رغم أن منظمي مهرجان كناوة في دورته 18، الذي تحتضنه مدينة الصويرة ما بين 14 و17 ماي الجاري، كانوا يعولون على زوار كثر للمهرجان، فإن سوء أحوال الطقس مع الصقيع المصحوب برياح الشرگي التي تشهدها المدينة جعلت الرياح تجري بما لا تشتهيه سفينة المهرجان وتوقعات المنظمين.. صباح يوم الجمعة، كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا، وفيما المدينة الهادئة تتمطى من سباتها بعد ليلة افتتاح صاخبة، تُوجت بسهرة باذخة أقامها المنظمون بمطعم "طاروس"، كان يجلس في مقهى فرنسا القريبة من ساحة مولاي الحسن أربعة شباب من عشاق الراستافاريا بشعرهم المنفوش، ومعهم أجنبية مسنة يتناولون فطور الصباح.
السائحة الأجنبية بدت "غبية" وهي تضحك ببلاهة وتعانق أحدهم لم يتجاوز الثلاثينات من عمره بطريقة العشاق، وهو يبادلها المشاعر بشبك اليدين والرنو إلى عينها بشكل داعر، دون أن ينسى أن يحث رفاقه على التهام المزيد من المأكولات وطلب السجائر لجعل رفيقته تدفع أكثر وهو الطامع في مالها أكثر من جمالها الغابر وجسدها المترهل.
طيلة أيام المهرجان، ظل سكان الصويرة يعتاشون على كراء شققهم السكنية أو اقتسام غرف منازلهم مع زوار المهرجان، لكن تراجع الإقبال على مهرجان كناوة خلال الدورة الحالية، أصاب الصويريين في مقتل وقلب حساباتهم رأسا على عقب، وهكذا تراجع سعر كراء الشقق المفروشة من مبلغ سبعمائة درهم إلى ثلاثمائة درهم، وهو مبلغ يضاعف سعر أحقر غرفة في فندق غير مصنف، حيث قررت إدارة مهرجان كناوة إيواء الصحافيين المغاربة والمنتدبين من طرف المنابر الإعلامية الناطقة باللغة العربية على وجه الخصوص.
العديد من سكان الصويرة، ممن التقتهم "تلكسبريس" يوم الجمعة، اعتبروا أن مهرجان كناوة لا يأتي بجديد لمدينة تكاد فرص الشغل فيها منعدمة، فعدا الصيد البحري والصناعة التقليدية أو التربص بالسياح الأجانب فإن سكان المدينة يقضون يومهم في التلصص أو الجلوس في المقاهي والتنزه في كورنيش المدينة الذي ينثر الرياح في وجه العابرين هذه الأيام.
وراء جدران المدينة القديمة المشبعة بالرطوبة، يتم كراء رياضات وتنظيم سهرات خاصة يمتزج فيها الرقص الكناوي باستهلاك المخدرات بكافة اصنافها، بدءا من تدخين لفافات مخدر الشيرا مرورا بمقارعة الخمر واستهلاك حبوب الهلوسة وممارسة الجنس.
"حبة الإيكستازي تباع بسعر المائتين درهما، أما القرقوبي فنادر هذا العام بفعل الإجراءات الأمنية المشددة في مدخل المدينة، ورغم أن محلات بيع الخمور الاعتيادية قد اغلقت أبوابها طيلة أيام المهرجان، فإن الكحول متوفرة في السوق السوداء بأسعار مضاعفة"، يقول عازق غيتار بوهيمي التقيناه على هامش مهرجان كناوة وهو يتناول وجبة غذائية بنهم و بعينين جاحظتين.
لكن اللافت للانتباه أثناء المهرجان هو الانتشار الكثيف لرجال الأمن والسطات الترابية مساء الجمعة، في محاولة لاحتواء الزحف الأحمر الذي شهدته الصويرة من قبل الجماهير الودادية التي قررت أن تعرج على مدينة الصويرة للمبيت على أمل الارتحال صباح السبت لأكادير لمتابعة مباراة الوداد ضد الحسنية برسم الدورة 29 من البطولة الاحترافية.