أجرى موقع جماعة العدل والإحسان حوارا تفاعليا مع عبد الواحد المتوكل، الأمين العام للدائرة السياسية وعضو مجلس إرشاد الجماعة، وقبل الدخول في مناقشة مضامينه المضطربة لابد من أن نبدأ حديثنا بمجموعة من الإشارات التي نراها ضرورية جدا لفهم المخاطِب (بكسر الطاء) قبل فهم الخطاب. فعبد الواحد المتوكل باع معلومات وأرشيف الجماعة لبريطانيا مقابل دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة إكستير، التي كانت عبارة عن تلخيص فولكلوري لتاريخ جماعة العدل والإحسان، وكان الحصول على الدكتوراه، التي لا يحتاجها مهنيا، ضروري لمواجهة القياديين الشباب الذين حصلوا على هذه الشهادة.
الإشارة الثانية تتعلق بتاريخ الجماعة الانتهازي والمرتبط بجهات دولية، حيث ما إن هلّ "الربيع العربي" حتى مدت الجماعة يدها للمخابرات الأمريكية، وربطت جسور التواصل مع قطر عن طريق غلام الجماعة الذي يكاد يقيم هناك بالإضافة إلى علاقات مشبوهة مع نظام أردوغان السلطان السلجوقي، الذي منحهم فرصة تنظيم مؤتمر دولي عن عبد السلام ياسين باسطنبول.
فالجماعة ليست سوى مجموعة من "الخمّاسة" لدى قطروتركيا ولا تستحي من لعب دور بوحمارة في الاستعانة بالأجنبي ضد الوطن.
وقبل الدخول في مناقشة المضمون هناك ملاحظة شكلية نراها ضرورية في هذا السياق. فالعدل والإحسان ترفض الدخول في الانتخابات لأن لديها اعتراض على شكل النظام السياسي. لكن المتوكل شرع في تحليل الأرقام، التي نتجت عن الانتخابات، والتي جاءت وفق سياقات مخالفة لما ذهب إليه المتوكل. فما دامت الجماعة ترفض الانتخابات فلماذا تحلل أرقامها؟
وعندما سُئل المتوكل عن أن هناك من يخالفهم التقييم للوضع السياسي قال "نعم هناك من يخالفنا في هذا التقييم، لكن من هم وكم عددهم؟ أليس السواد الأعظم من الشعب المغربي مع من يرى أن نظام الاستبداد لا يزال متشبثا بمواقعه، وفيا لطبيعته، حتى وإن تم تغيير بعض الوجوه مكرا ومناورة؟ ألم تقاطع الغالبية الانتخابات الأخيرة؟ أين نحن من انتخابات تركيا الأخيرة التي شارك فيها ما يقارب 90% ممن يحق لهم التصويت وليس من المسجلين فقط كما يحسبون عندنا ليستروا عوراتهم. أليس دليلا أن الثقة في النظام السياسي المغربي والطبقة السياسية معدومة أو شبه معدومة؟".
لا نعرف على أي أساس بنى المتوكل استنتاجه؟ هل أجرى استطلاعا للرأي وفق معايير دولية؟ ألا توجد معايير لا يعرفها أو لا يريد أن يراها تدل على أن الشعب مع النظام السياسي؟ ألا يرى هذه الملايين التي تعبر عن ذلك بشكل تلقائي؟ وفي خضم جوابه تسربت تركيا من جديد ليظهر مدى انبطاحهم أمام النظام الذي استغل الديمقراطية ليمارس الدكتاتورية. النظام الذي دمر بلدا هو سوريا وسرق آلاف الوحدات الصناعية من مدينة حلب.
وقال المتوكل "الصيغة التي انتهى إليها مجلس المستشارين تؤكد ما قلناه آنفا ومرارا وتكرارا من أن الخريطة السياسية في المغرب تعد قبل إجراء الانتخابات، وأن التحكم لا يزال هو سيد الموقف. وها نحن نسمع رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران يتحدث بمرارة عن التحكم، كما يتحدث عنه آخرون".
ملاحظة بسيطة هنا وتتعلق بأن الإسلاميين يشبهون "الطبالة والغياطة". واحد يدق والآخر يرد عليه. أما فيما يتعلق بالحديث عن التحكم فهو كلام من لا يفهم في قواعد اللعبة السياسية التي تقتضي التحالفات وفق برامج ومصالح معينة ومحددة.
وأشار المتوكل إلى أن "الحديث عن نجاح النموذج المغربي واستقراره السياسي وعن كونه قد تجاوز عواصف الربيع العربي حديث فيه كثير من المبالغة، وهو أقرب إلى الدعاية منه إلى الوصف الدقيق لما هو ماثل على الأرض".
هذه رسالة موجهة من الخمّاس إلى "مول الشي" وهي شبيهة بما قاله الإسلامي الآخر بأن "الربيع العربي ما زال كيتسارى وتقدر ترشق ليه ويرجع"، وهي نوع من الرسائل التي تقول إنه ما يزال هناك إمكانية لربيع جديد، في حين أن الاستقرار المغربي ليس موضوع جدل لأنه إقرار دولي قريب من الإجماع.
وما يزال لدى الجماعة حلم بعودة "الربيع العربي"، "لئن كان هناك من يتحدث بإعجاب عن مهارة النظام الذي استطاع أن ينزع فتيل الغضب الشعبي دون أن يقدم أي تنازل يذكر، فإننا نذكره بقوله عز وجل: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين ونذكره بأن الله عز وجل يمهل ولا يهمل ولا يصلح عمل المفسدين".
ومشكل العدل والإحسان أنها تخلط بين أمر الله والمؤامرة مع الأجانب أو الاعتماد عليهم، فعندما صدر تقرير أمريكي سنة 2001 ينذر من اضطرابات اجتماعية بالمغربية سنة 2006 قال عبد السلام ياسين، وهو بالمناسبة قارئ جيد، إن القومة الإسلامية ستكون 2006 وخاب تخمينه.