شدد وزراء خارجية الاتحاد المغاربي، اليوم الجمعة بالرباط ، على ضرورة إخراج الاتحاد من حالة الركود التي يعيشها، وتجاوز وضعه الراهن على مختلف المستويات. وأكدوا في كلمات، خلال افتتاح الدورة ال32 لمجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي، على أن مواجهة اكراهات الظرفية الحالية الأمنية والاقتصادية وغيرها تفرض بذل مزيد من الجهود ، والتنسيق أكثر بين أعضاء الاتحاد والبحث عن صيغ وآليات جديدة للعمل المشترك .
وفي هذا السياق ، أبرز وزير الخارجية والتعاون الدولي بليبيا محمد امحمد عبد العزيز، الذي يترأس أشغال الدورة، أن التحولات التي تعشيها المنطقة المغاربية تشكل " بارقة أمل " رغم كل التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها ، معربا عن يقينه بأن حلم شعوب المنطقة في الاستقرار والتقدم " سيتحقق " رغم كل المصاعب.
واعتبر رئيس الدبلوماسية الليبية أن عقد مؤتمر قمة مغاربية قبل نهاية السنة الجارية سيشكل تجسيدا للالتزام سياسي بالدفع في اتجاه تفعيل الاتحاد المغاربي وسيقدم الدعم لمسارات البناء الديمقراطي في المنطقة.
واستعرض الوزير الليبي مختلف التوصيات التي تمخض عنها الاجتماع الوزاري الذي احتضنته طرابلس في فبراير الماضي ( بمناسبة مرور 25 سنة على إعلان قيام الاتحاد المغاربي) وخصوصا ما تعلق منها بتنشيط مؤسسات الاتحاد والعمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة ، من تنمية ومحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب والهجرة السرية.
ودعا إلى " وضع الخلافات جانبا " من أجل اندماج مغاربي " واضح المعالم " ، مشيرا إلى أن التطورات التي تشهدها المنطقة المغاربية تدفع في اتجاه اتخاذ " قرارات حكمة واعتدال".
من جانبه، اعتبر وزير الشؤون الخارجية التونسي المنجي حامدي أن الوقت قد حان لإضفاء زخم جديد على مسيرة الاتحاد المغاربي، بشكل يترجم الإرادة المشتركة من أجل العمل لكسب الرهانات التنموية والتحديات الماثلة أمام الاتحاد في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، مشيرا إلى أن بلوغ هذا المبتغى يستدعي المضي قدما في مشروع إصلاح منظومة العمل المغاربي حتى تكتسب مؤسسات الاتحاد مزيدا من الفاعلية والجدوى .
وقال إن الحرص على إصلاح المنظومة الاتحادية المغاربية، وتفعيل مسارات الاندماج المغاربي " لايضاهيه سوى تمسكنا باستكمال تركيز إحدى أهم مؤسسات الاتحاد من خلال تأمين الانطلاق الفعلي لنشاط المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية ، الذي نراهن جميعا على دوره المستقبلي في دفع الحركة الاقتصادية والاستثمارية في المنطقة " .
وفي معرض تطرقه للوضع المغاربي الراهن ، قال الوزير إن هذه الدورة تعقد في الوقت الذي تعيش فيه المنطقة المغاربية على وقع تحولات عميقة ، مؤكدا في هذا السياق أن الدول المغاربية مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى تكثيف التشاور وتعميقه " وفق منهج أساسه المصارحة وتغليب المصلحة المشتركة من أجل التأسيس لمواقف متجانسة تراعي خصوصيتنا وتستجيب لأولويات مشروعنا المغاربي في بعديها التنموي والأمني ". وجدد دعوة بلاده لاحتضان القمة المغاربية السابعة خلال شهر أكتوبر المقبل.
وأشار إلى أن إرساء تعاون مثمر ومتطور بين الدول المغاربية، يتوقف على بناء علاقات مثمرة مع سائر الشعوب والتجمعات الإقليمية المجاورة ، بما يعزز مصداقية الاتحاد المغاربي ، ويبرزه كقوة اقتصادية متجانسة قادرة على الدفاع عن مصالح شعوب المنطقة .
أما وزير الشؤون الخارجية والتعاون بموريتانيا أمحمد ولد تكدي فقد أكد أن المنطقة تواجه تحديات تفرضها الظرفية الدولية والإقليمية الراهنة ، وهو ما يتطلب المزيد من البذل والعطاء وتكاثف الجهود بغية تحقيق ما تصبو إليه الشعوب المغاربية من تقدم ورخاء ، وللاتحاد المغاربي ما يسعى إليه من تكامل واندماج .
وتابع أنه في إطار هذا التوجه ، تعمل الحكومة الموريتانية إلى جانب باقي البلدان المغاربية على تعزيز البنيان المغاربي ، والرفع من مستوى الشراكة بين أعضائه ، وتمكينه منى المساهمة الإيجابية والفعالة على المستوى الإقليمي والدولي .
وأشار إلى أن قدرة البلدان المغاربية على ترجمة الأهداف التي رسمتها إلى واقع حي ، يظل رهينا بمستوى التقدم في تحديث أجهزة اتحاد المغرب العربي ، ووضع هياكل واطر سياسية وقانونية ومؤسسية جديدة قادرة على مواكبة المستجدات وخلق ديناميكية تسرع من وتيرة العمل الاتحادي وتحسن من أدائه ومردوديته.
من جهته، اعتبر الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية بالجزائر عبد الحميد سنوسي بريكسي أن رصيد التجربة والخبرة الذي راكمته الدول المغاربية يسمح لها بالتوافق حول ضرورة تصويب منهجية عملها وتطوير المنظومة المغاربية وتحيين نصوصها القانونية والتنظيمية لمواكبة التطورات الحاصلة في المنطقة ومحيطها .
ودعا في هذا السياق إلى تجميع قدرات الدول المغاربية ، الانتاجية منها والهيكلية ، وإنجاز مشاريع حيوية تستجيب لمتطلبات التنمية وتقلل من مستوى التبعية الاقتصادية والغذائية والتكنولوجية لبلدان المنطقة في إطار مجموعة اقتصادية مغاربية .
وعبر عن الأمل في أن يسهم انطلاق المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة في تمويل المشاريع الاقتصادية الاندماجية المغاربية، مؤكدا استعداد بلاده لاستضافة ندوة حول المجموعة الاقتصادية المغاربية قبل نهاية السنة الجارية بهدف إعطاء الفرص الكافية للخبراء والمختصين والمتعاملين الاقتصاديين لدراسة وبحث سبل تجسيد هذا المشروع المغاربي الاندماجي.
وفي سياق متصل ، استعرض الأمين العام للاتحاد المغربي الحبيب بن يحيى ، في كلمة بالمناسبة ، حصيلة عمل مؤسسات الاتحاد المغاربي منذ الدورة 31 لمجلس وزراء الخارجية ، بحيث أوضح أن سنة 2013 شهدت حركية في نشاط مختلف المجالس الوزارية القطاعية واللجان المختصة بعد أن شهدت السنة التي قبلها شبه ركود في وتيرة الاجتماعات بسبب ظروف " موضوعية".
وعبر بن يحيى عن الأمل في أن تكون حصيلة العمل خلال سنة 2014 " دسمة " ليس فقط على مستوى عقد الاجتماعات بل أيضا على مستوى " التعاون الأفقي" حتى يكون لدول الاتحاد صوت مسموع في العالم.
ويبحث وزراء خارجية الدول المغاربية خلال هذه الدورة عددا من المواضيع أبرزها التشاور السياسي بشأن القضايا العربية والجهوية والدولية، وتعزيز التعاون الأمني المغاربي، وتفعيل آليات اجتماع رؤساء الحكومات المنصوص عليها في المادة السابعة من معاهدة مراكش، والعمل الاندماجي المغاربي، واستعراض أعمال اللجان الوزارية المتخصصة ، وإصلاح المنظومة الاتحادية بالإضافة الى تحيين الاتفاقيات المغاربية .
يذكر أن معاهدة إنشاء الاتحاد المغاربي الموقعة في مراكش يوم 17 فبراير 1989 تنص على انه يكون للاتحاد مجلس لوزراء الخارجية يحضر دورات مجلس الرئاسة وينظر فيما تعرضه عليه لجنة المتابعة واللجان الوزارية المختصة من أعمال.