أكد منسق معاهد ثيربانتيس بالمغرب، ومدير معهد ثربانتيس بالرباط، خابيير غالبان، على أهمية الجانب الثقافي في تمتين العلاقات المغربية الإسبانية، مبرزا الموقع الاستراتيجي للمغرب ك"بوابة" للتعريف بالثقافة الإسبانية في دول إفريقيا جنوب الصحراء. وقال غالبان، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة أسبوع اللغة الاسبانية في المغرب (18-23 أبريل 2016)، إن الثقافة تسهم في مد جسور التعاون بين المغرب وإسبانيا وتبديد الصور النمطية الجاهزة الراسخة في المخيال الجماعي بالبلدين في حقب زمنية معينة.
وأوضح أن هذه الصور النمطية ترجع، بالأساس، إلى عدم المعرفة الحقيقية بالآخر، حيث يختزل الإسبان المغرب في "كثبان الرمال والجمال" بينما تسود صورة الإسباني ك"راقص فلامنكو ومصارع للثيران" لدى المغاربة.
وأبرز، في هذا الصدد، دور معاهد ثربانتيس بالمغرب، التي تعمل على نشر الثقافة الإسبانية والتعريف بها في المملكة، مؤكدا أنه إلى جانب كونها أداة للدبلوماسية الثقافية، تحرص أيضا من خلال أنشطتها على إبراز التراث المشترك بين البلدين، حيث إن "نشر الثقافة كفيل بتغيير التصورات الخاطئة والتعريف بحقيقة الآخر".
وأضاف أن هذه المعاهد تولي أيضا اهتماما خاصا للتعريف بالخصوصيات الثقافية لكل بلد من بلدان أمريكا اللاتينية، انطلاقا من كونها "واجهة للغة والثقافة الإسبانيتين"، لاسيما في ظل الانفتاح المتزايد للمغرب على هذه البلدان التي تشكل المملكة بالنسبة لها بوابة على العالم العربي وإفريقيا.
وأشار غالبان، أيضا، إلى التعاون القائم بين معهد ثربانتيس وعدد من المؤسسات المغربية، مبرزا أن الأمر يتعلق "بتعاون وثيق" مع أقسام الدراسات الإسبانية بالجامعات في المدن التي يوجد فيها المعهد، فضلا عن الاتفاقيات ومشاريع التعاون مع كل من وزارة الثقافة والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية وغرف التجارة.
وفي معرض رده على سؤال حول إقبال المغاربة على تعلم اللغة الإسبانية، أبرز غالبان أن التعددية اللغوية التي يتميز بها المغرب تمنح المواطن المغربي القدرة على تملك اللغات الأجنبية بسهولة بما في ذلك اللغة الإسبانية، مشيرا إلى أن ما مجموعه ثمانين ألف تلميذ ينخرطون سنويا في دورات لتعلم هذه اللغة، سواء بمعاهد ثربانتيس أو بالجامعات والثانويات ومختلف المراكز اللغوية.
كما سجل غالبان إقبال مغاربة على دروس لغة ثربانتيس المتخصصة في مجال الأعمال والسياحة، وذلك من أجل تطوير المسار المهني أو الاشتغال في مقاولات مغربية إسبانية.
وأكد، في هذا الصدد، حرص المعاهد على تقديم عروض تدريس اللغة الاسبانية لصالح المقاولات الراغبة في تعزيز القدرة التواصلية لمستخدميها باللغة الإسبانية، مبرزا أهمية تطور العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا وتعزيز حضور المقاولات الإسبانية في المملكة في مزيد من الإقبال على هذه اللغة.
ولا يرى مدير معهد ثربانتيس بالرباط في اللغتين الفرنسية والانجليزية منافسا للإسبانية بالمملكة، بل إن علاقتها بهما "علاقة تكامل"، ذلك أن المغاربة في حاجة إلى هذه اللغات جميعها.
فحسب غالبان، فإن إقبال المغاربة على تعلم اللغة الانجليزية كغيرهم من مواطني الدول الأخرى "منطقي" بصفتها اللغة الأولى في العالم، فيما تحضر اللغة الفرنسية بقوة في المغرب حيث تعتبر لغة التواصل في الأوساط الجامعية والأكاديمية.
أما اللغة الإسبانية، يضيف غالبان، فليست غريبة تماما على الجار الجنوبي، حيث يتحدث بها الكثير من ساكنة شمال المملكة، كما أن تعلم المغاربة لها "أمر إيجابي" بالنسبة لهم، نظرا للقرب الجغرافي من إسبانيا وما تتيحه من انفتاح على تكتل حضاري من خمسمائة مليون نسمة في أكثر من عشرين دولة.
ويبدو غالبان متفائلا بمستقبل اللغة الاسبانية في المملكة خاصة من الجانب الكيفي، إذ إنها أصبحت حاجة وجزء من حياة المتعلم اليومية و لم يعد الإقبال عليها من اجل التعلم فقط. وحسب غالبان فإن الرهان الآن هو أن تصل اللغة الإسبانية إلى المدن الصغيرة التي لا يتواجد فيها مركز ثقافي إسباني.
ولم يفت منسق معاهد ثيربانتيس بالمغرب أن يبرز أهمية الموقع الاستراتيجي للمملكة المغربية وتوجهها الإفريقي، في مد جسور الثقافة بين إسبانيا ودول إفريقيا جنوب الصحراء.
وأبرز أن إقبال النخب الإفريقية على إرسال أبنائها للدراسة بالمملكة يجعل من المغرب "حليفا" لإسبانيا في هذا المضمار، وهو الدور نفسه الذي يمكن لإسبانيا أن تضطلع به في علاقات المغرب بأمريكا اللاتينية.
وحسب غالبان فإن هذا الدور من جانب المغرب يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى "أن حضور معاهد ثربانتيس يقتصر فقط على العاصمة السنغالية دكار"، مشددا على أن تعزيز هذا الحضور في دول أخرى يعتبر "تحديا جديدا تتعين مواجهته".
ويمنح أسبوع اللغة الإسبانية، حسب المعهد، فرصة التعرف على هذه اللغة وإمكانيتها في عالم التكوين والأعمال والتواصل والترفيه وذلك بمشاركة خبراء مغاربة وعالميين. كما يعتبر هذا الأسبوع ثمرة تشارك بين معهد ثيربانتيس بالرباط وسفارات البلدان المتحدثة باللغة الإسبانية في المغرب : الأرجنتين، الشيلي، كولومبيا، غينيا الاستوائية، إسبانيا، المكسيك، بنما، باراغواي، بيرو، جمهورية الدومنيكان وفنزويلا.
وتأسس معهد ثربانتيس سنة 1991 بهدف النهوض بتعليم اللغة الاسبانية ونشر ثقافة اسبانيا والدول الناطقة بهذه اللغة. ويوجد مقره المركزي بالعاصمة الإسبانية مدريد وألكالا دي إيناريس، مسقط رأس الكاتب ميغيل دي ثربانتيس.