أكد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الاثنين بالرباط، أن التجمعات والتظاهرات التي شهدتها مختلف جهات المملكة خلال الثلاثة سنوات الماضية (2011-2012-2013)، حافظت على طابعها السلمي ولم تشهد " عنفا إلا في حالات محدودة جدا". وأوضح اليزمي، في تقرير عن عمل المجلس ( مارس 2011 / دجنبر 2013 ) قدمه أمام مجلسي البرلمان، أنه على الرغم من عدم استيفاء الأغلبية الساحقة لهذه التجمعات المنظمة فعليا، للشروط القانونية والمتعلقة بضرورة التصريح القبلي طبقا لمقتضيات الفصل 11 من ظهير 15 نونبر 1958، فإن هذا الأمر لم يمنع المواطنات والمواطنين من ممارسة حقهم في التظاهر في الشارع العام، مؤكدا أن هذه التجمعات " حافظت على طابعها السلمي ولم تشهد عنفا إلا في حالات محدودة جدا".
وأشار إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان قام، في إطار أجندة للنهوض بحقوق الانسان بالمغرب ، وفي سياق مهامه المتعلقة بالحماية والتدخل الاستباقي بعمليات رصد وتقصي ووساطة في عدد من حالات التوتر التي "ترتبت عنها انتهاكات لحقوق الإنسان"، كما تابع محاكمة معتقلي أحداث الداخلة بمحكمة الاستئناف بالعيون (شتنبر 2012)، و محاكمة المتابعين في إطار أحداث اكديم إزيك أمام المحكمة العسكرية الدائمة بالرباط (فبراير 2013). وسجل أن رصد ومتابعة ومواكبة المجلس، لبعض الحركات الاحتجاجية وخاصة في سنة 2011، مكنته من الوقوف على عدد من الخلاصات الأولية، من بينها، أن "غياب أو ضعف التواصل لدى السلطات العمومية إبان الأحداث شكل أحد عوامل الاحتقان، خاصة في حالة الإشاعات التي راجت عن حالات وفيات غير صحيحة، نقلتها، في بعض الأحيان، بعض وسائل إعلام الكترونية أو مواقع تواصل اجتماعية خاصة، دون التحقق من صدقيتها ". كما وقف المجلس، يضيف اليزمي، على بعض حالات "الاستعمال المفرط وغير المتناسب للقوة أحيانا" ، فضلا عن تسجيل ضعف عمل بعض آليات الوساطة الجماعية مثل اللجان الإقليمية لحل النزاعات الجماعية للشغل ، والتفاعل المتباين مع شكايات وتظلمات المواطنين والمواطنات المتعاملين مع الإدارة من قبل المفتشيات العامة للوزارات، إلى جانب الوقوف على جوانب من قصور الإطار القانوني الحالي (الظهير المتعلق بالتجمعات العمومية) عن استيعاب أشكال جديدة من التعبيرات والممارسات ذات علاقة بالحق في التظاهر السلمي.
وأضاف إدريس اليزمي، في هذا السياق، أنه سعيا منه إلى تعميق النقاش العمومي حول الحق في الاحتجاج السلمي، فقد أعد المجلس الوطني لحقوق الانسان دراسة حول الحق في التظاهر السلمي كمقترح أرضية لمناظرة وطنية تجمع كافة الأطراف المعنية. وأشار في هذا الصدد إلى ضرورة أن ينكب هذا النقاش العمومي على إقرار حق تنظيم المظاهرات السلمية لجميع المواطنات والمواطنين والحد من السلطة التقديرية للإدارة في منع التظاهرات السلمية وتقوية دور السلطة القضائية كآلية للانتصاف الفعلي، وضرورة الاتفاق على مبادئ تحترم من طرف الجميع يتم بمقتضاها تنظيم الحق في الاحتجاج السلمي دون المس بالسير العادي للمرافق العمومية والخاصة، حفظا لحق الجميع في الاستفادة من الخدمة العمومية، إلى جانب النهوض بثقافة المواطنة والسلوك المدني ونشر ثقافة حقوق الإنسان ومناهضة خطاب التمييز والعنصرية والكراهية.
وفيما يتعلق بحرية الجمعيات، أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، أنها تمثل "أحد أهم مكاسب بلادنا، والتي كانت منذ فجر الاستقلال سباقة في اختيار توفير إطار تشريعي يكفل ممارسة هذه الحرية دون قيود"، مشيرا إلى تزايد أهمية أدوار جمعيات المجتمع المدني بمقتضيات دستورية.
وأشار بالمقابل، إلى وجود عوائق موضوعية تحول دون تطور النسيج الجمعوي بالمغرب من بينها، على الخصوص، ضعف معدل التأطير الجمعوي للسكان (145 جمعية لكل 100.000 نسمة) والتباينات المسجلة على مستوى العضوية (57.3? من الجمعيات لديها أقل من 100 عضوا)، والفوارق المسجلة على مستوى الانتشار الترابي للجمعيات (يتركز 30 في المائة من النسيج الجمعوي الوطني في كل من جهة الرباطسلا زمور زعير وجهة سوس ماسة درعة).
وإلى جانب ضعف التأطير الجمعوي، فقد أشار اليزمي إلى أن "الاكراهات الموضوعية والمادية والممارسات الإدارية المنافية للقانون، تشكل عوامل أساسية تحد من توسع النسيج الجمعوي والاضطلاع بدوره في مؤازرة ومساندة المطالبين بالحقوق وتأطيرهم وتمثيلهم أو لجهة الاضطلاع بأدوار الوساطة في فترات الاحتقانات والأزمات".
أما فيما يتعلق بحرية الصحافة، فقد لاحظ رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، أنه بالرغم من المكسب الدستوري المتضمن في الفصل 28، فقد "عرفت حرية الصحافة والتعبير أشكالا من المس بها تمثلت في اللجوء إلى القانون الجنائي لمتابعة بعض الصحافيين، وإصدار عقوبات حبسية وغرامات ".
وأشار في هذا الخصوص إلى أن عدد الملفات المعروضة على القضاء والمتعلقة بالصحافة بلغ 119 قضية من ضمنها 82 قضية بتت فيها مختلف المحاكم برسم سنة 2011، مقابل 106 قضية برسم سنة 2012 تم البت في 51 منها.