.
وانتقل طاقم البرنامج إلى مدريد، حيث يتابع جلادو البوليساريو بعد الشكايات التي قدمها رئيس جمعية مفقودي وسجناء البوليساريو الداهي اكاي الذي كان بدوره مسجونا ولاقى العذاب في الفترة ما بين 1974 و 1980 بمخيمات تندوف، حيث عبّر الداهي عن إصراره للذهاب إلى ابعد حدود في مقاضاة جلادي البوليساريو، حتى يتم إنصاف جميع الضحايا.
ولأن العذاب والتخويف والتهجير لدى قادة البوليساريو تتنوع مظاهره، فقد ابتكرت قيادات الجبهة في السنوات الأخيرة طريقة جديدة لتعذيب من يعارضها أو يعبر عن رأيه من مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، إذ اختارت جبهة الانفصال إبعاد مصطفى سلمى ولد سيدي مولود إلى نواكشوط، وحرمانه من العيش ورؤية أبنائه بمخيمات تندوف..