بين المغرب والغابون علاقات متميزة، شكلت على مر التاريخ نموذجا يحتذى ومثالا ساطعا لتعاون فعال وشراكة استراتيجية ثنائية واعدة. فالمغرب الذي لم يدخر، في إطار سياسته الخارجية المتجهة قطعا نحو إفريقيا، لا جهدا ولا سبيلا من أجل تعزيز انفتاحه على البلدان الإفريقية التي يتقاسم معها فضاء وتاريخا ومستقبلا مشتركا، ما فتئ يؤكد على التزامه الراسخ من أجل تعميق تعاونه مع البلدان الإفريقية وانخراطه الملموس في برامج التنمية السوسيو اقتصادية بالقارة الافريقية.
لقد جعل المغرب التعاون مع بلدان القارة، ضمن أولويات سياسته الخارجية وعبأ الطاقات والموارد اللازمة من أجل النهوض به على المستوى الدولي، كما عقد العزم على جعل الشراكة الاستراتيجية مع البلدان الإفريقية خيارا لا رجعة فيه، معطيا لها مضمونا فعليا في المجالين الاقتصادي والتجاري بفضل مجموعة من الاتفاقيات التي وقعها مع بلدان القارة.
وفي الغابون، يتجسد هذا الطموح في جعل العلاقات الثنائية نموذجا ملموسا لتعاون مثمر، في استقرار فاعلين اقتصاديين مغاربة بارزين بهذا البلد، في مجالات تكنولوجيا الاتصال والإعلام، والأبناك، والاتصالات، والبناء والأشغال العمومية، والنقل واستغلال مناجم الذهب، وهي قطاعات تساهم كلها في تحقيق أهداف المخطط الاستراتيجي للغابون الصاعد.
كما تضع المملكة خبراتها في عدة مجالات رهن إشارة الغابون بهدف تحفيز النمو المحلي والتنمية البشرية، وهو ما يمثل العمود الفقري للجهود المبذولة من طرف السلطات المحلية بهدف رفع تحدي الغابون الصاعد في أفق 2025 . ويشمل نقل الخبرات التي تتوفر عليها المملكة عدة قطاعات، من بينها التعليم والتعليم العالي، والتكوين المهني، والصحة، والفلاحة، والغابات، والسكن، والأمن والجمارك والخدمات المالية والتكنولوجيات الجديدة للإعلام، والاقتصاد الأخضر والطاقة، والبيئة والسياحة.
ويستند الالتزام الدائم للمملكة إلى جانب الدول الإفريقية أيضا على تاريخ مشترك وتطلعات واحدة من أجل إفريقيا موحدة وعازمة على تجاوز المشاكل التي تعاني منها وضمان غد أفضل لمواطنيها.
لذلك، فإن زيارة جلالة الملك محمد السادس لليبروفيل تشكل لبنة جديدة لها أهمية بالغة في تطوير العلاقات القائمة بين البلدين، والمتميزة على الدوام بآفاقها الواعدة? وفرصة سانحة لمواصلة تعميق وتوسيع الشراكة الثنائية التضامنية والمثمرة استجابة للتطلعات المشروعة للشعبين الشقيقين، المشهود لهما بقيادة جلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس علي بونغو أونديمبا بمدى تشبثهما بالتعاون مع سائر الدول الإفريقية.
كما تشكل هذه الزيارة مناسبة لتحيين وإثراء الإطار القانوني للشراكة المغربية الغابونية، نظير الاتفاقيات التي سيجري توقيعها بالمناسبة، من أجل تعزيز المبادلات الاقتصادية والتجارية الثنائية وزيادة انخراط وحضور المجموعات المغربية الكبرى بالغابون لاستغلال المؤهلات التي يزخر بها الاقتصاد الغابوني والاستفادة من جاذبية مناخ الأعمال في هذا البلد الافريقي.
فالشراكة الاستراتيجية القائمة بين الغابون والمملكة المغربية، ستظل في الوقت نفسه، شراكة تاريخية ونموذجية، ومتميزة، تعتمد على روافد متعددة الأشكال وتشمل مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
لقد حققت المبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تطورا من حيث الكثافة والتنوع، حيث يعد حجم هذه المبادلات بتحقيق مزيد من النمو، نظرا للنتائج المشجعة المسجلة خلال الثلاث سنوات الأخيرة التي شهدت نموا ملحوظا في الصادرات المغربية نحو الغابون وفي الصادرات الغابونية نحو المغرب. المغرب بقيادة جلالة الملك من حقه إذن أن يفتخر اليوم بكونه يقدم للعالم صورة مملكة مبدعة وحديثة، ترسي بشكل واع دعائم تعاون جنوب جنوب في إطار من الثقة، همه الاوحد هو إفريقيا متجددة قادرة بمواردها البشرية ومؤهلاتها الاقتصادية والطبيعية، وموقعها الجغرافي المتميز على استشراف غد أفضل وواعد يلبي طموحات شعوبها التواقين إلى التنمية ورغد العيش.