قال مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إن تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال حدث تاريخي سيظل منقوشا في ذاكرة الأجيال الحاضرة والقادمة باعتباره محطة بارزة في مسيرة الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي من أجل الحرية والاستقلال والدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية . وأضاف الكثيري في كلمة ألقاها بعد ظهر اليوم الجمعة بفاس خلال المهرجان الخطابي الذي نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير احتفاء بالذكرى 71 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال أن تاريخ 11 يناير 1944 يشكل محطة نضالية وازنة في مسار الكفاح الوطني ضد الوجود الاستعماري والهيمنة الأجنبية مشيرا إلى أن هذه المحطة ساهمت في بلورة طلائع الحركة الوطنية بإيعاز وإيحاء من بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له الملك محمد الخامس لعريضة تضمنت مطالب الشعب المغربي بالاستقلال .
وأوضح أن وثيقة المطالبة بالاستقلال أكدت على قرار الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد رفضه للاحتلال الأجنبي وتطلعه إلى التخلص من براثن الاستعمار وتقرير مصيره بنفسه، وعدم رضوخه لضغوط وإملاءات سلطات الحماية .
وأشار إلى أن مدينة فاس كان لها دور بارز في الانتفاضة العارمة التي اندلعت في مواجهة الغطرسة الاستعمارية حيث خرج سكان المدينة أيام 29 و 30 و 31 يناير 1944 وعلى غرار باقي المدن الأخرى كالرباط وسلا ومراكش وغيرها للتنديد باعتقال زعماء الحركة الوطنية ولتأييد مضمون وثيقة المطالبة بالاستقلال والدفاع عن مقدسات الوطن مضيفا أن المواجهات العنيفة التي اندلعت بين المتظاهرين وقوات الاستعمار أسفرت عن استشهاد العشرات من المواطنين.
وبعد استعراضه للتضحيات الجسام التي قدمها رجال المقاومة وأعضاء جيش التحرير في مسيرة الكفاح ضد المستعمر من أجل الانعتاق والحرية، أكد الكثيري أن تخليد هذه الذكرى يستهدف بالأساس تذكير الأجيال الصاعدة بمغزى بعض المحطات البارزة في مسيرة كفاح الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي من اجل الحرية والاستقلال والدفاع عن المقدسات الدينية والوطنية .
وأكد أن إحياء ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال يروم استحضار ما تطفح به من دروس وعبر تدعو إلى التحلي بقيم الوطنية الصادقة والتشبع بفضائل المواطنة الحقة والتي ما أحوج الأجيال الصاعدة والقادمة إلى النهل من ينابيعها لما تذكيه من حماس في نفوس الشباب والناشئة.
كما أن إحياء هذه الذكرى يقول المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يعتبر مناسبة لاستحضار الخدمات الجليلة والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب المغربي في سبيل نصرة القضية الوطنية ومناهضة الاستعمار الأجنبي وتفاني أبنائه في الدفاع عن مقدسات البلاد وثوابتها مشيرا إلى أنها تشكل مناسبة كذلك لإبراز الجهود التي تبذلها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في سبيل الحفاظ على الذاكرة التاريخية الوطنية والائتمان على الموروث الحضاري مع التعريف بتاريخ المقاومة وأمجادها ومكارمها .
وتحدث الكثيري في هذا الصدد عن الندوات العلمية والأيام الدراسية التي تنظمها المندوبية السامية من أجل التعريف بتاريخ المقاومة الوطنية إلى جانب تكريم بعض المقاومين الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل استقلال المغرب بالإضافة إلى الجهود المبذولة في عملية استنساخ الوثائق التاريخية المتوفرة وتسجيل الشهادات الحية والروايات الشفوية وتشجيع الدراسات والبحوث الجامعية فضلا عن إحداث فضاءات للذاكرة بالعديد من المناطق والجهات ومنها مدينة فاس التي تم اليوم تدشين الفضاء التربوي والتثقيفي والمتحفي للمقاومة بها .
وتميز هذا المهرجان الخطابي الذي حضره كل من السيدين يوسف العميري رئيس مؤسسة بيت الكويت للأعمال الوطنية وخالد عجمي عضو مجلس أمناء هذه المؤسسة التي تعنى بالتوثيق لتاريخ المقاومة بالكويت بتكريم 10 من رجال المقاومة وأعضاء جيش التحرير وذلك اعترافا بالخدمات الجليلة التي قدموها من اجل الحرية والاستقلال.
كما قدمت خلال هذا المهرجان الذي حضره ممثلو السلطات المحلية والمنتخبون وبعض رجال المقاومة وذويهم إلى جانب مجموعة من الباحثين والمؤرخين إعانات مادية لبعض أفراد أسرة المقاومة وذوي حقوقهم فضلا عن تقديم جوائز تشجيعية لفائدة 17 من الطلبة الفائزين في مسابقة أحسن البحوث الجامعية حول موضوع المقاومة.