أكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الجزائر تسجل سنويا أكثر من 14 ألف احتجاج بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وذكرت الرابطة في تقرير أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، أن نسبة البطالة في ارتفاع متواصل وتعدت 25% بين الشباب، وأن أكثر من عشرة ملايين جزائري يعيشون بأقل من 1.25 دولار يوميا.
ووفق المنظمة الحقوقية غير الحكومية فإن 80% من ثروات الجزائر تتركز في يد 10% من السكان، وهناك أكثر من 450 ألف أسرة تعاني أزمة سكن. وحذرت الرابطة في تقريرها من كارثة اجتماعية في الجزائر "إن لم تسارع الحكومة إلى إيجاد حلول عاجلة".
وحمل تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان "السياسات الاجتماعية والاقتصادية المطبقة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي المسؤولية" وقال إن رئيس الحكومة أحمد أو يحيى الذي يشغل حاليا منصب مدير ديوان رئاسة الجمهورية نفذ توصيات صندوق النقد الدولي "وأغلق مئات المصانع والشركات وسرح آلاف العمال".
وتعليقا على ما جاء في التقرير، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة فارس مسدور إن الأرقام التي أوردها التقرير" قريبة من الواقع ولو أن الواقع يفوقها بكثير". وأوضح مسدور أن المسح الميداني "يبين أن 15 مليون جزائري يعيشون بأقل من دولار في اليوم، ومظاهر الفقر التي كنا نعرفها في سنوات الستينيات والسبعينيات لا تزال موجودة خصوصا في المناطق الصحراوية".
هذا وتشير تقارير غربية ان حال الغموض التي تعم البلاد وتشل نشاطاتها على كل المستويات تزيد الأمور تعقيداً، خاصة بعدما تأكد بالملموس الحالة الصحية المتدهورة للرئيس الجزائري بوتفليقة، ولا يستبعد ان تنعكس تداعياتها السلبية يومياً على صورة الجزائر، ما يدفع بالمهتمين إلى الدخول في رهانات والبحث باستمرار عن معلومات قبل اتخاذ مواقف تنسجم مع الحفاظ على مصالحهم مستقبلاً.
فالحديث عن "ثقافة المؤامرة"، التي اشتهرت في الجزائر على مر العقود بتدخل من الأجنحة الحاكمة، أصبح اليوم أكثر ترداداً، خصوصاً بعد الصراعات التي تظهر إلى العلن بين الأطراف المتنازعة وتأخذ منحى تصفية الحسابات.
ويتخوف الجزائريون من أن زمام الأمور قد يفلت للمرة الأولى من الذين أمسكوا بالنظام وأداروا ثرواته طوال عقود من الزمن. لم يعد يخفى على المواطن العادي أن الحكومة الحالية، نتيجة انخفاض أسعار النفط وسوء إدارة الوضع المالي للبلاد، مما أدى الى خسارة ، نحو 48 بليون دولار في ستة أشهر. والواضح أن الخيارات التي تتخذها الحكومة أحلاها مر، فجميعها خيارات صعبة خصوصاً أن الحكومة وجدت نفسها مضطرة إلى الاختيار بين التضحية بالقدرة الشرائية للمواطن وتوسيع رقعة الفقر وبين استنفاد ما تبقى من احتياطاتها النقدية.
ويحدث هذا في وقت تتدنى فيه القوة الشرائية للمواطن الجزائري وتزداد رقعة وحدة الاحتجاجات في البلاد، ولم يعد النظام يتمكن، كما في السابق، من امتصاصها وشراء السلم الأهلي عبر ضخ أموال للتخفيف من حدة النقمة الحاصلة، أو من خلال الإعلان عن وعود تتضمن إنجازاً سريعاً لمشاريع التنمية.