أعاد العالم البريطاني الشهير "ستيفن هوكينغ"، التأكيد على افكاره ومعتقداته بخصوص الكون والدين والله وجمل ما جاء في كتابه حول نظرية جديدة شاملة تفضي الى أن الإطار العلمي الكبير لا يترك حيزا لخالق للكون .. واثأر عالم الفيزياء البريطاني انتباه الحاضرين في مهرجان "ستارموس" الذي نظم مؤخرا بجزر الكناري بمشاركة العديد من العلماء ورواد الفضاء، الذين اجتمعوا في جزيرة "لابالما" للتباحث في أمور الفضاء، حيث بادر يدون سابق إنذار إلى إثارة مسألة الدين، ليؤكد مجددا مواقفه التي لا مجال فيها للإيمان بوجود ولا بضرورة خاق لهذا الكون...
وكان المشاركون ضمن فعاليات مهرجان "ستارموس"، بصدد مناقشة اسئلة من قبيل "هل نحن وحيدون في هذا الكون؟ وهل تسير العلاقة بين العلم والسياسة نحو الأفضل؟ وماذا تخبئ لنا ال تكنولوجيا في المستقبل؟قبل ان يطل "هوكينغ" فوق كرسيه المتحرك ويفاجئ الجميع من خلال تاكيده مرة أخرى أنه :"ليس هناك حاجة إلى وجود خالق لنشأة الكون."
وقال هوكينغ، وفق ما اورده موقع " abc.es"، إن "الدين مثله مثل العلم، إذ كلاهما يفسران أصل الكون، ولكن أعتقد أن العلم هو أكثر إقناعا، ويقدم باستمرار إجابات لأسئلة يعجز الدين عن الإجابة عليها".
ويمضي هوكينغ في تحليلاته قائلا :"لا أحد يستطيع أن يثبت وجود الخالق، ولكن يمكن التفكير في كيفية نشوء الكون بشكل عفوي، ونحن نعلم أنه لا يمكن تقديم أي تفسير عقلي إلا عن طريق العلم، وفي النهاية سنعرف كل ما يعرفه الخالق إذا كان موجودا فعلا".
وأضاف العالم الفيزيائي البريطاني أن "الدين رافقنا على مر التاريخ، وترك لنا أشياء مثل: محاكم التفتيش، وعدم المساواة بين الرجل والمرأة، أو مشكلة فلسطين، ينبغي للدين أن يجعل الناس يتصرفون بشكل أفضل، ولكن يبدو أن هذه الغاية غير قابلة للتحقق.
هل نحن وحيدون في هذا الكون؟
وشارك في هذا النقاش العلمي إلى ستيفن هوكينغ، مجموعة من العلماء البارزين، بعضهم سبق له ان حاز على جائزة نوبل، ومنهمبالكيميائي البريطاني "هارولد كروتو"، و الفيزيائي الأمريكي "روبرت ويلسون"، والفلكي "جون ماثر". كما شارك في اللقاء رائد الفضاء "والت كانينغهام" وعالمة الأنثروبولوجيا "كاترينا هارفاتي"، بالإضافة إلى مدير المهرجان المتخصص في الفيزياء الفلكية "جاريك إسرائيليان" ، ومدير معهد الفيزياء الفلكية في جزر الخالدات "رافاييل ريبولو".
وكشف الكيميائي "هارولد كروتو"، خلال الإجابة على سؤال عما إذا كنا وحيدين في هذا الكون أم لا؟ ، عن وجود جزيئات معقدة من الكربون في الفضاء، حيث اوضح انه " أصبح من المرجح جدا، عدم وجود حياة غيرنا، في هذه المجرة، وصلت إلى المستوى التكنولوجي الذي بلغناه". وأشار إلى أنه "من المرجح كثيرا، أن يتم اكتشاف بكتيريا على أحد النيازك".
نفس الرأي عبر عنه "جون ماثر"، المسؤول الأول عن التلسكوب المستقبلي "جيمس ويب" الفضائي، الذي شدد على ضرورة مواصلة البحث عن إشارات تؤكد وجود حياة أخرى داخل نظامنا الشمسي، وذلك من خلال مواصلة جمع النيازك المتساقطة على الأرض، وخاصة تلك القادمة من المريخ...
اما "روبرت ويلسون"، الذي اكتشف إشعاع "خلفية الميكروويف" الكوني الذي يخترق كامل الكون، فيرى امكانية التقاط إشارات من مخلوقات أخرى تشير على وجودها وتحاول من خلالها نقل شيء ما إلينا، مضيفا "ان المشكلة تكمن أساسا في أننا لم نقم بإرسال أي إشارات منذ عدة عقود. وهذا يعني، أنه في كل مرة نصير أقل قابلية للاكتشاف من قبل الآخرين".
إلى ذلك أكد هوكينغ أن إمكانية وجود حياة تفوقنا ذكاء، ما زالت بعيدة المنال، وما يثبت ذلك هو أنه "لم يسبق لأي شكل من أشكال الحياة الذكية ان قام بزيارة كوكبنا، ولكن هناك احتمال بأن نجد شكلا للحياة ذا مستوى تكنولوجي متدن جدا"، مضيفا انه "إذا ما كانت هنالك مخلوقات لها تكنولوجيا عالية جدا، لاستطعنا أن نراها وندركها. وإذا كنتم تفكرون في الأجسام الفضائية الغريبة، فإنها تظهر لعامة الناس، ولكن لن تظهر أبدا للعلماء. وإذا كانت هناك فعلا مؤامرة حكومية لإخفاء تكنولوجيا فضائية غريبة، فلحد الآن لا توجد دولة قامت باستخدام هذه التكنولوجيا".
وخلص هوكينغ إلى أننا "لا نزال نجهل كيف نشأت الحياة على الأرض، ويبقى احتمال: أن جزيء معقد جدا من الحمض النووي DNA تشكل على كوكب الأرض على أساس التفاعلات الكيميائية، مستبعد جدا"، قبل ان يضيف "أعتقد أن الحياة يمكن أن تكون كامنة في الفضاء، وزرعت في أماكن محددة من وقت لآخر، ولكن لا نتوقع أن ذكاء قريبا بما فيه الكفاية في الزمان والمكان" موضحا انه لا بعرف "كيف سيكون شكل الفضائيين، ولكن من المؤكد أنهم ليسوا كالبشر. لذلك، فعلى الرغم من إبداعات الخيال العلمي، فإنه من غير المحتمل جدا، أن نتمكن من الاتصال مع الروبوتات الذكية قريبة الشبه بالإنسان".
تعرّف الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" العلّامة الانكليزي الشهير ستيفن هوكينغ بأنه "من أبرز علماء الفيزياء النظرية على مستوى العالم، درس في جامعة أكسفورد وحصل منها على درجة الشرف الأولى في الفيزياء، وتابع دراساته في جامعة كامبريدج للحصول على الدكتوراة في علم الكون. له أبحاث نظرية في هذا العلم وأبحاث في العلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية، وله دراسات في التسلسل الزمني".
وفي كتابه The Grand Design"المشروع العظيم"، يخلص هذا العالم الفيزيائي الى القول إن الفيزياء الحديثة لا تترك مجالا للإيمان بأي خالق للكون.
ويقول إنه مثلما أزاحت النظرية الدارونية الحاجة الى خالق في مجال علم الأحياء "البيولوجي"، فإن عددًا من النظريات الجديدة أحالت أي دور لخالق للكون عديمة الجدوى والحقيقة.
ويسعى البروفيسير هوكينغ في كتابه The Grand Design "المشروع العظيم"، للإجابة على السؤال: هل كان الكون بحاجة الى خالق؟ ويقول: "الإجابة هي: لا! وبعيدا عن كون الأمر حادثة لا يمكن تفسيرها الا بأنها تأتت على يد إلهية، فإن ما يعرف باسم "الانفجار الكبير" لم يكن سوى عواقب حتمية لقوانين الفيزياء".
ويقول هوكينغ: "لأن ثمة قانونا مثل الجاذبية، صار بمقدور الكون أن يخلق نفسه من عدم. والخلق العفوي هذا هو السبب في ان هناك شيئا بدلا من لا شيء، وفي وجود الكون ووجودنا نحن". ويمضي قائلا: "عليه يمكن القول إن الكون لم يكن بحاجة الى إله يشعل فتيلا ما لخلقه".
أهمية كتاب البروفيسير هوكينغ تنبع من كونه نكوصا تاما عن آرائه المنشورة سابقا في أمر الأديان. ففي كتابه A Brief History of Time "تاريخ موجز للزمن" الذي أصدره العام 1988، لم يعترض البروفيسير على المعتقدات الدينية، وأوحى بأن فكرة الإله الخالق لا تتعارض مع الفهم العلمي للكون. وقال في ذلك الكتاب: "إذا اكتشفنا نظرية مكمّلَة، تيسر لنا الانتصار النهائي العظيم للعقل البشري، إذ سيكون بوسعنا أن نحيط علما بعقل الخالق".
ولكن الكتاب الأخير "المشروع العظيم"، الذي كتبه البروفيسير هوكينغ بالاشتراك مع الفيزيائي الأميركي لينارد ملوديناو ونشر في شتنير 2010 قبل أسبوع من زيارة بابا الفاتيكان لبريطانيا، قدم العالم نظرية جديدة شاملة تفضي الى أن الإطار العلمي الكبير لا يترك حيزا لخالق للكون.
ويعيد الكتاب تركيب معتقدات السير آيزاك نيوتن القائلة إنه ما كان للكون أن ينشأ عن فوضى، فقط بسبب قوانين الطبيعة، ولذا فهو من خلق إله. ويقول هوكينغ إن الضربة الأولى التي تلقتها تلك المعتقدات جاءت في العام 1992 بتأكيد أن كوكبا ما يدور في فلك نجم بخلاف الشمس. ويقول: "متصادفات الأوضاع الكواكبية - الشمس الواحدة، وحسن الطالع المتمثل في المسافة الصحيحة بين هذه الشمس والأرض، وكتلة الشمس نفسها - تنقص كثيرا من عنصر الإثارة وعنصر الإقناع المتصلين بأي دليل على أن الأرض صممت على نحو يهدف إلى إرضائنا نحن البشر".
ويقول البروفيسور هوكينغ إن الأرجح هو وجود أكوان أخرى تسمى "الكون المتعدد" - وليس مجرد كواكب أخرى - خارج مجموعتنا الشمسية. مضيفا "إذا كانت نية الإله هي خلق الجنس البشري، فهذا يعني أن ذلك الكون المتعدد بلا غرض يؤديه وبالتالي فلا لزوم له".
ومن جهته رحب عالم الأحياء، البروفيسير البريطاني الملحد ريتشارد دوكينغز الذي اشتهر بكتابه "وهم الإله" (2006)، بنظرية البروفيسور هوكينغ قائلا: "هذه هي الداروينية متعلقة بنسيج الطبيعة نفسها وليس مجرد الكائنات الحية التي تعيش في إطارها، هذا هو ما يقوله هوكينغ بالضبط. لست ملماً بكل تفاصيل الفيزياء لكنني افترضت الشيء نفسه على الدوام".
لكن علماء آخرين أبدوا حماسة أقل، مثل البروفيسير جورج إيليس، البروفيسير في جامعة كيب تاون ورئيس "الجمعية الدولية للعلوم والدين". الذي قال آنذاك "مشكلتي الكبرى مع ما ذهب اليه هوكينغ هي أنه يقدم للجمهور أحد خيارين: العلوم من جهة والدين من الجهة الأخرى". وسيقول معظم الناس: "حسنا.. نختار الدين".، وهكذا تجد العلوم أنها الخاسرة".