وجد جامع معتصم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ورئيس ديوان رئيس الحكومة، نفسه مثقلا بالمسؤوليات الكثيرة التي سعى إليها في نفس الوقت إلى درجة لم ينتبه، وهو احتمال ضعيف، إلى حالة التنافي التي وجد نفسه فيها كعضو لمجلس النواب، مما دفعه إلى تقديم استقالته كي يفتح الباب لأخيه محمد الزويتن لتعويضه بعد إعلان المجلس الدستوري عن شغور موقعه. وحيث أنه لم يقدم على تقديم استقالته إلا بعد انتخاب رئيس مجلس النواب في يناير المنصرم، وحيث أنه سجل ضمن فريق العدالة والتنمية إلى حدود استقالته، فإنه ليس معروفا ما إذا أخذ تعويضات الأربعة أشهر من العطالة والتنافي أم أنه سيرجعها لخزينة الدولة كما يقتضي بذلك المنطق وتتطلبه الأخلاق بصفة عامة، خصوصا وأنه يحصل على تعويضات من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي عين به مباشرة بعد خروجه من السجن الذي أودع به بتهمة فساد، ومن المجلس الجماعي لسلا الذي يتولى رئاسته، بالإضافة إلى التعويضات التي يتلقاها عن مسؤوليات عمومية أخرى، ومن بينها رئاسته لديوان رئيس الحكومة وصديقه عبد الإله بنكيران، الذي راجت أخبار عن ترشيحه له ليتولى الوزارة.
وبحساب بسيط لمجموع التعويضات المتاح لجامع معتصم الاستفادة منها، فإنه يعتبر من المسؤولين العموميين الأعلى دخلا في البلاد، بحيث يتجاوز رئيس الحكومة والوزراء.
وكان هذا المعلم القادم من تزنيت، حيث ترك وراءه ما اعتبره البعض فضيحة تعاونية سكنية، قد انتقل من المسؤولية النقابية لقطاع التعليم في المركزية النقابية: الاتحاد الوطني للشغل، التي ورثها حزب العدالة والتنمية عن الحركة الشعبية الدستورية لصاحبها عبد الكريم الخطيب، إلى البرلمان الذي انتقل بين مجلسيه، ليصبح أحد رجال ثقة بنكيران ويستفيد من دعمه القوي له، بحيث جعله حارسا أمينا لدائرته الانتخابية بسلا، وسهل وصوله إلى رئاسة المجلس الجماعي للمدينة، ورشحه في قائمته لانتخابات مجلس النواب في انتخابات 7 أكتوبر الماضي ومكنه من المقعد الذي تخلى عنه في يناير المنصرم.
تجميع المهام بهذا الشكل لم يمر دون أن يثير أسئلة في قواعد الحزب الإسلامي التي رأت فيه احتكارا وسعيا إلى المصلحة الخاصة والاغتناء وليس نصرة للإسلام أو خدمة للحزب، وإلا فإن وضع عدد كبير من المسؤوليات في يد رجل واحد ذو إمكانيات معرفية وثقافية محدودة جدا دليل على عقم هذا الحزب أو على تحكم كمشة من الناس فيه يتبادلون المصالح فيما بينهم.