في شموخ ومن على جبل يطل مركز محمد السادس لحوار الحضارات على مدينة كوكيمبو الشيلية (نحو 471 كلم عن العاصمة سانتياغو) وعبرها يمد جسور الحوار والتقارب بين مختلف الشعوب والديانات والثقافات. إنها معلمة فريدة من نوعها في أمريكا اللاتينية تجعل مئات الزوار يشدون الرحال إليها يوميا و يقفون منبهرين ببراعة الصانع المغربي الذي أبدع في إخراج تحفة فنية في أبهى الحلل حتى غدت أيقونة معمارية تسر الناظرين وتأسر عيون الزائرين.
ويشمل المركز قسمين رئيسن يضم الأول قاعة متعددة الاختصاصات، بها مكتبة على رفوفها وضعت أمهات الكتب التي تغوص في أغوار الثقافة المغربية والعربية والإسلامية، أما القسم الثاني فهو مسجد بني على الطراز المعماري المغربي الأصيل.
وعن هذا المركز تقول سفيرة المغرب بالشيلي، كنزة الغالي، إن مركز محمد السادس لحوار الحضارات يعد معلمة تاريخية إسلامية هامة تضطلع بدور كبير وهي موقع جذب سياحي لكثير ممن يرغبون في التعرف عن قرب على المملكة المغربية وحضارتها وثقافتها، مشيرة إلى أن المركز يعتبر أيضا رافعة لتعزيز الدين الاسلامي الحنيف القائم على الوسطية والاعتدال.
كما أن المركز الذي يعود الفضل في تشييده لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يعمل على مد جسور التواصل مع شعوب أمريكا اللاتينية ومع الجاليات المسلمة المقيمة في مختلف بلدان القارة، تضيف الديبلوماسية المغربية، مبرزة في السياق ذاته أن المركز يعد تحفة معمارية فريدة من نوعها جمعت بين الزخرفة والفن المعماري والنقش على الخشب والزجاج والجبص، أبدعتها أنامل مغربية قدمت من المغرب إلى كوكيمبو لتخلف بصمات الابداع خالدة، ما يجعل زوار المكان في دهشة دائمة أمام تنوع وعمق التاريخ والثقافة والفن المعماري المغربي.
وأشارت إلى أن مركز محمد السادس لحوار الحضارات يتصدر المشهد الحضاري في أمريكا اللاتينية ويلعب دورا في غاية الأهمية على مستوى تقريب المغرب من أمريكا اللاتينية وتقريب المملكة من هذه القارة.
وأضافت الغالي أن الكثير من زوار المركز يعتبرون أن مسجده يشبه إلى حد كبير مساجد المملكة كالكتبية بمراكش أو مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، أو جامع القرويين بفاس، وهو ما يذكرهم بتلك الأماكن المقدسة التي زاروها بالمغرب أو سمعوا عنها فيجيدونها هنا ببلدهم بأمريكا اللاتينية، ومن هنا تنبع أهمية المركز باعتباره معلمة حضارية وتاريخية ودينية تعكس إشعاع المملكة وتفردها.
“لقد سمعنا نحن في الارجنتين الكثير عن هذا المكان الرائع الذي يمنح زائريه الاحساس بالطمأنينة والسلام بالاضافة إلى كون موقعه المتميز يسمح بإلقاء نظرة شاملة على كامل مدينة كوكيمبو”، يقول أغوستين في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، مضيفا أن المركز “تزينه هندسة معمارية تمت مراعاة الكثير من التفاصيل في إبداعها .. والأكيد أن ذلك تطلب الكثير من الوقت والجهد من أجل إخراج هذه التحفة الفنية إلى الوجود بشكل رائع”.
وفي تقدير سائح آخر من العاصمة سانتياغو، فإن المعلمة تبهر زوارها سواء بمنظرها الداخلي أو الخارجي حيث تنتصب في أعلى جبل يطل على المدينة مما يثير انتباه زوار كوكيمبو ويدعوهم إلى زيارة المركز، و”هذا هو الاحساس الذي انتابني ما دفعني إلى صعود الجبل وزيارة الموقع والتعرف عليه والاستمتاع بمشاهدة شكله المعماري الجميل خاصة فن الزخرفة على الخشب”.
من جانبه، اعتبر مدير التنمية بعمدية مدينة كوكيمبو، ميغيل أنخيل كوادروس أن مركز محمد السادس لحوار الحضارات “يجسد في واقع الأمر روعة معمارية، ولكن بداخل هذه المعلمة نتلمس وجود قيم وثقافات نرغب في تطويرها ونشرها خاصة وأنها تعكس غنى وتنوع الحضارة المغربية”، مسجلا أن المركز يمثل بالنسبة إلى الشيليين نقطة التقاء للشعوب والثقافات وهو مفتوح في وجه الجميع.
ويبقى التعريف بالإسلام وبسماحته، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتعريف بمختلف أوجه الإشعاع الحضاري المغربي ونشر قيم الحوار والتفاهم والاحترام والتعاون والتقارب بين مختلف الشعوب والحضارات أهداف من بين أخرى، سطرها مركز محمد السادس لحوار الحضارات ويعمل على تنفيذها على أرض الواقع من خلال العديد من الانشطة والبرامج والندوات واللقاءات سواء بالشيلي أوخارجها.