تبقى أشهر الجوائز العالمية على الإطلاق هي جائزة نوبل، التي تمنحها أكاديمية العلوم السويدية الملكية في مجالات الطب والفزياء والعلوم الاقتصادية، لكن أشهر فروعها هي السلام والآداب. العرب هم أقل الشعوب التي فاز أبناؤها بجائزة نوبل. وقد فاز ستة عرب بالجائزة منهم سيدة، وحازت مصر على النصيب الأكبر من جوائر نوبل في منطقة الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية، ومنهم الرئيس المصري محمد أنور السادات بعد توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد، وقد حصل السادات على الجائزة سنة 1978.
وحاز على جائزة نوبل للسلام أيضاً الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد اتفاق اوسلو عام 1994، والدكتور محمد البرادعي الرئيس السابق للهيئة الدولية للطاقة الذرية. و قد حازت اليمن بجائزة نوبل للسلام وهي أول جائزة لامرأة عربية في شخص الناشطة الإخوانية توكل كرمان سنة 2011. كما حصل الدكتور أحمد زويل المصري الجنسية على جائزة نوبل في الكيمياء، بينما حاز الأديب نجيب محفوظ جائزة نوبل في الأدب. و حصل على جائزة نوبل في الطب وفي الكيمياء قبل أعوام أمريكيان من أصول لبنانية.
لكن الجائزة العالمية تبقى بعيدة عن المغرب. فإن كنا نفتقر لمجالات متطورة في البحث العلمي تمكننا من المنافسة على الفوز بنوبل الكيمياء والطب والعلوم الاقتصادية، فإنه بالإمكان أن نكتب اسم بلدنا في سجل نوبل للآداب أو نوبل للسلام. فبل سنة هللت يومية "الاتحاد الاشتراكي" بعنوان كبير تصدر صفحتها الأولى لفوز أول مغربي بجائزة نوبل في الفيزياء. وقد نجحت الجريدة في إثارة قرائها الذين لم يفرحوا إلا نصف فرحة بعدما أدركوا في تفاصيل الخبر المنشور بالصفحات الداخلية أن الفائز فرنسي يهودي من أصول مغربية، وهو الدكتور سيرج هاروش من مواليد الدارالبيضاء التي غادرها مع أسرته صبيا. وضاع الحلم بفوز مغربي كامل بجائزة نوبل.
كما سبق أن روجت بعض الصحف والمجالس الفرنسية في إحدى السنوات لاسم الكاتب الفرنسي من أصول مغربية الطاهر بنجلون، وراج الحديث أيضا حول اسم الطبيبة النفسانية غيثة الخياط، ولم يكون الاثنان أبدا مدرجان على رأس قوائم الترشيحات. وقبل ذلك بسنوات كان مؤسس اتحاد كتاب المغرب العربي الفيلسوف محمد عزيز الحبابي قد ركب رأسه وقام بحملة محلية كبيرة من أجل وضع اسمه ضمن المرشحين الحالمين بالجائزة في فرع الآداب. لكن صاحب "بؤس الحديد" سيتوفى وفي نفسه شيء من نوبل.
إذن نوبل لن تكون في المدى القريب على الأقل مغربية. المنافسة على مجدها قوية وليست سهلة في المتناول، قد يحلم المغاربة بالفوز بكأس العالم في كرة القدم ولكن جوائز نوبل تبقى عصية على أحلامنا الكبيرة. تصور لو فاز مغربي بإحدى جوائز نوبل، هل ستخرج الجماهير إلى الشوارع للتعبير عن فرحتها الباهرة كما فعلت يوم حصلنا على المرتبة الثانية في كأس إفريقيا لكره القدم المنظمة بتونس سنة 2004؟
عندما فاز نجيب محفوظ بنوبل للآداب تصادف ذلك مع تنظيم أول معرض دولي للكتاب بالدارالبيضاء، يومها اعتمد وزير الثقافة محمد بنعيسى على صداقته مع وزير الدفاع المصري الماريشال عبد الحليم أبو غزالة الذي لم يتردد في شحن صناديق الكتب المصرية على متن طائراته العسكرية باتجاه الدارالبيضاء، على الأقل صلح هذا السلاح لشيء نافع، هكذا تدافع جمهور المعرض بالأكتاف لاقتناء روايات محفوظ بسعرها المصري الذي لم يتجاوز عشرة دراهم مغربية، وكان احتفالا خاصا على الطريقة المغربية.
ولم يكن لحصول باقي العرب الذين حازوا على الجائزة صدى شعبيا هنا يذكر. ولو أضافت الأكاديمية السويدية لفروع نوبل الستة جائزة في العبث السياسي لفازت بها أحزابنا الساسية، ولتقدمهم عبد الإله بنكيران رئيس العدالة والتنمية ورئيس الوزراء، لا أحد يمكنه منافسته. لا أحد.