سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
آلاف المواطنين بآسفي يشيعون جثمان العماري والعدل والإحسان توافق على الدفن عائلة الضحية تطالب بنتيجة التقرير الطبي والسلطة لم تتدخل ل«تعنيف» محتجي حركة 20 فبراير بالرباط
بعد أزيد من 6 ساعات من المفاوضات، قررت عائلة كمال عماري اتخاذ قرار بالتعجيل بدفن ابنها، الذي توفي، حسب عائلته، جراء مضاعفات اعتداء بالضرب الجماعي عليه من قِبَل 7 عناصر أمنية خلال مشاركته في المسيرة الشعبية لحركة 20 فبراير، التي نُظِّمت بمدينة آسفي يوم 29 ماي الأخير، في أحد أزقة شارع عبد الرحمان الوزاني في منطقة «الزاوية»، جنوب وسط المدينة. وكان قد استعصى على عائلة كمال عماري تنفيذ قرار دفن ابنها صبيحة يوم أول أمس السبت، رغم كونها اتجهت صوب مستشفى محمد الخامس لاستلام الجثة والتعجيل بدفنها، قبل أن «تحاصر» مستودعَ الأموات مجموعات من مختلف مكونات حركة 20 فبراير، التي ضغطت في اتجاه عدم دفن «شهيدها» إلا بعد صدور تقرير الطب الشرعي والاطّلاع عليه. وقد ظلت عائلة كمال عماري مجتمعة تستمع إلى جميع مواقف حركة 20 فبراير، وأدى انقسام في المواقف إلى تأخير عملية الدفن، وهو ما استدعى تدخُّل أحد نواب الوكيل العام للملك، الذي انتقل إلى مستودع الأموات، بطلب من عائلة الضحية، والتقى بأفراد عائلة كمال عماري، بحضور عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث أكد نائب الوكيل العام للملك لدى استئنافية آسفي أن جميع الشروط متوفرة لضمان البحث عن الحقيقة وأن تقرير الطب الشرعي يتطلب وقتا لضرورات علمية، فيما يتضمن تقرير المعاينة الأولية، الذي أشرفت عليه النيابة العامة في آسفي، إقرارا بوجود آثار ضرب ولكم على جسد الضحية. من جهتها، تشبثت عائلة كمال عماري بظهور حقيقة وفاة ابنها وقالت لنائب وكيل الملك إنها تخشى التسريع بدفن كمال عماري و«تدفن» معه الحقيقة، مضيفة أنها لا تتوفر على ضمانات حتى توافق على عملية الدفن ومن بعدها يصدر تقرير الطب الشرعي ينفي أن يكون الضحية توفى جراء مضاعفات ما تعرض له من اعتداء على أيدي قوات الأمن في مسيرة 29 ماي، وهو الموقف ذاته الذي ستعمل العائلة على استبعاده لدواعٍ إنسانية، نظرا إلى حالة التحلل التي بدأت تظهر على جثة كمال عماري ونظرا إلى عدم وجود آليات تبريد الجثث بمواصفات علمية لدى مستشفى محمد الخامس في آسفي. وكانت جماعة العدل والإحسان قد وافقت عائلة كمال عماري رغبتها في التعجيل بعملية الدفن، مع الإبقاء على حق العائلة في ظهور الحقيقة وتوصلها بتقرير الطب الشرعي في أقرب الآجال، مع ضمان الطعن فيه، وهو القرار الذي اتُّخِذ بعد صلاة الظهر ليوم أول أمس السبت، فيما انقسمت حركة 20 فبراير، بعد أن رفضت مكونات أخرى منها دفن كمال عماري قبل ظهور تقرير الطب الشرعي، حيث تم تحضير جميع الوثائق الإدارية للدفن وأحضرت سيارة إسعاف وتم إخراج الجثة من مستودع الأموات، في جو مشحون وأمام حشود من المواطنين. وقال عبد الإله عماري، شقيق الضحية كمال عماري، إن العائلة اهتدت، في آخر لحظة، إلى دفن «شهيدها» لاعتبارات إنسانية ودينية، لكنها متشبثة، في المقابل، بإجلاء الحقيقة وبمعاقبة الجُناة، كيف ما كانوا، وبالطعن في مضمون تقرير الطب الشرعي إذا لم يكن يلبي رغبة العائلة في الكشف عن الحقيقة، بينما عقد موفَدون من المجلس الوطني لحقوق الإنسان لقاءات خاصة مع عائلة عماري ومع والي الجهة ومع والي الأمن في المدينة، كما شهد موكب جنازة الضحية احتشاد جموع كبيرة من أعضاء جماعة العدل والإحسان وباقي مكونات حركة 20 فبراير، وكان لافتا أنه تم منع عدد كبير من المصورين الصحافيين والمراسلين من القيام بدورهم في نقل الأحداث والتصوير أثناء وصول الموكب الجنائزي إلى المقبرة. إلى ذلك، نفت عائلة كمال عماري «الروايات» التي تم تداولها على نطاق واسع في وسائل إعلام رسمية، مؤكدة أن ابنها لم يكن يعاني من أي مرض وكان في صحة جيدة قبل الاعتداء الذي تعرَّض له على أيدي 7 عناصر أمنية، حسب قولها، في حين بثت جماعة العدل والإحسان على موقعها الإلكتروني صورا قديمة وحديثة للضحية كمال عماري ترصد مساره داخل جماعة عبد السلام ياسين. وقال قيادي في الجماعة ل«المساء» إن الغرض من نشر سيرة كمال عماري وصوره هو الجواب على الأخبار التي تحدثت عن أنه لم يكن قبل حادث الاعتداء عليه منتميا إلى الجماعة. وفيما أشار مصدر مطّلع إلى أنه لا حركة 20 فبراير ولا جماعة العدل والإحسان قامتا بتسليط الضوء على الحالة الصحية لكمال عماري منذ يوم الاعتداء عليه (الأحد) إلى يوم دخوله مستشفى محمد الخامس يوم الخميس ومفارقته الحياة هناك، شدد مصدر أمني رفيع المستوى، في المقابل، في حديثه إلى «المساء»، على أن الضابطة القضائية، تحت إشراف الوكيل العام للملك في استئنافية آسفي، قد فتحت فعلا تحقيقا أوليا موسعا للتحري والاستماع وتجميع كل الروايات التي تحيط بأسباب وفاة كمال عماري وعلى أن هناك تعليمات مشدَّدةً بالبحث عن الحقيقة وكشف ظروف وملابسات الوفاة وعلى أنه سيتم تعميق مسطرة البحث فور صدور تقرير الطب الشرعي. إلى ذلك، دخل حزب العدالة والتنمية على الخط في قضية وفاة الشاب كمال العماري. وطالب الحزب، في بيان أصدره عقب اجتماع لأمانته العامة أول أمس السبت، بفتح تحقيق مستقل في الظروف والملابسات التي أدت إلى وفاة العماري بمدينة آسفي. من جهة أخرى، لم تتدخل السلطات المحلية بالرباط لتفريق مسيرة احتجاجية تظاهر فيها، صباح أمس الأحد، أكثر من 2000 متظاهر من شباب حركة 20 فبراير في مسيرة سلمية، فيما كان متوقعا أن تتدخل السلطة لقمع المحتجين. ورفع المتظاهرون صور كمال العماري، الذي توفي يوم الخميس الماضي بآسفي، مطالبين بمحاكمة المسؤولين، كما صدحت حناجر المتظاهرين بشعارات تطالب وزير الداخلية بالرحيل. وعرفت مسيرة الرباط كذلك مشاركة عدد من فعاليات المجتمع المدني وأعضاء من أحزاب سياسية مثل حزب العدالة والتنمية والحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة و حزب النهج الديمقراطي، فضلا عن حضور قيادات نقابية