رفع أكثر من 150 من المعتقلين الإسلاميين السابقين المنتسبين إلى "اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين"، شعارات تتهم وزير العدل والحريات بنسيان قضيتهم وخذلانهم، وذلك خلال وقفتين نظموهما أمام مقر المجلس الوطني لحقوق للإنسان بالرباط، ومقر وزارة العدل والحريات، وعرفت الوقفتان معا توجيه اتهامات صريحة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد، هذا الأخير الذي سبق له أن ترافع في عشرات الملفات الخاصة بمعتقلي السلفية الجهادية، المتابعين في قضايا الإرهاب، كما أنه ترأس لسنوات منتدى "الكرامة"، قبل أن يترك مسؤوليته لرفيقه في الحزب عبد العالي حامي الدين. المحتجون الذين رفعوا شعارات "فين القضاء الجديد يا بن كيران والرميد"، و "الرميد كان البارح كيقول هذه محاكمة سياسية واليوم ولى وزير وتناسى القضية"، طالبوا بالإفراج عن كافة المعتقلين بما فيهم المحكومين في قضايا إرهابية خلفت عشرات الضحايا.
ويبدو أن هؤلاء يريدون من الرميد أن يشكرهم على ما اقترفوه في حق البلد من أعمال إجرامية خلفت كثيرا من المآسي الإنسانية، وهو ما بدا واضحا في الشعارات التي رفعوها وعبروا من خلالها عن حالة الغضب ضد الرميد، الذي تحول من محام يدافع عن الإرهابيين، ويساند نضالاتهم، إلى السعي بكل قوته إلى الإفراج عنهم وطلب العفو لشيوخهم، بل وتنظيم الولائم والمآدب احتفاء بهم، ضدا على إرادة الشعب المغربي الذي يريد العدالة الإجتماعية، خصوصا أن بين الضحايا من لا زال يعيش تبعات هذه الجرائم الإرهابية.
بالنسبة للمعتقلين الإسلاميين فالرميد خان القضية وتحول من محامي يدافع عنهم إلى جلاد يكوي جلودهم بنار الظلم، مع أنه ساهم في خروج كثير منهم للتظاهر ضد المجتمع ومعاودة نفس الممارسات التي أدانتها كل القوى الحية.
إن الدعوة إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين في ملفات السلفية الجهادية هي دعوة إلى الفوضى في المجتمع وعودة عصر الفتوات وفرض قانون الغاب على المجتمع، وقانون الفوضى يمنح أصحاب العضلات والسيوف والمتفجرات سلطة على المجتمع لم يمنعهم إياها أحد.
إن ما يحدث في تونس، ومصر من عودة الرعب إلى الشوارع، وسيطرة الإرهابيين على الشوارع، يجعلنا ندق ناقوس الخطر، ونحذر من التساهل مع ممارسات نعتبرها شادة، فالمعتقلون الإسلاميون ارتكبوا جرائم في حق الوطن والشعب، وهم نالوا جزاءهم وفق القانون، وأي تساهل مع القضية ستكون له انعكاسات سلبية على المجتمع، الذي يريد العيش في أمن وأمان، و هي مسؤولية الجهات المسؤولة والتي عليها أن تضع خطوطا فاصلة بين أمن المواطن، ومطالب فئات لا زالت تؤمن بنفس الأفكار التي جرت الويلات على المغاربة. ففي بلد ثورة الياسمين التي لم يشارك فيها السلفيون اقتحموا معرضا للفنون التشكيلية في إشارة إلى العودة إلى عصور الظلام وأغلقوا الجامعات منارات العلم والمعرفة وحاولوا إقامة الحد على مواطن زعموا أنه سرق دراجة نارية في بلد يحكمه القانون. وها هم في مصر يريدون الانقلاب على كل شيء بما في ذلك الديمقراطية التي منحتهم المقاعد البرلمانية.