خلف قرار المملكة العربية السعودية تخفيض عدد الحجاج بنسبة 20 في المائة هذه السنة، ردود فعل واسعة وسط الراغبين في الحج، الذين اجتازوا القرعة ونجحوا فيها، وأدوا مبالغ هامة مقابل أداء هذا الركن الأساسي في الإسلام. كما خلق القرار حالة من الارتباك والغضب لدى أصحاب وكالات الأسفار وقبلها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث قال الوزير أحمد التوفيق في ندوته الصحفية الأخيرة أن القرار لم يكن بالهين لأن الذين سيحرمون سبق أن قطعوا طريقا طويلا في سبيل الإعداد للحج.
وقد قررت الوزارة تقليص أعداد الحجاج المغاربة هذه السنة مع عدم المساس بالحصة المخولة لكبار السن ومرافقيهم، أي أخذ العدد من الحجاج الأصغر سنا وبالضبط المزدادين سنة 1961 وما بعدها، مع اعطاء الأسبقية للحجاج المؤجلين للسنة المقبلة.
كل التساؤلات الخاصة بهذا الموضوع تجد جوابها لدى الإطلاع على المخططات الضخمة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لخدمة ضيوف الرحمن والتفكير على المدى البعيد في راحة الحجاج وخلق ظروف السلامة للوافدين على البقاع المقدسة. وتستمر أشغال توسعة الحرم المكي بوتيرة متسارعة لإتمام الأشغال في الآجال التي حددتها السلطات السعودية، أي قبل نهاية سنة 2016، وتتواصل عمليات الهدم في المساحات المحيطة بالكعبة، دون أن يؤدي ذلك إلى إلغاء العمرة، باستثناء تقليص نسبة الحجاج ب 20 في المائة بالنسبة لكل دولة إسلامية حفاظا على سلامة ضيوف الرحمان.
وتبرز صور ميدانية حجم عمليات الهدم والاستعانة بتجهيزات وآلات جد متقدمة، حولت المساحات المحيطة بصحن الطواف إلى ركام من الأتربة والحجارة، ومع ذلك استمر موسم العمرة بشكل عادي، في وقت يستعد الآلاف لشد رحالهم باتجاه البقاع المقدسة استعدادا لأداء عمرة رمضان.
وتهدف الأشغال إلى إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للطواف، الذي يستوعب حاليا 48 ألف طائف في الساعة الواحدة، وسيستوعب بعد التوسعة 150 ألف طائف، وهو ما سيقضي بشكل نهائي على الزحام في مواسم الحج والعمرة.
كما ستؤدي أشغال التوسعة بعد انتهائها إلى زيادة في الطاقة الاستيعابية لجسر الجمرات 300 ألف رام في الساعة، بغرض تخفيف الزحام على المسجد الحرام، علما أن السلطات السعودية اضطرت إلى تقليص حصة كل دولة إسلامية من تأشيرات الحج بنسبة 20 في المائة ضمانا لسلامتهم، كما ألزمت أشغال التوسعة الجانب السعودي باعتماد ما أسمته بخطة متنقلة لتوجيه حشود المعتمرين والحجاج في مناطق توسعة صحن الطواف، تفاديا لحدوث تدافع بعد أن تقلصت المساحة خصوصا في وقت الذروة، علما أن عدد المسلمين يتزايد بنسبة 2 في المائة سنويا.
وبحسب القائمين على أشغال التوسعة على مستوى الحرم، واستنادا إلى التحفة المعمارية التي تكشفها التصاميم، فإن العملية تمر بثلاث مراحل وتستغرق كل مرحلة عاما بأكمله، وتعد المرحلة الأولى هي الأصعب، لأنها تتعلق بتوسعة الناحية الشرقية المحاذية للمسعى، وستشمل النصف الشمالي الشرقي من المسجد الحرام وتنتهي من الناحية الجنوبية.
كما يتضمن المشروع إنجاز مستويات أو طوابق متسلسلة فوق التوسعة الأولى، وإنزال مستوى الأروقة إلى المستوى الذي عليه صحن المطاف حاليا، إضافة إلى مرافق ايفاء وعمارات أو ناطحات سحاب دائرة بالحرم، مع إيجاد مساحات خالية من العوائق داخل الأروقة.
وتعد أشغال التوسعة التي تشمل أيضا المسجد النبوي والمشاعر المقدسة الأكبر عبر التاريخ، لأن المساحة التي ستضاف إلى المسجد الحرام ستبلغ 400 ألف متر مربع بتكلفة قدرتها السلطات السعودية ب 20 مليار دولار، فضلا عن توسيع شبكة النقل، وستسمح التوسعة باستقبال 2.2 مليون مصل وقاصد للمسجد الحرام، وبالتالي تلبية رغبات كافة الدول الإسلامية بزيادة عدد حجاجه. عن جريدة العلم