في أول إطلالة له بعد تعيين الحكومة المعدلة، بنظارته الطبية ولحيته التي لا تكاد ترى، كان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران حادا ومقاطعا للبعض، أسهب في بعض المواضيع وأحجم عن الحديث في أخرى. وأكد بنكيران لدى لقائه بعض ممثلي الصحافة الوطنية ووسائل الاعلام المغربية على أن اجتماعه بهم هو لقاء تواصلي وليس مؤتمرا صحفيا.
وأوضح بنكيران ان جلالة الملك محمد السادس أثناء التقاط الصورة التذكارية للتشكيلة الحكومية في طبعتها الثانية قال للوزراء "إلى العمل".
وأضاف ان جلالته "هو من عين الحكومة الأولى والثانية بعد اقتراح وزرائها والتشاور حول تشكيلتها على اعتبار أن بعض الأسماء المقترحة لم تكن لدي معطيات وافية حولها ولم يتدخل العاهل المغربي في فرض أي اسم معين". أما وزير الصيد البحري والفلاحة فقد أكد رئيس الحكومة على انه هو من اقترحه.
في سياق إجابته على أسئلة الصحفيين أشار إلى أن الشعب المغربي لا يريد أن يرى أي حكومة كيفما كان لونها إلا وهي متعاونة مع الملك.
ونفى أن يكون قد فرط في صلاحياته الدستورية، قائلا ان الديمقراطية المتبعة في المغرب هي المتماشية مع قيم المملكة في احترام تقاليدها.
إجابات بنكيران أظهرته متضايقا من عدم احتوائه لهؤلاء الصحفيين رغم أنهم كانوا يطرحون أسئلتهم بمهنية، دافع عن رقم 39 وزير بأن لها أسبابا فسرها رئيس الحكومة بكونه أراد إعطاء العنصر النسوي الأولوية على اعتبار انه وعدهم سابقا بإصلاح مشكلة ضعف تمثيلهن في الحكومة الأولى، إضافة إلى الاستجابة الى اقتراح الشريك الجديد حزب الأحرار بتجزيء قطاع الصناعة إلى وزراء منتدبين للتحكم في ذلك القطاع وأراد بهذا التعديل توازنا في الحقائب الوزارية حسب المقاعد في البرلمان، فالأهم عنده كما صرح هو "تلبية طلب الشركاء لكي يرتاحوا أثناء أداء عملهم".
طرح احد الصحفيين سؤال حول العدد الكبير من الوزراء الذي لا يوجد حتى في الصين ذات المليار ونصف نسمة، فكان جواب بنكيران حادا وغاضبا وقال بأنه بناء على هذا المنطق العددي لازم أن يكون لدينا وزير واحد فقط.
لقاء تواصلي كان لا يخلو من مشادات واستئثار بالكلمة مع الصحفيين، حيث خاطب بنكيران أحد محاوريه قائلا "هل هذا أدب الحوار".
من لقاء تواصلي مع الصحافة عبر التلفاز ومن خلالها إلى الشعب الذي اتخذه رئيس الحكومة منبرا ليكيل الانتقاد لحميد شباط أمين عام حزب الاستقلال المنسحب من الحكومة، اذ أكد على أن "شباط لم يكن متعاونا مع الأغلبية وأربك عملها وخلخل انسجامها بمناوراته" وأن الحكومة الجديدة بدون شباط ستعرف تعاونا وانسجاما بين مكوناتها.
كان بنكيران منتشيا وهو يتحدث عن فشل شباط في إسقاط الحكومة، هذا الأخير الذي كان يقول بأن 24 ساعة كافية للإطاحة بها. وأضاف في حواره الذي بثته القناة الأولى أن الحديث الذي أثير حول انتخابات سابقة لأوانها كان ذاهبا للمجهول. وقال ان المعارضة الحالية تعمل بمنطق المناورات، واستدرك قائلا أن من حق المعارضة أن تمارس عملها.
أشار رئيس الحكومة المغربية الى ان تخلي حزب العدالة والتنمية عن حقيبة وزارة الخارجية كان مؤلما بالنسبة له لكنه اردف بان مصلحة البلد لها الأولوية القصوى وهذا الشيء هو الذي أوقف المشاورات حول النسخة الثانية من الحكومة، وعند توضيحه "للكرامة" التي تحدث عنها سابقا التي لا بد من إحاطة الوزير سعد الدين العثماني بها عند خروجه من وزارة الخارجية، أوضح بأنها تتمثل في انه لا يمكن أن ينزل إلى مرتبة أدنى من تلك التي كان فيها من حيث الأهمية التي للخارجية كوزارة سيادية.
أما فيما يخص وزارة الداخلية فقال انها سحبت من الأحزاب وأسندت لتكنوقراطي ينتمي للمهنة، حتى تبقى حيادية لدورها الحساس خصوصا أمام الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وأكد على أن لا مشكلة لديه في تولي وزير مشهود له بالكفاءة في مجال عمله، أما محمد الوفا وزير التربية الوطنية السابق فقد أشار رئيس الوزراء بأنه بقي مرشحا للوزارة حتى آخر لحظة حيث سينال حقيبة الحكامة، وأشاد بكفاءته رغم مفاجآته الإعلامية.
فيما يخص تجاوز مشكلة إصلاح نظام المقاصة، أوضح رئيس الوزراء انه كانت هناك مثالية في تناول هذه المسالة وانه عازم على الذهاب تدريجيا نحو الإصلاح حتى يتم التحكم في الميزانية وإصلاح الاختلالات.
وبخصوص مشكلة المعطلين الذين رفعوا دعوى قضائية من اجل توظيفهم، قال بنكيران "سننتظر حكم المحكمة وسنمتثل لحكمها"، وقد دافع عن قراراته في الزيادة في أسعار المحروقات بأنها مسالة مرتبطة بالسوق العالمية، مشيرا إلى ان لا زيادة منتظرة في ثمن الخبز بعد العيد.
أسهب رئيس الوزراء في مسالة التأكيد على أن الفريق الحكومي الحالي سيتجاوز ما كانت عليه النسخة الأولى من اختلافات ومشاكل إلى التفاهم، وانه لن تكون هناك صعوبات كما في السابق وأن الأزمة كانت في الأغلبية وليس في الحكومة.
لقد بدأ لقاءه غاضبا وعندما قال الصحفي من القناة الأولى الذي يدير اللقاء بان الوقت قد بات وشيكا لإنهاء اللقاء لم يعجب رئيس الوزراء، وبدا بأنه يريد أن يبقى طويلا وأن رسائله الكثيرة لم تنته بعد متناسيا انه لقاء صحفي يجب أن تقول كل ما تريد في اقل عدد من الكلمات وليس مهرجانا خطابيا.
عندما نرجع إلى ما قاله الملك للوزراء أثناء تنصيبهم بالذهاب فورا إلى العمل فهذه إشارة قوية إلى القطع مع جميع المناكفات السياسية التي تعطل المصالح وتعيق الإنتاج.