هل أصبح المغرب بلد الشعراء وحكومتنا الملتحية لا علم لها بهذا الإنجاز العظيم؟ قديما اشتهرت الجارة موريتانيا بلقب بلد المليون شاعر، وكان عدد ساكنتها مليون نسمة، أي أن البلد كله شعر في شعر. بمناسبة اليوم العالمي للشعر الذي كرسته منظمة اليونسكو باقتراح من المغرب، يا للمصادفة، تعج صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية بالأخبار عن تنظيم احتفالات بهذا العيد المجيد، احتفالات تشمل كل بقاع الوطن من طنجة إلى الكويرة، بلديات وجمعيات وهيئات ومنظمات وأحزاب ونقابات مختلفة، كلها هبت للانتصار للشعر وللشعراء.
إنه لأمر جميل وجدير بالتنويه والإعجاب، لكن أين هو الشعر في حياتنا اليومية كمغاربة؟ كل شيء أمامنا في حياتنا العامة وفي شوارعنا ومدننا وقرانا وفضاءاتنا العمومية ولغة تخاطبنا وسياسة حكومتنا وتنافس أحزابنا، يشي بالابتعاد عن الشعر وعوالمه، بل إنه يعمل على النفور من هذا الفن الجميل. فمن أين ابتلينا بالقوافي ولا أودية عبقر في تضاريس جغرافيتنا؟
أسماء عديدة جلها نسائية تنشر اليوم كلاما وتسميه شعرا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حتى صار لدينا شاعرات الفيس بوك بالآلاف أكثر من الشعراء الذكور، وكنا في الماضي نشكو من قلة الإناث الشاعرات. كما أن المطابع تلفظ بوتيرة عالية دواوين أو ما يسميه أصحابه دواوينا شعرية، لا يباع منها ما يزيد عن أصابع اليد، فيعمد أصحابها الذين طبعوها على نفقاتهم الخاصة إلى توزيعها بالمجان وإهدائها على معارفهم وغير معارفهم علّ وعسى يقرأونها.
هل كلما كثر الشعراء قل الشعر؟ ماذا يعني الشعر لدى المغربي؟ من هم أهم الشعراء المغاربة الذين يمكن لنا أن نباهي بهم بين الأمم؟ هل الشعر مجرد هلوسات وجمل لا معنى لها ينتجها حمقى يستسهلون القول الشعري لما يتعرفون على ما يسمى بقصيدة النثر؟ ما معنى قيام بيت للشعر في المغرب؟ وما معنى أن يرأس هذا البيت رجل بوتشيشي من أتباع الشيخ سيدي حمزة إمام الطريقة القادرية البودشيشية؟ أم أن الشعر لدينا مجرد ترف زائد، ولا وقت للشعر في بلد تنخره البطالة وتحرق مواطنيه الأسعار وما يلي ذلك من مشاكل وتبعات؟