أجرى جلالة الملك والرئيس فرنسوا هولاند، اليوم الأربعاء، مباحثات بقصر الإيليزي، في إطار زيارة العمل والصداقة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى الجمهورية الفرنسية، وتجسد هذه الزيارة العلاقات الثنائية الممتازة وتعزز مداها الاستراتيجي وتوجهها للارتقاء بشكل دائم إلى شراكة طموحة ومتعددة الأبعاد. وتكتسي هذه الزيارة أهمية خاصة، حيث تأتي في ظرفية دقيقة جدا، إذ ناقشا قائدا البلدين موضوعة الإرهاب والتحديات التي يطرحها، واستأثر بنظر جلالة الملك والرئيس هولاند قضية الحكومة الليبية وتشكيلها باعتبارها صمام الأمان من تدفق الإرهاب إلى باقي دول المنطقة وإلى الضفة الشمالية للمتوسط أيضا، حيث أصبح هذا البلد، الذي يعيش فوضى مسلحة منذ إسقاط نظام معمر القذافي.
وفي هذا السياق أشاد الرئيس الفرنسي بالدور الأساسي للمغرب في المسلسل الذي تم إطلاقه تحت إشراف الأممالمتحدة والذي توج باتفاق الصخيرات لتشكيل حكومة وحدة وطنية .
ودعا قائدا البلدين مجلس النواب الليبي إلى الإسراع في منح ثقته لهذه الحكومة الجديدة قصد رفع التحديات العديدة المطروحة بليبيا والمنطقة. وعلى المستوى الثنائي، أشاد قائدا البلدين بالتقدم الجيد للأوراش التي تم إطلاقها خاصة .
وفي سياق المباحثات بين قائدي البلدين أعرب رئيس الجمهورية الفرنسية لجلالة الملك عن شكره للالتزام الشخصي لجلالته من أجل إنجاح مؤتمر (كوب 21). وفي إطار روح نداء طنجة في 20 شتنبر 2015، ومن أجل عمل تضامني وقوي لفائدة المناخ، أعطى قائدا البلدين تعليماتهما السامية بغية وضع خارطة طريق مشتركة من شأنها الحفاظ على التعبئة، وتعزيز التنسيق بهدف مصادقة جميع الدول الأعضاء، على اتفاق باريس وضمان نجاح قمة (الكوب 22)، التي ستنعقد في مراكش ما بين 7 و18 نونبر المقبل.
ومما يعطي لهذه الزيارة قيمة متفردة في العلاقات الدولية هو أنها تشمل نشاطا ثقافيا لجلالة الملك، مما يدل على أن العلاقة بين البلدين ليست علاقات سياسية واقتصادية ولكن علاقات ذات عمق استراتيجي تتطلع للمستقبل بقدر تجذرها في التاريخ، والتي تعود إلى الفترة ما قبل الحماية.
وفرض التحدي العالمي للإرهاب نفسه على القائدين حيث تناول اللقاء التعاون الوثيق في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، وبحثا مجالات جديدة للتعاون المعزز، خاصة في مجال الأمن ومحاربة التطرف، والثقافة، والعيش المشترك والتعاون الثلاثي الأطراف في إفريقيا.
ومن أبرز الأنشطة الثقافية تقديم مشروع بناء المركز الثقافي المغربي الذي سيتم إنشاءه قريبا في باريس، لجلالة الملك والرئيس الفرنسي.
وسيشكل هذا المركز الثقافي واجهة حقيقية للثقافة المغربية في تنوعها وسيساهم في التعريف بتراث وتقاليد المملكة، كما أنه سوف يساعد على التعريف في فرنسا بالمشهد الفني المغربي المعاصر في إطار روح الشراكة بين المؤسسات الثقافية المغربية والفرنسية. كما سيساهم المركز الثقافي المغربي في باريس أيضا في تقوية الروابط بين الجالية المغربية بفرنسا وبلدها الأصلي.
وفي السياق ذاته أكد جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي، أن المركز الثقافي المغربي، سيمكن من تعزيز الحضور الفكري والثقافي للمملكة في العاصمة الفرنسية. ونوه لانغ، الذي عبر عن سعادته باستقبال جلالة الملك بمعهد العالم العربي لتقديم مشروع هذا المركز، بالحضور القوي للثقافة المغربية في فرنسا.
إن المغرب وفرنسا لديهما ما يكفي من الاسباب من اجل تعاون متين جدا، ذلك انهما ملتزمان في نفس المعركة ضد الارهاب والظلامية ، سواء فوق ترابهما او في منطقة الساحل والصحراء وفي افريقيا برمتها. ويعتبر المغرب يعتبر شريكا هاما وأساسيا لفرنسا، مضيفا ان العلاقة الفريدة التي تجمع بين البلدين ، تقوم على المصالح المشتركة ، والصداقة، والاحترام والثقة المتبادلة.