تشكل العناية الملكية السامية الموصولة بالمساجد والقائمين عليها تكريسا بارزا للمكانة المحورية التي تتبوأها بيوت الله في النهضة الروحية والعمرانية للمملكة تحت قيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس،نصره الله. ويأتي وضع جلالة الملك الحجر الأساس لبناء مسجد بحي جنان النهضة بالرباط اليوم الجمعة، كتجسيد جديد لهذه العناية التي ما فتئ جلالته يحيط بها بيوت الله بصفة خاصة، والشأن الديني بشكل عام، وهي العناية التي تكرست منذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين، حيث أضحت المملكة تتوفر على خطة واضحة المعالم لهيكلة الحقل الديني لقيت صدى طيبا على المستوى القاري والدولي بدليل إبداء العديد من الدول سعيها للاستفادة من التجربة المغربية في هذا المجال.
والحقيقة أن مختلف المبادرات التي يطلقها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس في مجال تشييد بيوت الله إنما تعكس الحرص الموصول لجلالته على جعل المملكة تتوفر على مساجد تزاوج بين الوظيفية الدينية والجمالية المعمارية، بما من شأنه توفير ظروف ملائمة لممارسة الشعائر الدينية في أفضل الظروف.
وتجدر الإشارة ، في هذا الصدد ، إلى أن هذا الحرص الملكي على النهوض بأدوار المساجد لا يتوقف عند مسألة البناء وإنما يتعداه إلى تكريس الاستمرار في تحصين بيوت الله من أي استغلال، وهو ما يتجلى في مضامين خطة دعم التأطير الديني على الصعيد المحلي التي ترأس أمير المؤمنين جلالة الملك مراسيم تقديمها يوم 13 يونيو المنصرم بالرباط، والتي تدشن مرحلة جديدة من التأطير الديني، ولاسيما من خلال قيام الأئمة المرشدين الذين تلقوا تكوينا شرعيا تكميليا وتكوينا مهنيا عماده الالتزام بثوابت الأمة، بمساعدة أئمة المساجد، سواء في ما يتعلق بالتواصل معهم في الأمور المرتبطة بالنهوض بمهامهم، أو في توسيع برنامج محو الأمية وتحسينه.
وإضافة إلى وضع الحجر الأساس لبناء مسجد بحي جنان النهضة بالرباط اليوم الجمعة، فقد تجسدت الرعاية الملكية السامية ببيوت الله قبل أسبوع واحد أيضا، من خلال تفضل أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالإذن بأن تفتح في وجه المصلين 117 مسجدا تم تشييدها أو ترميمها أو تلك التي خضعت لأشغال إعادة البناء من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو من طرف محسنين، وهو ما يمكن من مصاحبة النمو الديمغرافي والحضري الذي تشهده مختلف جهات المملكة والاستجابة للطلب المتزايد على الخدمات الدينية التي تتوفر في بيوت الله من تأطير وتوجيه وإرشاد، ومحو للأمية، وتحفيظ للقرآن الكريم.
وعلاقة بالنهوض بأدوار المساجد في النهضة الروحية العمرانية والروحية للمملكة، تبرز أيضا العناية الملكية السامية بالقيمين الدينيين وأئمة المساجد، وذلك اعتبارا للمهام المتنوعة التي ينهضون بها لاستتباب الأمن الروحي ونشر التعاليم الإسلامية الصحيحة، وذلك من خلال تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للقيمين الدينيين وتحسين الأوضاع الصحية للأئمة.
وتجدر الإشارة ، في هذا الإطار ، إلى أن أمير المؤمنين كان قد أصدر أمره السامي بمنح مكافأة شهرية ابتداء من فاتح يناير 2014 لكل من يزاول مهمة الأذان بالمساجد وبتمتيع المؤذنين والخطباء ومراقبي المساجد بالتأمين الصحي الأساسي والتكميلي.
وتروم جميع هذه التدابير تعزيز سلسلة من الإجراءات المماثلة التي اتخذت على أكثر من صعيد للرقي بالشأن الديني والعناية بمختلف شرائح الساهرين على بيوت الله. وحسب آخر المعطيات الرقمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فإن عدد المساجد بالمملكة يبلغ 50 ألف مسجد (37 ألف منها في الوسط القروي)، وذلك بطاقة استيعابية إجمالية قدرها 7 ملايين مصلي ومصلية.
كما بلغ عدد المساجد ، التي تمكنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من تشييدها خلال الفترة ما بين 2005 و2013 ، زهاء 256 مسجدا بغلاف مالي إجمالي قدره ملياري درهم، علاوة على تشجيع الوزارة للمبادرة الحرة لاسيما مبادرات المحسنين.
من جهة أخرى، وفي إطار الحفاظ على المساجد التاريخية، أشرفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على ترميم 55 مسجدا تدخل ضمن هذه الفئة، أي 30 بالمائة من مجموع هذه المساجد ( 183 مسجدا). كما تم بالموازاة مع ذلك، إعطاء الأولية لتأهيل بعض المساجد المغلقة، حيث شملت أشغال التأهيل نحو 618 مسجدا بغلاف مالي إجمالي تفوق قيمته 34ر1 مليار درهم.