بادرت جماعة العدل والإحسان إلى تبني الشاب كمال لعماري الذي توفي الخميس الماضي متأثرا بجروح أصيب بها، ورغم أنه لا دليل على صدق هذا القول سوى بعض الصور التي يظهر فيها، دون التأكد طبعا من سلامتها وصدقها، فإن الجماعة نعته على أنه عضو بشباب العدل والإحسان. ولو صدقنا رواية العدل والإحسان فإن الأمر حجة عليها لا حجة لها، فالشاب الذي ما زالت قضية وفاته لم تتضح بعد حتى إجراء الخبرة الطبية المضادة، وبعد أن قال الطب الشرعي أنه توفي نتيجة مرض كان يعاني منه، أصيب حسب رواية الجماعة ومن والاها بجماعة 20 فبراير يوم الأحد بعد عملية تفريق مسيرة غير قانونية، وهنا يطرح التساؤل العميق، لماذا لم تقم الجماعة بتطبيبه، وهو مايعاقب عليه القانون الجنائي المغربي بخصوص عدم إسعاف شخص في حالة خطر، وهي الجماعة التي تتوفر على إمكانيات مالية هائلة وتضم بين صفوفها أطباء عديدين يشتغلون بالقطاع الخاص؟ لماذا لم تنقله إلى إحدى المصحات؟ هل كانت تراهن على وفاته كورقة رابحة لتشويه صورة المغرب بالخارج وتأجيج المخدوعين من أتباعها؟ والدليل على أن الجماعة تسعى إلى استغلال وفاة الشاب كمال لعماري هو تصويره أثناء الغرغرة وهذا الأمر مرفوض أخلاقيا وأثار جدلا قويا على المستوى الشرعي، ولم تقدم للمتوفى أي إسعاف لإنقاذه مما يورط الجماعة قانونيا، فكيف سمحت الجماعة لنفسها بتصويره وهو في لحظات تسليم الروح إلى باريها؟ ألم يكن ذلك استغلالا سياسيا بشعا لقضية إنسانية؟ ألا يعلم أتباع العدل والإحسان أنه بدل التصوير والاهتمام بالشريط وبجوانبه الفنية المفيدة في الدعاية السياسية كان عليهم أن يلقنوه الشهادة ويسعفوه فورا حتى لايتوفى بين ايديهم؟ لكن المتتبع لتاريخ جماعة العدل والإحسان يعلم علم اليقين أن الجماعة لا تولي الأمور الأخلاقية اهتماما، فهي طبعا تمارس السياسية بماكيافيلية غير موجودة حتى العلمانيين واللادينيين، فهي لا تمل من الكذب قصد الترويج لأطروحاتها، وتستعمل كل الوسائل من أجل تحقيق مبتغاها حتى لو الكذب واللصوصية والنفاق. وتاريخ الجماعة معروف بأنها تتبنى الموتى والورثة قصد ما تعتقده إحراجا للدولة، وقصد ربح مواقع اجتماعية إضافية واستقطاب عناصر جديدة. وإذا كانت الجماعة تكذب فإننا نربأ بأنفسنا عن الكذب عليها ولن نقول إلا حقائق تاريخية ما زال الشهود عليها أحياء يرزقون. ففي سنة 1990 توفي الشاب عادل الأجراوي الطالب حينها بكلية العلوم بمراكش نتيجة مصادمات داخل الجامعة، والمعروف عن الشاب المتوفى حسب رواية زملائه وأصدقائه وحسب عموم الطلبة الذين يعرفونه فإنه كان مهتما بالتحصيل العلمي ولم تكن لديه ميول سياسية أو غيرها وبالتالي فإن تبنيه من طرف جماعة والإحسان ما هو إلا كذب على الأذقان وافتراء على شاب لم يكن من بينهم في يوم من الأيام. وإمعانا في البهتان جعل فصيل طلبة العدل والإحسان من تاريخ وفاته يوم السابع عشر من فبراير يوما وطنيا بالجامعة المغربية يسميه "يوم الشهيد". وفي سنة 1991 توفي الشاب عبد الجليل فخيش الطالب بكلية الطب بالدارالبيضاء بعد أن اختنق في المصعد إثر تدخل أمني لتفريق تظاهرة للطلبة فهيأت ملفا عن الطالب واعتبرته عضوا في الجماعة لمجرد وجود صورة تجمعه بأحد أعضاء الفصيل الطلابي. وهل يمكن اعتبار كل من دخل مجلسا للنصيحة عضوا في الجماعة وهي أكثر الحركات تلبيسا إذ يتم استدعاء المصلين لحضور مجالس الذكر؟ بقي لنا للجماعة في إطار تبنيها للشهداء أن تضع طلبا لدى سلطات الرباط بأن تطلب منها وضع يافطة على مقبرة الشهداء تكتب فيها " مقبرة شهداء العدل والإحسان".