أعرب مدير معهد "ثيربانتيس" بالرباط، ألبيرتو غوميث فونت، عن تفاؤله بمستقبل العلاقات الثقافية بين المغرب واسبانيا، مؤكدا أنه يلمس إرادة قوية ووعيا ناضجا لدى المؤسسات والنخب في البلدين، بأهمية النهوض بهذه الروابط التي تنهل من تاريخ مشترك عريق. وقال غوميث فونت، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الزيارة التي يقوم بها اليوم الاثنين للرباط العاهل الاسباني فيليبي السادس، إن مؤسسات البلدين واعية بضرورة تكثيف مشاريع التعاون وتبادل التجارب في الميدان التربوي والجامعي، وبأهمية الاستفادة المتبادلة من أنجع الممارسات والسياسات في هذا الإطار.
وعبر مدير المعهد الاسباني عن ارتياحه لتنامي الاهتمام على الضفتين بثقافة البلد الجار، خصوصا في أوساط النخب الثقافية، وكذا عند فئات واسعة من الجمهور، مضيفا أن من شأن الاقبال المنتظم للإسبان على زيارة المغرب وإقامة الكثير من المغاربة بإسبانيا أن ينسج جسورا من المحبة والاهتمام بمعرفة واقع وثقافة وتاريخ البلد الآخر.
وعلى هذا الصعيد، أقر ألبيرتو غوميث فونت بوجود جملة من الأفكار الجاهزة التي تشوش على صورة البلد لدى الآخر، لكنه شدد على أنها تنتشر أساسا لدى الشرائح ذات الثقافة المحدودة وبالتالي فالوسيلة الوحيدة لمكافحة هذه التصورات المسبقة هي العمل سويا على واجهتي التربية والاعلام. إنه مجال يتطلب، في نظره، مجهودا مضنيا من أجل تعبئة وسائل الاعلام قصد نقل صورة حقيقية وايجابية عن كل من البلدين.
وحول أولويات المعهد في المغرب عموما، قال إن المؤسسة، على غرار مثيلاتها في مختلف دول العالم، تضطلع بمهمة أساسية تتمثل في نشر اللغة والثقافة الاسبانية. وفي الرباط تحديدا، أبرز أن المعهد يسعى الى "إثارة اهتمام مزيد من الأشخاص بتعلم الاسبانية والتفاعل على أوسع نطاق مع الأنشطة الثقافية التي ننظمها".
وعن تأثير الأزمة الاقتصادية على أنشطة المعهد، قال ألبيرتو غوميث فونت إن المعهد واجه مثلا برسم 2012 تقليصا في الاعتمادات المخصصة للأنشطة الثقافية بنسبة 75 في المائة و بلغت النسبة 100 في المائة بالنسبة للاعتمادات المخصصة للمكتبات، "لكن بفضل مهنية الأطر المشرفة على تدبير المشاريع، استطاع المعهد مواصلة إشعاع أنشطته الثقافية والفنية".
ومستقبلا، أوضح مدير "ثربانتيس" أن أولويات المعهد لن تتغير حيث سيبذل مزيدا من الجهد من أجل إنماء الشغف بالثقافة الاسبانية وتقوية حضور اللغة الاسبانية في الجامعات والمؤسسات وباقي قطاعات الحياة العامة بالمغرب.
وخلص الى التعبير عن تفاؤله بمستقبل الثقافة الاسبانية بالمملكة، معربا عن يقينه بأن أواصر التعارف والتبادل الثقافي ستكون أكثر متانة بين الأجيال الجديدة في أفق بلورة فضاء مشترك يتقاسمه الشعبان على مختلف الواجهات.
علاقة هذا المثقف الاسباني بالثقافة المغربية والعربية عموما بدأت بدراسته للغة العربية في جامعة مدريد? قبل أن ينتقل للعمل في وكالة الانباء الاسبانية "إيفي" كمسؤول عن قسم تحسين جودة استخدام الاسبانية في التحرير. وقد تحول القسم عام 2005 الى مؤسسة تهتم بوضعية اللغة في مختلف وسائل الاعلام باسبانيا وأمريكا? وتعمل على توحيد المصطلحات ومعيرة اللغة في الإعلام.
أما عن اختياره العمل بالمغرب? فيعزوه ألبيرتو غوميث فونت الى عامل القرب الجغرافي والثقافي وعلاقته القديمة مع المملكة? أرضا وانسانا. مع المغرب يؤمن بضرورة تثمين علاقات ثقافية عريقة بين الضفتين وانعاش ذاكرتها. أكثر من ذلك? يجزم بأن "علاقة اسبانيا مع العالم العربي تمر حتما عبر المغرب". ويعتقد غوميث فونت أن النخبة الاسبانية مدعوة إلى مواكبة التطور الثقافي الذي يعرفه المغرب، والذي لا يمكن اختزاله في صورة نمطية ماضوية، بل يزخر بتعبيرات ثقافية حديثة في مختلف قطاعات التشكيل والسينما والأدب.
يذكر أن معهد "ثيربانتيس" يشكل العمود الفقري للعمل الثقافي الإسباني بالمغرب، الذي يحتضن ثاني أكبر شبكة من هذه المعاهد الاسبانية في العالم بعد البرازيل، بستة مراكز وستة فروع بمدن المملكة.