مازالت كل منصة من منصات مهرجان «موازين» لهذه السنة، الموزعة في كل أرجاء العاصمة الرباط، تستقطب ما يفوق المائة ألف في كل عرض من العروض المقدمة، واستطاع بالفعل هذا المهرجان أن يجعل من نفسه قبلة للمغاربة، يأتون إليه من كل حدب وصوب، من وجدة ومن فاس ومن الأقاليم الجنوبية، ومن وسط المغرب وشماله، ومن كل المناطق. رواد «موازين» مغاربة بكل ما تحمله كلمة مغاربة من معنى، لا يمكن أبدا نعتهم بالاستلاب، أو بالتقليد أو بأي نعت من النعوت التي قد تخدش شخصيتهم، بل إنهم بحق المغاربة المؤمنين بالتنوع و بالاختلاف، ولا يمكن لنا أن ننوب عنهم في رفض أو قبول شيء ما من قبيل مهرجان «موازين» مثلا، فهم أسياد لأنفسهم في الاختيار وفي الذوق كذلك. وأرجح أن يكون مبدأ تكريس ثقافة الاختلاف، هو الدافع وراء الرغبة في حضورهم بكثافة في مثل هذه اللقاءات والمناسبات، خاصة إذا لاحظنا أن غالبية اللغات الوطنية والدولية لها موقعها ومكانها في «موازين»، لا أطري على هذا المهرجان ولكن هذه هي الحقيقة. في 2011 تقدمت الوزيرة الوحيدة في الحكومة الحالية، منذ أن كانت نائبة برلمانية، بطلب إحاطة في مجلس النواب باسم حزبها، ومما جاء في هذه الإحاطة: «...ا سدل الستار على مهرجان موازين الذي نظم في تحدي سافر للدعوات التي قام بها مجلس النواب ... فإن حاجتنا إلا المليار و200 ألف درهم، الذي منح لراقصة ساقطة اختتم بها المهرجان من الناحية الرمزية هو أغلى، وهدره بمرارة أكبر لأنه ثمن لعرض بورنوغرافي، مليء بالإيحاء الجنسي والتحريض على الإباحية وضرب للمنظومة القيمية للمجتمع المغربي... وهو افتضاض لكرامة المرأة، التي حولتها الراقصة إلى صورة المرأة الجسم، بل المرأة الجنس..»، في يوم الأحد 26 ماي 2013 استضاف محمد تيجيني مقدم برنامج «ضيف الأحد» عبد الله بوانو رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، وطرح التيجيني على بوانو سؤالا تعلق بمهرجان «موازين» في دورته الحالية، وقال بوانو إن موقف العدالة والتنمية من هذا المهرجان كان يتكلم على التمويل والتوقيت وبعض الفقرات، وأشترط بوانو أن تحترم الفقرات الخصوصية المغربية، وأن المواقف التي كانت لحزب العدالة والتنمية من موازين مازالت قائمة، واستبعد حضور أي عضو من أعضاء حزب العدالة والتنمية حفل من حفلات المهرجان. التاريخ لا يعيد أبدا نفسه، ولكن ما حصل مع الفنانة الكولومبية من أصل لبناني «شاكيرا» في دورة سابقة حضر حفلها في منصة السويسي، ما يقارب 200 ألف مغربي، حصل في الطبعة الحالية ل»موازين» مع الفنانة البريطانية «جيسي دجي»، التي قدمت هي الأخرى عرضا استعراضيا، يمكن أن نختلف أو نتفق عن الكيفية التي تم بها، لكن في الأول وفي الأخير، لا يمكن لأي واحد منا أن ينزع عن «جيسي» صفة الفنانة ويلصق بها صفة تمس من كرامتها، كما وقع في الإحاطة التي قدمتها النائبة البرلمانية فيما مضى، ولا يمكن أن يتم ذلك حتى لو توحد الرأي في المغرب على أن طريقة العرض فيها شيء من الجرأة.