مبدئيا؛ قمة اتحاد المغرب العربي ستنعقد قبل نهاية السنة الجارية بتونس، ذلك ما اتفق عليه وزراء خارجية البلدان الخمسة، أعضاء هذا التجمع الاقليمي في دورتهم الثلاثين التي احتضنتها الرباط أول أمس السبت . ففي مؤتمرهم الصحفي المشترك عقب اختتام الاشغال، أعلن وزير الشوؤن الخارجية الليبي، عاشور بن خيال، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية، أنه من المقرر أن تعقد قمة اتحاد المغرب العربي قبل نهاية العام الجاري. كما قرر وزراء الخارجية عقد اجتماع وزاري في الجزائر يخصص للجانب الأمني في المنطقة و لإعادة بعث الديناميكية للجان القطاعية لاتحاد المغرب العربي. لقاء الرباط شارك فيه وزراء خارجية المغرب سعد الدين العثماني والجزائر مراد مدلسي وتونس رفيق عبدالسلام وليبيا عاشور بن خيال الذي ترأس بلاده الدورة الحالية والسفير الموريتاني بالرباط محمد ولد معاوية. وأكد عاشور بن خيال وزير الخارجية والتعاون الليبي، رئيس الدورة الثلاثين لمجلس وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي أن اجتماع المجلس «جرى في جو ودي وأخوي وسار في الاتجاه الصحيح». وأوضح بن خيال في ندوة صحفية عقب اجتماع المجلس أن الاجتماع «جرى في ظل التطورات الهامة والجوهرية التي شهدتها المنطقة المغاربية، متمثلة في ثورتي تونس وليبيا وتشكيل حكومة جديدة في المغرب وتقارب مغاربي جزائري أحدث أصداء إيجابية تبعث على الأمل، وزيارات مميزة للرئيس التونسي وإرادة سياسية واضحة وقوية لدى دول الاتحاد في اتجاه بناء مغرب عربي موحد». وأضاف الوزير الليبي خلال هذه الندوة التي عقدها بشكل مشترك مع وزراء خارجية المغرب والجزائروتونس وليبيا وموريتانيا والأمين العام للاتحاد، أن هذه العوامل مجتمعة «ساهمت في أن يسير الاجتماع الذي جاء بعد انقطاع دام أكثر من سنتين في الاتجاه الصحيح». وأبرز أن اجتماع المجلس تطرق لأهم المواضيع، حيث تم التأكيد على التنسيق والتشاور في كافة القضايا السياسية الراهنة لإيجاد أرضية مشتركة في المحافل الدولية والإقليمية، بدءا من الاجتماع القادم لمجموعة (5+5) الذي سينعقد يومه الاثنين بروما. كما تناول الاجتماع التعاون الأمني ووضع سياسة أمنية للدول الأعضاء، حيث يرتقب انعقاد اجتماع وزاري في هذا الشأن في أقرب وقت ممكن بالجزائر في موعد يحدده الجانب الجزائري. من جهة أخرى أشار بن خيال إلى أن الاجتماع ثمن المبادرة التونسية في ما يتعلق بالوضع السوري الداعية لعقد مؤتمر (أصدقاء سورية) في 24 فبراير الجاري، والمبنية على المبادرة العربية التي طرحت في اجتماع وزراء الخارجية العرب في 12 فبراير الجاري. وجدد مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد، يضيف الوزير، التأكيد على دعم الشعب الفلسطيني ومباركة المصالحة بين قياداته واستنكار تواصل التصعيد العسكري الإسرائيلي، والممارسات الإسرائيلية المنافية للأعراف الدولية إلى جانب العديد من القرارات والتوصيات التي تغطي جوانب اقتصادية واستثمارية ومواضيع تتعلق بطبيعة عمل الاتحاد. وفي ما يخص تجديد هياكل الاتحاد، أكد وزير الشؤون الخارجية التونسي رفيق عبد السلام أنه كانت هناك رؤية مشتركة خلال اجتماع المجلس حول الحاجة إلى تطوير آليات ومؤسسات اتحاد المغرب العربي وتفعيلها، بناء على الخبرة والتجربة والمكاسب السابقة التي تحتاج إلى التعزيز وتجاوز العثرات. وأضاف أن هناك شعورا عاما بأن الاتحاد «ممركز أكثر من اللازم»، وأنه ينبغي إعطاء صلاحيات أوسع لمجلس وزراء الخارجية وتفعيل الآليات القائمة، بما فيها آليات التشاور داخل الاتحاد، مبرزا أن الدول الأعضاء لديها «إرادة سياسية مشتركة للدفع بالعمل المغاربي نحو الأمام». من جهته أوضح وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني أنه من بين أولويات العمل المغاربي في المرحلة المقبلة «إصلاح المنظومة الاتحادية في اتجاه إعادة النظر في هياكل الاتحاد، وكيفية اشتغالها واتخاذ القرارات فيها» ، مضيفا أن المجلس قرر تحيين ورقة أعدت سابقا بهذا الخصوص قد يتم عرضها أمام القمة المقبلة «مما سيكون له تأثير كبير على فعالية الاتحاد». على المستوى الاقتصادي، تم الاتفاق على أن يبرمج ويتابع المجلس عقد اللجان الوزارية المتخصصة والمجالس القطاعية في مختلف المجالات المتعلقة بالأمن الغذائي والاقتصاد والمالية والبنيات التحتية الأساسية والموارد البشرية حسب العثماني. وأشار الوزير أيضا إلى أن المجلس وجه دعوة لوزراء التجارة والفلاحة بالاتحاد للإسراع بعقد اجتماع مشترك للمضي قدما في اتجاه اعتماد اتفاقية التبادل الحر التي سبق وأن وقع عليها بالأحرف الأولى، مضيفا أن المجلس تداول أيضا بشأن إنشاء المصرف المغاربي. من جهته أشار وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي إلى أن اجتماع المجلس قرر أن ينطلق من الآن فصاعدا نحو تعاون شامل متعدد الأقطاب، بما فيه القطب الأمني، موضحا أنه تم الاتفاق على الاطلاع على قضايا الأمن بصفة جدية ومنتظمة ومنسجمة ومستدامة. وأضاف أن وزراء خارجية الاتحاد سيلتئمون قريبا في الجزائر للاتفاق على إطار وأهداف في هذا الشأن، أخذا بعين الاعتبار أن «مصالح دول أخرى معنية بالأمر ستتجند معنا من أجل استقرار المغرب العربي، ومحاربة آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود». دورة وزراء الخارجية تميزت في جلستها الافتتاحية بكلمات المشاركين. وزير الشؤون الخارجية سعد الدين العثماني أشار إلى أن المملكة المغربية تعتبر الاندماج المغاربي أولوية دستورية وضرورة استراتيجية تنموية وأمنية ملحة يزيد من حتميتها عصر التكتلات والتطلعات العميقة والمتواصلة للشعوب المغاربية، إلى تجسيد الروابط الأخوية المتجذرة التي تجمعها. وأضاف أن المغرب يعتبر أن الاندماج الاقتصادي والانسجام الاجتماعي والتنسيق السياسي المحكم في الإطار المغاربي، يقتضي وضع خارطة طريق مغاربية شاملة ملزمة بأهدافها وآلياتها تجعل هدفها الأسمى تمكين المواطن المغاربي من كل شروط العيش الحر الكريم. واستطرد أن تحقيق شراكة مغاربية شاملة مستدامة تقتضي إيجاد المناخ الملائم للاستثمار من خلال توفير الضمانات القانونية المحفزة وترسيخ دولة القانون في مجال الإعلام وتكريس التنافسية والشفافية واعتماد الحكامة الجدية واحترام حرية تنقل الأشخاص وتيسير حركة رؤوس الأموال. وقال إن ذلك يتطلب إفساح مجال واسع أمام الجماعات المحلية والشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص في أوراش التنمية المغاربية، داعيا الرأسمال المغاربي إلى التحلي بالروح المغاربية العالية من خلال إعطاء الأولوية في كل مشاريعه الاستثمارية لبلدان الاتحاد. وزير الشؤون الخارجية الجزائرية، مراد مدلسي أوضح أن الجزائر، التي أدرجت مسألة الأمن ضمن جدول أعمال هذا الاجتماع، توصي بتعاون حقيقي و ناجع في هذا المجال و تضافر الجهود من أجل التصدي للمخاطر التي تهدد المنطقة. في ذات السياق، دعا الوزير إلى وضع أدوات من أجل تنسيق الجهود بغية مكافحة الارهاب و الجريمة المنظمة و تهريب الأسلحة و الهجرة غير الشرعية. وأكد مدلسي أن هذه الاخطار التي تهدد الاستقرار و السلم في المنطقة و كذا أمن الأشخاص و الممتلكات تتطلب المزيد من اليقظة و تعاون كل الأطراف. ولدى تطرقه إلى بناء الصرح المغاربي أشار مدلسي إلى أن هذه العملية تتطلب تفعيل آلياته و هياكله و كذا تجسيد تصور التكامل و الاندماج الاقتصادي وفقا «لمقاربة براغماتية تطورية» تندرج في إطار مرحلة جديدة في العمل المغاربي المشترك. وأضاف «علينا بمراجعة منهجية عملنا من أجل مباشرة إصلاح بنية الاتحاد وفقا لمقاربة شاملة سبق و أن اقترحتها الجزائر في 2001» . في ذات السياق، جدد مدلسي التأكيد على أن الجزائر لطالما ركزت على ضرورة تجسيد التكامل الاقتصادي المغاربي، مذكرا أنها أطلقت مبادرة من أجل تأسيس اتحاد اقتصادي مغاربي. و أوضح مدلسي أن الجزائر أدرجت البعد المغاربي في مشاريعها التنموية، علما بأن هذه المشاريع على غرار الطريق السيار شرق- غرب و شبكتي الكهرباء و السكة الحديدية من شأنها أن تسهم في تحقيق الاندماج و التكامل المغاربيين. في معرض حديثه عن الوضع في المنطقة العربية، أوضح مدلسي بشأن الوضع في سوريا أن الجزائر تدعم المبادرة العربية باعتبارها الاطار الامثل لتسوية هذه الأزمة، مجددا التأكيد على رفضها لكافة اشكال التدخل الأجنبي، داعيا في نفس الوقت إلى حوار وطني شامل يضم كافة الأطراف السورية دون استثناء من أجل تلبية تطلعات الشعب السوري. وفيما يخص القضية الفلسطينية نوه السيد مدلسي بالجهود التي تمت مباشرتها من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل مكونات الشعب الفلسطيني. من جهته أكد وزير الشؤون الخارجية التونسي رفيق عبد السلام على الأهمية التي تكتسيها هذه الدورة التي تتزامن مع ذكرى إنشاء الاتحاد، في تفعيل منظومة العمل المغاربي المشترك، معربا عن الأمل في أن تشكل منعرجا حاسما في مسار التكامل والتضامن والاندماج بين دول الاتحاد. وأبرز الإرادة السياسية المشتركة التي تحدو جميع القادة المغاربة في تفعيل مؤسسات الاتحاد وتطوير آليات العمل المغاربي، منوها في هذا السياق بالإجماع الحاصل بين الدول الأعضاء على ضرورة البدء في عملية إصلاح وتطوير المنظومة الاتحادية وفق تصورات جديدة تضمن للاتحاد مواكبة التحولات الجذرية التاريخية الجارية بالمنطقة المغاربية والعربية والتعامل بكل ندية مع باقي التكتلات الإقليمية والدولية وحتى يكون عاملا من عوامل الاستقرار في المنطقة ويؤسس لدور مغاربي فاعل في الفضاء العربي والإفريقي والاورومتوسطي والدولي. وأكد رفيق عبد السلام ، في سياق متصل، على ضرورة رفع العراقيل التي لا تزال تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين الدول الأعضاء من خلال القيام وبصفة مستعجلة بعملية تقييم موضوعي وشامل لتجربة السنوات الماضية والبدء في اتخاذ خطوات عملية في مجال توحيد السياسات النقدية والمالية والجمركية المغاربية، فضلا عن الإسراع في إقامة منطقة التبادل الحر المغاربية والمجموعة الاقتصادية المغاربية. كما شدد على الأهمية القصوى لمسألة استكمال تركيز المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية ومقره تونس ليكون لبنة أساسية في عملية البناء الاقتصادي والاستثماري المغاربي، مبرزا ضرورة إشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية المغاربية في عملية التفعيل والإصلاح التي سيشهدها الاتحاد مستقبلا. السفير الموريتاني بالمغرب ألقى كلمة نيابة عن وزير الخارجية والتعاون حمادي ولد حمادي شدد فيها على أهمية الحفاظ على هذا الاتحاد والعمل من أجل تحقيق طموحات الشعوب المغاربية. ودعا إلى انطلاقة جديدة للاتحاد من خلال تفعيل آلياته انطلاقا، مما تشهده هذه المنطقة من تطورات، واصفا هذه الدورة بأنها دورة متميزة في تاريخ الاتحاد. وفي الختام تناول الكلمة الأمين العام للاتحاد الحبيب بن يحيى الذي استعرض أنشطة الاتحاد في الفترة الماضية والأنشطة المزمع القيام بها مستقبلا. ودعا بن يحيى إلى خارطة طريق، قال إنها تتضمن أربع أولويات تتمثل في التوقيع على اتفاقية قيام منطقة التبادل الحر الجاهزة، وذلك بدعوة مجلس وزراء التجارة إلى الانعقاد في دورة طارئة بطرابلس، وكذا التزام الأمانة العامة بفض إشكاليات قواعد المنشأ وما يتبعها خلال اجتماعات عاجلة للخبراء بمقرها قبل شهر يونيو المقبل موعد المؤتمر المغاربي الثالث. كما تتضمن خارطة الطريق عقد الجلسة التأسيسية للمصرف المغاربي بعد أن تستكمل الدولتان المتبقيتان تحرير اكتتابهما في رأس المال وإقرار عاجل للإستراتيجية المغاربية للشباب تكوينا وتشغيلا. بوتفليقة : وحدة المغرب العربي ضرورة حيوية ملحة أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الذكرى ال23 لتأسيس اتحاد المغرب العربي أن «تحقيق وحدة المغرب العربي في عصر التكتلات الجهوية والدولية ضرورة حيوية ملحة». وجاء في رسائل وجهها الرئيس بوتفليقة بالمناسبة الى كل من جلالة الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي ورئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل «إن تحقيق وحدة المغرب العربي في عصر التكتلات الجهوية والدولية، ضرورة حيوية ملحة لتمكين شعوبنا الشقيقة من مواجهة التحديات ضمن تجمع مرصوص البناء وموحد الكلمة». وبعد أن أعرب رئيس الجمهورية عن «أخلص التهاني وأطيب الاماني» لقادة الدول المغاربية بهذه المناسبة، جدد «حرص الجزائر وعزمها على العمل ،كما أكد «معكم من أجل الحفاظ على هذا المكسب وتطوير هياكله باعتباره عامل تنمية وإطارا للتكامل والتشاور السياسي». وقال رئيس الدولة أيضا «ففي هذا المسعى يتعين علينا جميعا العمل وفق مقاربة واقعية وتدريجية تأخذ في الحسبان مصالح بلداننا وطموحات شعوبها»، مضيفا أنه «ولاشك في أن الفرصة سانحة الآن لتحيين التفكير حول التشييد المغاربي المبني على تكامل إقتصادي يرتكز على متابعة سياسات مشتركة في كافة الميادين». وفي ما يخص الجزائر، أوضح رئيس الجمهورية «إن الجزائر ستدلي بدلوها فيما سنبذله جميعا من جهود في خدمة بلداننا الشقيقة». المرزوقي: أملنا وطيد في انعقاد مجلس الرئاسة أعرب الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، عن أمله في أن تكلل الجهود المشتركة على الصعيد المغاربي بعقد الدورة السابعة لمجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي في القريب العاجل. وقال المرزوقي، في برقية تهنئة توصل بها جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لإعلان قيام اتحاد المغرب العربي، إن «أملنا لوطيد في أن تكلل جهودنا المشتركة في القريب العاجل بعقد الدورة السابعة لمجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي التي ستشكل محطة بارزة على درب تحقيق الاندماج المغاربي المنشود بما يمكن من رفع التحديات وكسب رهانات الحاضر والمستقبل». وجدد المرزوقي الإعراب عن عزمه الراسخ وحرصه الأكيد على تعميق التشاور والتنسيق مع جلالة الملك «بما يساهم في تفعيل هياكل اتحاد مغربنا العتيد، ويفتح الآفاق رحبة لشعوبنا في مزيد من النماء والرخاء في كنف الاستقرار والمناعة والتضامن». وأعرب الرئيس التونسي ، بهذه المناسبة، أصالة عن نفسه ونيابة عن الشعب التونسي، عن «أحر عبارات التهاني وأصدق التمنيات بموفور الصحة والسعادة والهناء لجلالة الملك و للشعب المغربي الشقيق بمزيد الازدهار والتقدم».