الذين تتناساهم الأحداث ويتخلفون عن الركب في الأزمات والمآسي غالبا ما يجبروا حظهم للظهور بمظهر الحكيم الناصح الفقيه المتعلم، وخصوصا إذا كان هؤلاء متابعون جنائيا في قضايا اختلاس وهم يقدمون أنفسهم للناس على أساس أنهم مناضلون ومدافعون عن حقوق الآخرين. فمنذ سقوط الطفل ريان في البئر ومع تنامي حملة التضامن والتلاحم والتآخي الوطني ظهر أحد الانتهازيين المتهمين في ملفات تبييض الأموال من ثقب حائطه بالفيسبوك بعدما كان صامتا لسنوات، وظهر في تدوينة غريبة ينصح فيها السلطات المغربية بدعوة دولة أجنبية لمساعدتها في الحفر وإنقاذ ريان. وحاول منجيب استغلال تصريح منسوب للمهندس المذكور، من أجل تزكية ما ذهب إليه من أفكار الغرض منها التشكيك في كل ما هو وطني، وتصوير المغرب على أنه بلد غير قادر على القيام بعمليات إنقاذ مثل هاته أو غيرها، بينما يشهد الجميع بمن فيهم خبراء في المجال وعلى رأسهم الخبير الأمريكي دالان زارتمان، الذي قال إن هذه العملية هي الأحسن، وأنه لو وقعت في أمريكا لقمنا بنفس الشيء وفي وقت أطول لأننا نخاف على أنفسنا. وأمام انتهازية المعطي منجيب اضطر المهندس المذكور إلى إصدار بيان حقيقة قال فيه "على اثر سقوط الطفل ريان، تغمده الله برحمته الواسعة، في بئر مهجورة ، ثم اقحام اسمي وصفتي بطريقة سلبية في الموضوع لغايات مغرضة أجهلها، رغم أنني أدليت بوجهة نظري الشخصية التي لا تلزم غيري، كمواطن متأثر بهول الفاجعة، وكمهندس متخصص في هندسة الموارد المائية حول ما ينبغي توفيره في إطار التفكير الاستشرافي مستقبلا، من تجهيزات وبروتوكولات للتدخل بكيفية استباقية لمواجهة حوادث صعبة ودقيقة من هذا القبيل، وهي وجهة نظر لا تمس مطلقا بالجهود الجبارة التي تم تعبئتها في وقت قياسي لمباشرة عملية الانقاذ فور وقوع الحادثة". وأضاف حتى لا يتم تغليط الرأي العام الوطني والأجنبي بشأن تحريف مضامين ومقاصد التصريح الذي ساهمت به في الموضوع، فإن السلطات العمومية قامت بتسخير كل الامكانيات البشرية والتقنية والخبرات الفنية المعمول بها على الصعيد الدولي، فضلا عن الوسائل الكبيرة من آليات الحفر العصرية وسائل الاشغال العمومية المتطورة من أجل انقاذ الطفل ريان؛ وإن السلطات المحلية و الوقاية المدنية و الكفاءات الوطنية المختصة ذات الخبرة العالية، من مؤطرين و مهندسين، لم يدخروا جهدا لتسريع و تيرة الاشغال، و تأطير عملية الانقاذ بكيفية تأخذ في الاعتبار المخاطر المتوقعة في مثل هذه العمليات الدقيقة. وأشار إلى أن الجيولوجيا الصعبة وطبيعة التربة المعقدة التي تتسم بها المنطقة ساهمت في تعقيد مأمورية فريق العمل لكن ثم تجاوزها بفضل الخبرة الهندسية الوطنية، وروح التضحية والمهنية ونكران الذات التي تحلت بها أطقم السلطات المحلية والوقاية المدنية وتعبئة ساكنة المنطقة، إضافة الى وسائل الحفر المتطورة التي استعملت.