افاد تقرير لمؤسسة ايطو لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف، ان دوواير اقليم ميدلت بالأطلسين المتوسط والكبير، تعرف انتشارا كبيرا لظاهرة تزويج الفتيات القاصرات، وذلك بسبب تظافر عوامل اقتصادية واجتماعية كان لها إسهام كبير في تمدد الظاهرة واستمراريتها رغم كل التدابير المتخذة من قبل المؤسسات المعنية للحفاظ على حقوق الطفلات القاصرات.. جاء ذلك في تقرير جرى تقديمه، مساء امس الثلاثاء بالدار البيضاء، عن القافلة التي نظمتها مؤسسة يطو لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف في الفترة ما بين 19 و31 غشت الماضي بمجموعة من دوواير اقليم ميدلت تحت شعار "لا للتشريع لاغتصاب الطفولة، جميعا ضد تزويج القاصرات".
وأفادت المعطيات التي قدمتها المؤسسة، في ندوة صحفية نظمت بحضور ممثلين عن منظمة الأممالمتحدة لحماية الطفولة (اليونيسيف) وهيئة الأممالمتحدة للمرأة وبدعم من سفارة فنلندا بالمغرب، انه من بين 138 حالة زواج، تم تسجيل نسبة 52 في المائة في صفوف القاصرات، مشيرة إلى أن هذه الزيجات هي في غالبيتها (حوالي 91 في المائة) زيجات غير موثقة ما يطرح عدة إشكاليات اجتماعية وقانونية في ما يتعلق بتوثيق الزواج قانونيا والتسجيل في الحالة المدنية وتسجيل الأبناء وفي حالة الطلاق.
ولاحظ التقرير أن هذه الزيجات غير الموثقة، والتي تحرم القاصر من حقوقها التي يكفلها لها القانون لا سيما عند حدوث الطلاق أو نفي الزوجية أو نفي النسب أو وفاة الزوج، مردها بالخصوص إلى أن جزءا كبيرا من ساكنة الدواوير التي زارتها القافلة التي أطلق عليها اسم "زينبة 2014"، لا يتوفرون على كل أو جزء من الوثائق المثبتة لهوياتهم، علاوة على صعوبة الولوج إلى الخدمات القضائية نظرا لتشتت الخريطة العدلية مما يدفع بالسكان إلى الزواج عرفيا بالفاتحة .
وبعد رصدها لجملة من الاختلالات الإدارية والقانونية والاجتماعية التي كان لها دورها في انتشار الظاهرة، أبرز التقرير أهمية التوعية والتحسيس بالمستجدات القانونية خاصة منها مدونة الأسرة وباللغة الأمازيغية لكونها اللغة الوحيدة المتداولة في تلك المناطق، والعمل على تقريب خدمة القضاء لساكنة المركز والدواوير المحيطة به والقريبة منه، وتنظيم محاكم تنقلية تراقب حالات زواج القاصرات وعدم التسجيل في الحالة المدنية وتبث في مختلف نزاعات الساكنة ولا سيما النساء ضحايا العنف وعدم الإنفاق، وأخذ المحاكم بعين الاعتبار خصوصية المنطقة للتخفيف من الإجراءات المسطرية التي تعوق استفادة السكان من خدمات القضاء، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان تسجيل الأبناء في الحالة المدنية وبالتالي استفادتهم من حقهم في التعليم والتغطية الصحية.
وفي تقرير خاص قدمته اللجنة الطبية للقافلة، تبين أن الفتيات القاصرات المتزوجات يعانين من عدة أعراض مرضية بسبب زواجهن المبكر وتحملهن أعباء نفسية وجسدية لا تتناسب وحداثة سنهن، إذ تتراوح أعمارهن عند الزواج في حالات عدة ما بين 12 و14 سنة، مبرزا أن هذه الأمراض تتوزع بالخصوص ما بين أمراض المفاصل وأمراض النساء والتوليد في غياب أي مواكبة صحية لهؤلاء النسوة القاصرات.
وفي هذا الصدد، اعتبرت رئيسة المؤسسة السيدة نجاة إخيش أن المكان الطبيعي للقاصرات هو المدرسة، مؤكدة أن جل المستفيدات من القافلة أكدن رغبتهن في مواصلة تعليمهن لضمان مستقبل أفضل لهن ولأبنائهن.