لم تجد شركة " ليدك"، التي فُوض لها تدبير قطاعات التطهير السائل والماء والكهرباء والإنارة العمومية بمدينة الدار البيضاء، من طريقة للرد على تقرير مجلس جطو، وانتقادات المنتخبين في مجلس المدينة الاقتصادية، سوى تهريب بعض الصحافيين إلى منتجع مازاغان لقضاء ثلاثة ايام وزعت الشركة خلالها عليهم ما لذ وطاب وكثير من الإشهار، قبل ان يمطرهم المدير العام للشركة، الفرنسي جان باسكال داريي، بوابل من الشروحات والدفوعات التي لم يتورع بعضهم في نشرها، والدفاع عليها حتى، في منابرهم الاعلامية.. المدير العام للشركة وفي محاولة منه لتهدئة الوضع، الذي نتج عقب الصراع بين مستشاري الاحزاب الممثلة داخل مجلس مدينة الدار البيضاء حول متابعة ومحاسبة الشركات المفوض لها قطاع النظافة في إطار "التدبير المفوض" وخاصة شركة ليدك التي فوض لها التطهير السائل والكهرباء، ردّ على المنتقدين بالقول ان الشركة مستعدة، في إطار مقتضيات جديدة، لمراجعة هذا النمط من التدبير إذا كانت السلطة المفوضة ترى ضرورة لذلك..
ودافع جان باسكال داريي على "صندوق الأشغال"، الذي يعتبره بعض المنتخبين في المدينة صندوقا اسودا، مشيرا ان تدخل شركة ليدك في صندوق الأشغال يخضع لمقتضيات العقد الموقع مع السلطة المفوضة، وانه "ليس صندوقا أسودا كما يتداول في أوساط المنتخبين وبعض وسائل الإعلام بل ان حساباته البنكية معروفة ومراقبة وشفافة أيضا."
إلا ان أخبار هذا الصندوق العجيب وردت في تقرير المجلس الجهوي للحسابات بالدار البيضاء، وهو ما حاول المدير العام للشركة الرد عليه بطريقة لا تخلو من تهرب ومراوغة حيث تحدث عن وجود مخطط جديد لمراجعة نمط التحويلات البنكية لفائدة صندوق الأشغال، قبل أن يضيف في ما يشبه الاعتراف بما يشوب الصندوق من اختلالات بان "تقرير المجلس الأعلى للحسابات يعد فرصة للشركة من أجل تحسين أدائها والعمل الجاد.. !"
خطبة السيد المدير العام أمام الصحفيين المهرَّبين لم تجب عن ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات الأخير برسم سنة 2012، من ملاحظات تهم الاختلالات التي شابت تدبير شركة ليدك للقطاع المفوض لها من طرف مجلس الدار البيضاء..
ولتسليط مزيد من الضوء على ما جاء في تقرير مجلس جطو في هذا المجال، نورد بعض الفقرات منه، لكي نطلع القراء على حقيقة ما يجري داخل شركة ليدك، قبل أن نصاب بمرض "لحيس الكابّا" واللهاث وراء ملذات الحياة وكؤوس الخمر والراح التي قد تلجأ إليها الشركة مرة أخرى لمحاولة استدراجنا نحن كذلك للعبتها الحقيرة، التي افقدت مهنة الصحافة مصداقيتها بعد أن انصاع بعض عديمي الضمائر لمخططات ليدك "المازغانية".. اقرؤوا:
نشر المجلس الأعلى للحسابات مؤخرا تقريره السنوي برسم سنة 2012 ، الذي رفع إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس من طرف الرئيس الأول للمجلس، تطبيقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور.
وجاء في الجزء الثاني من التقرير في كتابه الأول، بعض الملاحظات بخصوص التدبير المفوض لقطاع التطهير السائل وتوزيع الماء والكهرباء والإنارة العمومية بجهة الدار البيضاء الكبرى. وبخصوص شركة ليدك شملت مهمة المراقبة تقييم أوجه التسيير المتعلقة بالفوترة: فوترة المداخيل الخاصة بليدك حسب نوع الخدمة المقدمة، وفوترة المداخيل لفائدة السلطة المفوضة، وتتبع ومراقبة تطبيق بنود العقد، وتتبع مدى ترجمة توصيات واقتراحات المجلس الجهوي للحسابات على أرض الواقع.
فيما يتعلق بالتسيير المالي والمحاسبي لاحظ تقرير المجلس الجهوي للحسابات عدم مطابقة بعض بنود عقد التدبير المفوض للقوانين والأنظمة المعمول بها حيث ان بعض بنود العقد لا تتطابق والقوانين والأنظمة المعمول بها كالمدونة العامة للتنميط المحاسبي والقانون رقم 08-45، المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، خصوصا تلك التي تنص على: "إضافة المصاريف المالية المرتبطة بالنشاط الكلي للشركة إلى كلفة الاستثمار ورفعها ب 6 % ، وكذا إضافة المصاريف العامة إلى كلفة الاستثمار وزيادة رفعها ب % 10 ". و "رصد وتخصيص مستحقات السلطة المفوضة بموجب العقد وبطلب منها لتمويل بعض النفقات" في حين وجب احتساب المداخيل الإجمالية للسلطة المفوضة دون مقاصة ودون تخصيص مورد معين لنفقة معينة.
كما لاحظ المجلس ان المقتضيات المالية بالعقد مجحفة في حق المشاريع والسلطة المفوضة وتصب في صالح ليدك، وكذا غياب مؤشر لتقييم استحقاق وملاءمة الأرباح الموزعة من طرف ليدك..
كما وقف تقرير المجلس على تناقص ملحوظ للفائض الخام للاستغلال بسبب بعض القرارات ومصاريف غير مبررة التي تقوم بها ليدك وفي هذا الصدد أورد المجلس بعض الأمثلة حيث أشار انه خلال الفترة الممتدة بين 2009 و 2011 ، بلغ الهامش التجاري لليدك حوالي 1,6 مليار درهم، وناهز الفائض الخام للاستغلال حوالي 470 مليون درهم .
أما النتيجة المحاسبية المالية والغير الاعتيادية فتعرفان عجزا هيكليا مما جعل النتيجة الصافية لليدك ترسو حول 240 مليون درهم أي حوالي 15 % من هامش الربح التجاري و 51 % من الفائض الخام الاستغلال. بعد الركود الذي عرفته ليدك في السنتين 2009 و 2011 فقد واصلت تحقيق عجز في النتيجة المالية برسم سنة 2011 ، إذ بلغ 34,7 مليون درهم. ويعزو هذا العجز الدائم والمتزايد بسنة تلوى أخرى إلى التدبير غير الملائم للسيولة.
وفي هذا الصدد، فإن النتيجة غير الإعتيادية قد سجلت أيضا عجزا دائما يقارب 156 مليون درهم سنة 2009 و 2 مليون درهم سنة 2010 و 59 مليون درهم سنة 2011 . وتجدر الإشارة، يقول تقرير المجلس، إلى أن ليدك خضعت لمراجعة ضريبية عن السنوات الممتدة من 2002 إلى 2005 كلفتها 570 مليون درهم. وكانت هذه التسوية نتيجة مباشرة للمصاريف المعتمدة من قبل ليدك والتي كان المجلس الجهوي قد بت فيها سابقا واعتبرها إما غير قانونية، أو غير مبررة أو خارج نطاق العقد.
اما بخصوص تقييم صحة ومصداقية المعلومات والمعطيات المعلنة من قبل ليدك، فقد اورد المجلس ان عملية الفحص والتتبع للمراحل والدورة التي تمر بها عملية الفوترة اسفرت على وجود بعض النواقص والاختلالات ، أهمها: نقص الشفافية والوضوح لدورة ومراحل التزود بالماء من طرف ليدك تعتمد ليدك على ثلاثة مصادر للتزود بالماء الصالح للشرب: المكتب الوطني للكهرباء والماء، شركة عيون أم الربيع "سيور" والإنتاج الذاتي عبر استغلال العيون الخاصة بالجماعة. ويتسم محور التزود بالماء عن طريق سيور بخلل هيكلي مرده إلى كون ليدك وسيور تنتميان إلى نفس المجموعة وهما مرتبطتان بنيويا وهيكليا وتنظيميا وتتقاسمان نفس الموارد البشرية والمادية . كما أن التعاملات بينهما غير مؤطرة بعقد.
بالإضافة إلى أن ليدك لا تقوم بمعايرة عدادات الواجهة التي تحتسب الكميات المقتناة من الماء. كل هذه النواقص تجعل أية تدابير متخذة للتأكد من صحة الكميات المزودة غير ذات جدوى. أما محور التزود بالماء عن طريق الإنتاج الذاتي، عبر استغلال العيون والمياه الجوفية والآبار ، فيظهر أن ليدك سارت باتجاه تهميشه، حيث قامت بتوقيف استغلال عين الشق وعين الديسا. وقد عللت هذا القرار بعدم تسوية وضعيتهما العقارية وعدم مطابقة مياههما لمعايير الجودة، خصوصا فيما يتعلق بتجاوز معدل تركيز النيترات المسموح به ثلاث مرات. وقد استندت ليدك في تبريراتها هاته على توصيات تقارير مراقبة قامت بها بشراكة مع جامعة الحسن الثاني وكلية الصيدلة بباريس. إلا أن ليدك لم تفصح عن التقارير المذكورة رغم عدة محاولات قام بها المجلس في هذا الصدد.
وبغض النظر عن وجود هذه التقارير من عدمه، وجب على ليدك، قبل اتخاذ قرار وقف الاستغلال، الرجوع إلى هيئة مختصة ومستقلة. خصوصا وأن التجاوز المذكور يسمح به المقياس NM 03.7.001 في حالة مزج المياه المذكورة مع مياه أخرى.
وخلص المجلس ارتكازا على هذه الأسباب، إلى أن دورة التزود بالماء من طرف ليدك لا تقدم ضمانات معقولة حول حقيقة الكميات المقتناة من الماء. هذا مع العلم أن حجم الماء الذي تحصل عليه هذه الأخيرة يعتبر أحد المعطيات التي تدل )بعد حذف الضياع) على حجم المبيعات، وبالتالي رقم المعاملات المعلن.
كما ان تقرير المجلس وقف على افتقاد النظام المعلوماتي لشركة ليدك لمقومات المصداقية والوضوح. وبهذا الخصوص أدى تقييم خاصيات ومهام البرامج المعلوماتية المستعملة من قبل ليدك، "SAP" والبرامج المرتبطة به التي تمده بالمعلومات، إلى أن المعطيات المسجلة لا تتوفر على المرجعيات التي تمكن من الولوج إلى أصل المعلومة ) كرقم الفاتورة، موضوع التسجيل). كما أسفرت مقارنة بعض المعطيات الستقاة من SAP مع تلك المستخرجة من البرامج المرتبطة به ، على وجود فوارق مهمة تدل على خلل في النظام المعلوماتي. كما أن البرامج السالفة الذكر لا تتوفر دائما على شروط السلامة والمصداقية: فهي تتيح تغيير المعطيات التي من المفترض فيها أنها نهائية، وغير قابلة للتعديل. وبالتالي فالنسخ الرقمية للوثائق المحاسبية الخاصة بالسنوات الفارطة المتحصل عليها تبيح التعديل لمستعمليها، مما يخالف مقومات وخاصيات الأمن المعلوماتي والمصداقية.
تقرير المجلس وقف ايضا على عدد من الزبناء والفواتير غير المصرح بهم من قبل ليدك، حيث تقوم الشركة بتزويد عدد من الجماعات بالماء الصالح للشرب وهي كالتالي: الجماعات الحضرية المشور، بوسكورة، دار بوعزة والنواصر والجماعات القروية مديونة، اولاد صالح ، المجاطية اولاد طالب، تيط مليل ... إلا أن رقم المعاملات مع هذه الجماعات لا يظهر في الوضعيات المحاسبية والمالية المصرح بها من طرف ليدك وذلك على عكس الدار البيضاء والمحمدية . وفي نفس الصدد، تبين من خلال تحليل ومقارنة المعطيات استنادا على اللائحة الإسمية للزبناء، والمناطق التي تشترك فيها ليدك والمكتب الوطني للكهرباء والماء، وكذا الفواتير التي تقوم ليدك بإعدادها، أن هذه الأخيرة لا تعلن عن العدد الحقيقي والإجمالي لزبنائها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعلن ليدك عن 500 سقاية، في حين تشير وثائق أخرى رسمية كبروتوكول الاتفاق واللائحة الإسمية للزبناء إلى أن عدد السقايات يتراوح بين 700 و 900 . كما أن عدد فواتير الزبناء التي تعدها ليدك شهريا يفوق العدد المعلن بحوالي 736.206 سنة 2009 و 550.577 سنة 2010 .
بعد هذه الحقائق التي اوردها تقرير المجلس الجهوي للحسابات بالدار البيضاء ماذا سيقول المدير العام للشركة، الفرنسي جان باسكال داريي، للصحافة وأي وجهة سياحية ستخصصها الشركة هذه المرة لشراء ذمم بعض المتطفلين على مهنة المتاعب والذين لا يجدون غضاضة في التطبيل والتزمير لكل من يدفع لهم الرشوة ويغري بطونهم ببعض الكؤوس الخمرية التي لا تسمن ولا تغني من السغب الذي "ينعمون" فيه....