انطلقت٬ صباح السبت 18 فبراير الجاري بالرباط٬ أشغال اجتماع مجلس وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي في دورته الثلاثين. ويشارك في الاجتماع وزراء خارجية المغرب سعد الدين العثماني والجزائر مراد مدلسي وتونس رفيق عبد السلام وليبيا عاشور بن خيال٬ الذي ترأس بلاده الدورة الحالية٬ فيما ترأس الوفد الموريتاني في الجلسة الافتتاحية السفير الموريتاني بالرباط محمد ولد معاوية نيابة عن الوزير. وخلال الجلسة الافتتاحية أكدت الكلمات على أهمية المحافظة على هذا الاتحاد الذي يحيي هذه الأيام الذكرى ال 23 لإنشائه بمدينة مراكش٬ وضرورة العمل على تجاوز كل العراقيل التي أعاقت وتعيق سير العمل المغاربي المشترك٬ داعين إلى الاستفادة من التحولات السياسية والديموقراطية التي تعرفها المنطقة للرقي بهذا الاتحاد إلى ما تطمح إليه كل الشعوب المغاربية. وافتتح الاجتماع عاشور بن خيال وزير الخارجية والتعاون الليبي رئيس الدورة٬ بكلمة أكد فيها أن التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها "عالمنا أصبحت تحتم علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى العمل معا على تنشيط وتوسيع آفاق العمل المغاربي وفق منهجية واضحة تحقق مصالح شعوبنا المغاربية". وأضاف أن الاتحاد المغاربي قطع منذ إنشائه شوطا مهما على درب العمل الاندماجي إلا أن ما يتحقق "لا يلبي طموحات شعوبنا المغاربية حتى الآن٬ ما يحتم على أقطارنا أن تسرع الخطى لإقامة مجموعة اقتصادية انطلاقا من إقامة منطقة التبادل الحر المغاربية وتعزيز الاندماج في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك". و دعا الوزير الليبي إلى الاهتمام بالشباب الذي يشكل نسبة كبيرة من سكان الأقطار المغاربية وهو ما يفرض وضع " استراتيجية مغاربية متكاملة " لرعاية هذه الشريحة الهامة وحمايتها والعمل على إيجاد فرص مناسبة لها. أما وزير الشؤون الخارجية التونسي رفيق عبد السلام فقد أكد على أهمية اجتماع الرباط الذي قال إنه سيشكل " منعرجا هاما في مسار التكامل والاندماج المغاربي بفضل ما يحدونا جميعا من رغبة صادقة ورؤية واضحة للعمل على تطوير آليات ومؤسسات الاتحاد". وأضاف أن دفع المسيرة المغاربية "يتطلب منا٬ وبصفة مستعجلة٬ إجراء تقييم موضوعي وشامل لتجربة السنوات الماضية والعمل على تجاوز الصعوبات والعراقيل التي حالت دون تحقيق الأهداف المرسومة لقيام هذا التكتل الإقليمي٬ كما تستدعي منا المرحلة الحالية المزيد من تضافر الجهود والتشاور والتنسيق على مختلف المستويات من أجل تفعيل آليات الاتحاد وتطوير مؤسساته". ودعا وزير الشؤون الخارجية الجزائري مراد مدلسي٬ من جهته٬ إلى ضرورة تفعيل هياكل ومؤسسات اتحاد المغرب العربي وتكريس مفهوم التكامل والاندماج الاقتصادي وفق مقاربة براغماتية متدرجة تؤسس لمرحلة جديدة من العمل الجهوي المشترك. وأكد أن الجميع يدرك أن مقاربة الوحدة والاندماج وتنسيق المواقف بين الدول الأعضاء في مختلف المحافل الجهوية والدولية " تفرض نفسها كمنهجية مشتركة للحفاظ على كياناتنا والدفاع على مصالحنا ومكتسبات شعوبنا٬ خاصة في ظل علاقات التعاون والشراكة المتنامية مع التجمعات والتكتلات الإقليمية والدولية". و في كلمته٬ أكد سعد الدين العثماني أن المملكة المغربية تعتبر الاندماج المغاربي أولوية دستورية وضرورة استراتيجية تنموية وأمنية ملحة٬ يزيد من حتميتها عصر التكتلات والتطلعات العميقة والمتواصلة للشعوب المغاربية٬ إلى تجسيد الروابط الأخوية المتجذرة التي تجمعها. وأضاف أن المغرب يعتبر أن الاندماج الاقتصادي والانسجام الاجتماعي والتنسيق السياسي المحكم في الإطار المغاربي٬ يقتضي وضع خارطة طريق مغاربية شاملة ملزمة بأهدافها وآلياتها٬ تجعل هدفها الأسمى تمكين المواطن المغاربي ومن كل شروط العيش الحر الكريم. واستطرد أن تحقيق شراكة مغاربية شاملة مستدامة تقتضي إيجاد المناخ الملائم للاستثمار من خلال توفير الضمانات القانونية المحفزة وترسيخ دولة القانون في مجال الإعلام وتكريس التنافسية والشفافية واعتماد الحكامة الجدية واحترام حرية تنقل الأشخاص وتيسير حركة رؤوس الأموال وقال إن ذلك يتطلب إفساح مجال واسع أمام الجماعات المحلية والشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص في أوراش التنمية المغاربية داعيا الرأسمال المغاربي إلى التحلي بالروح المغاربية العالية من خلال إعطاء الأولوية في كل مشاريعه الاستثمارية لبلدان الاتحاد. أما السفير الموريتاني بالمغرب الذي ألقى كلمة نيابة عن وزير الخارجية والتعاون السيد حمادي ولد حمادي فشدد بدوره على أهمية الحفاظ على هذا الاتحاد والعمل من أجل تحقيق طموحات الشعوب المغاربية. ودعا إلى انطلاقة جديدة للاتحاد من خلال تفعيل آلياته انطلاقا مما تشهده هذه المنطقة من تطورات٬ واصفا هذه الدورة بأنها دورة متميزة في تاريخ الاتحاد. وفي الختام تناول الكلمة٬ الأمين العام للاتحاد٬ الحبيب بن يحيى الذي استعرض أنشطة الاتحاد في الفترة الماضية٬ والأنشطة المزمع القيام بها مستقبلا. ودعا بن يحيى إلى خارطة طريق٬ قال إنها تتضمن أربع أولويات تتمثل في التوقيع على اتفاقية قيام منطقة التبادل الحر الجاهزة٬ وذلك بدعوة مجلس وزراء التجارة إلى الانعقاد في دورة طارئة بطرابلس٬ وكذا التزام الأمانة العامة بفض إشكاليات قواعد المنشأ وما يتبعها خلال اجتماعات عاجلة للخبراء بمقرها قبل شهر يونيو المقبل موعد المؤتمر المغاربي الثالث. كما تتضمن خارطة الطريق عقد الجلسة التأسيسية للمصرف المغاربي٬ بعد أن تستكمل الدولتان المتبقيتان تحرير اكتتابهما في رأس المال٬ وإقرار عاجل للإستراتيجية المغاربية للشباب٬ تكوينا وتشغيلا.