في مشهد سوريالي ومضحك انتقد رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب عبد الله بوانو، مهرجان موازين بكل الكلمات التي تستقي مضمونها من عقل أصولي وفكر متخلف ضد أكبر مهرجان يعتبر واجهة وانفتاح المغرب على العالم، من خلال دبلوماسية الثقافة والفن. انتقاد بوانو وفريقه من محبي ما يسمونه "الفن الملتزم"، أبان عن محدودية نائب برلماني ينتمي إلى الأغلبية وحزبه يسير الحكومة، وكشف، أننا فعلا أمام ساسة يجعلون من الفن مطية سياسية تريد أن ترجع بالمغرب والمجتمع إلى سنوات قمع الفكر واختيار الدوق الفني، في حين أن الفن هو معطى عالمي وتراث إنساني مشترك بين الجميع. صقر "الببجدي"، الذي منح له هذا اللقب سهوا، اعتبر أن مهرجان موازين يمول من قبل الدولة، وأن المغرب يعيش أزمة، لدى وجب منع المهرجان الذي يعرف حضور فنانين عالمين وجمهور يفوق الملايين، لكن أن يقول بوانو في اجتماع لجنة المالية في مجلس النواب، "كيف يتحدث الكل عن أزمة في الوقت الذي تغدق فيه المؤسسات العمومية على المهرجانات بالطول والعرض وكلها مهرجانات فنية كبرى لا مثيل لها في البلدان النامية"، يشار إلى أن عددا من قادة العدالة والتنمية سبق لهم أن عبروا عن رفضهم لتنظيم مهرجان موازين، بوانو علق على الموضوع بالقول "الكرش ملي كتشبع كتقول للرأس غني...".
أكيد أن "الكرش" التي تشبع بالمال الحلال، وبعرق الجبين، تمنح لذاتها الحق في السعادة، وكل مغربي يختار سعادته والاستماع إلى ما يحب من الأغاني وتتبع الأفلام والخروج إلى المهرجانات والسينما، فلا يحق لبوانو أن يتكلم باسم المغاربة ويمنع الدوق الفني ويحرم ويحلل حسب مقاس حزبه، فهو يعرف أن ذاته الأصولية تعشق غلام العدل والإحسان والاستماع إلى الامداح النبوية والموسيقى " الدينية"، والتي وظفها حزب العدالة والتنمية في حملته الانتخابية، كما وظف فن " الراب"، لما حوله الشيخ وسار "راب ديني". يا له من مكر التاريخ أن يحول أتباع العدالة والتنمية كل شي وفق أهوائهم، التي تبقى حبيسة ذوات اجتمعت فيها كل العقد، وهذا ما أبان عنه بوانو لما تكلم عن مالية مهرجان موازين، وهو لا يعرف حتى كيف يدبر المهرجان ميزانيته وشركاؤه ومموليه، فهل موازين يمول من ميزانية الدولة؟ رغم أن الجواب كان لابد أن يكون عند بوانو باعتباره ينتمي غلى مؤسسة تشريعية وحزبه يحكم، وكان عليه أن يسأل صديقة الوزير الأزمي المكلف بالميزانية، أو رفيقه بوليف الذي سبق هو الآخر أن نادى بمنع مهرجان أصوات نسائية بمدينة تطوان رفقة الأصولي بوخبزة، لكن المهرجان نظم لأن ميزانيته هي من القطاع الخاص ولا تحتاج لدريهمات مجلس تطوان.
رغم أن محاربة حزب العدالة والتنمية للمهرجانات الفنية منذ مدة وليست وليدة اليوم، ورغم "هرطقة" كل من بوانو وبنخلدون والادريس أبوزيد... حول حضور "التون دجون" بمنصة السويسي بالرباط، حضر الفنان وأمتع جمهوره الذي قدر بالآلاف. فالغريب أن ينتقد المهرجان بعض العشرات، ومنهم حزب العدالة والتنمية الذي يستعمل أسلحة "عاشوراء" للتهجم على الدوق الراقي، في حين حضر حفلات إليسا وشاكيرا ونانسي وشيرين وماجدة والدكالي وبلخياط ولائحة طويلة... مئات الآلاف من الجمهور بكل عفوية، فالجمهور لم يتم إخراجه من منازلهم بالقوة من أجل تأثيث المشهد، بل نجد ان الكثير منه يؤدي تذكرة الحضور للاستمتاع بالفن، ليبقى بوانو ومن معه رهين فكر متحجر يقتات من نقد فارغ غير مستوحى من الفن الراقي، ويهاجم المهرجان من معطيات غير صحيحة، فمالية مهرجان موازين لا تعتمد على أي درهم من ميزانية الدولة، كما تروج ذلك بعض الجهات المناوئة لتنظيم المهرجان، فيكفي بوانو، أن يطلع على موقع المهرجان وبعض الاصدارات الخاصة به لمعرفة المؤسسات والشركات الداعمة للمهرجان، وهي بالمناسبة لا تضم أي مؤسسة حكومية. وقد أكد عزيز داكي، المدير الفني لمهرجان في أكثر من مناسبة أن المهرجان الذي تنظمه جمعية "مغرب الثقافات" تعتمد أساساً على التمويل الذاتي من خلال موارد متنوعة، من قبيل بيع التذاكر في بعض السهرات وعائدات الإشهارات والرسائل النصية القصيرة بحوالي 68%، وأما مساهمات القطاع الخاص فتبلغ زهاء 32% من ميزانية المهرجان، وبالتالي فإنه لا توجد حالياً أية مشاركة أو دعم مادي من المؤسسات العمومية التابعة للدولة.
ما لم يدخل إلى عقل يوانو الجاحد بانجازات موازين، هو أن المهرجان قادر على يجمع مئات الآلاف وهو ما لا يمكن أن يجمعه مهرجان خطابي لحزب العدالة والتنمية، وليجرب بوانو حظه و "يطلع" الى إحدى المنصات، ليرى ان لا أحد سوف يستمع لخطابات الفارغة والتي لا تعرف سوى " البولميك". فالعقدة الوحيدة التي تلازم فكر بوانو ومعه أفتاتي ومناضلي آخر الدرجات، أن موازين يعرف حضور الفنانين القادمين من كل بقاع العالم، وبجماهير تعدت دورة السنة المنصرمة، أزيد من 3 مليون متفرج، فيما تابع حفلات المهرجان أكثر من 100 مليون مشاهد عبر التلفزة في العالم، هذا لا تجمعه شعبوية بنكيران ولا هرطقة بوانو...فرجاء استحيوا من الفن انه بريء منكم وكبير عليكم بزاف..