قال رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم المنار اسليمي، إن الخطاب الذي وجهه جلالة الملك إلى الأمة أمس الأربعاء بمناسبة الذكرى ال38 للمسيرة الخضراء، استعمل لغة حقوقية قوية موجهة إلى طرف أول يستغل مناخ الحريات والانفتاح الموجود بالمغرب لممارسة الفوضى والشغب، وطرف ثاني يتمثل في بعض المنظمات المسماة بالحقوقية التي تلعب دورا غير حيادي في نقل صورة حقوق الإنسان بالمملكة وإعداد تقارير جاهزة ومغلوطة موجهة وممولة من الخارج. وأضاف اسليمي، أن الخطاب الملكي ينبه إلى أنه لا ممارسة للحرية إلا في إطار ضوابط القانون، ويشير إلى أن منظومة حقوق الإنسان واحدة فوق كل تراب المملكة، حينما يؤكد أنه لا يعقل أن يحترم المغرب حقوق الإنسان في شماله ويخرقها في جنوبه، لأنه بلد مفتوح أمام المنظمات الحقوقية ويقبل بالنقد البناء، لكنه يرفض بالمقابل التقارير المنحازة وغير المهنية. وأبرز، في هذا الصدد، أن الجزائر والبوليساريو والمنظمات الممولة من طرف الجزائر ليست مؤهلة لتعطي للمغرب دروسا في حقوق الإنسان، معتبرا أن "الجزائر لا تعرف شيئا اسمه حقوق الإنسان، فكيف لها أن تنتقد وتحرض ضد المملكة بذريعة حماية حقوق الإنسان. وشدد، في السياق ذاته، على أن الخطاب الملكي تضمن إشارة واضحة إلى أن مخيمات تندوف، التي تدار من طرف البوليساريو فوق الأراضي الجزائرية، هي علامة بارزة على الخروقات الكبيرة الممنهجة التي تعيشها قضية حقوق الإنسان في العالم، مشيرا إلى أن تلك المخيمات يتواجد بها أشخاص محتجزون وليسوا لاجئين، وتغلقها الجزائر في وجه المنظمات الدولية ضدا على قرارات الأممالمتحدة. وسجل عدم حيادية المنظمات المسماة بالحقوقية التي لم تستطع نقل الخروقات الموجودة ميدانيا في هذه المخيمات نتيجة المبالغ المالية الكبيرة المقدمة من طرف حكام الجزائر. كما أبرز إشارة الخطاب الملكي إلى بداية الاشتغال بمعادلة جديدة تتمثل في الشروع في تطبيق النموذج التنموي الجديد في المناطق الجنوبية دون انتظار المفاوضات حول ملف الصحراء المطروح أمام المجتمع الأممي، مؤكدا أن هذا النموذج، الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مبني على رؤية تنموية مندمجة تجمع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتحول المناطق الجنوبية إلى قطب جهوي له دور جيو-استراتيجي يربط بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء. واعتبر أن الإشارة في الخطاب الملكي إلى النموذج التنموي الجديد معناها أن تطبيق الجهوية المتقدمة انطلق في المغرب ولن يتأثر بالمفاوضات، مشددا في هذا الصدد، على أن المغرب منفتح على الأممالمتحدة ووسطيها الأممي ومتمسك بخيار الحكم الذاتي كحل سياسي نهائي يحظى بمصداقية المجتمع الدولي، لكن في نفس الوقت لن يرهن المقاربة الجديدة لتنمية الأقاليم الجنوبية بمسار قضية الصحراء أمام المجتمع الأممي. وأشار إلى أن الخطاب الملكي تضمن إشارة إلى أن المغرب العضو المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية في بداية الستينيات لم يتأثر بغيابه عن الاتحاد الإفريقي، ولازال يدافع عن القضايا الكبرى لإفريقيا في المحافل الدولية ويبادر إلى تقديم حلول للقضايا الإفريقية الكبرى منها قضية المهاجرين، مذكرا في هذا الصدد، بالمبادرة المغربية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت اسم "التحالف الإفريقي للهجرة والتنمية"، والتي "تدخل في هذا السياق وتحمل مقاربة إفريقية تربط ما بين الهجرة والتنمية وتسعى إلى بناء مسؤولية مشتركة بين دول المصدر والعبور والاستقبال. وخلص رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات إلى أن هذه الرسائل الكبرى الواردة في مضمون الخطاب الملكي تبين أن خصوم المغرب يصرفون أموالا طائلة لتغليط الرأي العام الدولي حول صورة المغرب، مما يعني أن المغرب مطالب بالبحث عن إستراتيجية متعددة التوجهات لتسويق صورة نموذجه المستقر والايجابي في المنطقة المغاربية والعربية.